شهدت الأسرة الصحافية العراقية في العاصمة العراقية بغداد، السبت، انبثاق نقابة جديدة للصحافيين العراقيين، حملت اسم «النقابة الوطنية للصحافيين العراقيين»، ووعدت خلال مؤتمرها التأسيسي الأول، الذي أقيم بحضور جمع من الإعلاميين والقانونيين والسياسيين في البلاد، «بالاستقلالية تجاه مختلف السلطات، وبذل الجهود لتشريع قانون حق الحصول على المعلومات، والدفاع عن حريات التعبير والتفكير، والالتزام التام بقواعد وشروط العضوية، وترقية المهنة الصحافية بما يجعل منها سلطة رابعة حقيقية لا تخضع لرغبات السلطة». في حين اعتبر مؤيد اللامي نقيب الصحافيين العراقيين أن «انبثاق نقابة جديدة للصحافيين تتعارض مع الدستور، وليس لها أي غطاء قانوني». وأضاف اللامي في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن هذه النقابة الجديدة «فاقدة الشرعية منذ البداية؛ لأنها تتعارض مع القوانين والأنظمة النافذة، وهي ليست أكثر من محاولة لتمزيق الجسم الصحافي العراقي؛ تحقيقا لأغراض وأجندات لبعض الساسة». وأبدى اللامي أسفه على «مثل هذه المحاولات»، معتبرا أن «باب العمل النقابي مفتوح للجميع، وأن من يريد أن يغير فإن عليه ولوج العمل النقابي، لا سيما أن نقابة الصحافيين ذات التاريخ العريض ليست حكرا على أحد وليست ملكا لأحد». وشهدت الساحة الإعلامية في العراق خلال السنوات الأخيرة، سجالات واعتراضات كثيرة على عمل نقابة الصحافيين، خصوصا بعد إقرار قانون حقوق الصحافيين في أغسطس (آب) الماضي، من قبل البرلمان العراقي، بسبب تضميه قوانين موروثة من زمن النظام السابق تتيح للسلطة التنفيذية الهيمنة على وسائل الإعلام، في وقت وصف فيه إعلاميون انتقال عدوى الحراك السياسي المتشنج في ميادين المظاهرات، المؤيدة منها والمعارضة للسلطات، إلى بنية التنظيم النقابي للصحافيين. وقال نقيب «النقابة الوطنية للصحافيين العراقيين الجديدة» عدنان حسين لـ«الشرق الأوسط» عن سبب انبثاق النقابة الجديدة: «دستورنا يكرس مبدأ حرية التفكير والتعبير والتنظيم، وفي هذا الإطار يضمن التعددية والديمقراطية التي نتطلع إلى ترسيخ أركانها في البلاد». وأضاف: «ستركز جهودها أولا على محاولات الدفع نحو الاستقلالية تجاه السلطات، وإصدار تشريع حق الحصول على المعلومات، والدفاع عن حريات التعبير والتفكير، والالتزام التام بقواعد وشروط العضوية». وشدد على أنه «بغياب مثل هذه التشريعات، يتعذر على الصحافة القيام بواجبها الأول، وهو تقديم خدمة الحقيقة إلى الشعب». وأوضح حسين «أن الكيان الجديد ليس بديلا عن أي كيان قائم، كما أن العضوية فيه لا تتعارض مع عضوية (نقابة الصحافيين العراقيين)؛ لكون التعددية النقابية، كالتعددية الحزبية، مطلوبة ومفيدة من ناحية تشديد المنافسة على خدمة الجمهور بصفة عامة، أو بعض شرائحه بصفة خاصة». وتعد نقابة الصحافيين العراقيين التي تشكلت سنة 1959، هي النقابة الأم في العراق، وينتمي إليها معظم الصحافيين والإعلاميين العراقيين، كما أن هنالك أكثر من تشكيل نقابي للصحافيين في العراق؛ لأن الدستور العراقي يسمح بتعدد النقابات والاتحادات. الإعلامي د. هاشم حسن عميد كلية الإعلام بجامعة بغداد قال: «لدي أمنيات كثيرة نحو تشكيل نقابي جديد للصحافيين، أولها أنها مهمة لأجل البدء بتأسيس دولة ديمقراطية حقيقية، التي لا يمكن لها أن تقام من دون صحافة حرة، كما أن ربيع المنظمات المهنية وأولها ربيع الصحافة ما زال حلما ننتظر أن نراه على أرض الواقع؛ كي نقوم على فساد السلطة في البلاد». وأضاف: «نتمنى على النقابة الجديدة أن ترعى (صاحبة الجلالة)، ولا تجعلها مهنة من لا مهنة له، كيما تعيد للجواهري، مؤسس النقابة الأم، كرامته التي انتهكها من خلفه». فيما أكدت النائبة ميسون الدملوجي عضو لجنة الثقافة والإعلام البرلمانية خلال حضورها المؤتمر فيما يخص شرعية النقابة بالقول: «لا وجود لنص في الدستور العراقي يمنع وجود أكثر من نقابة لمهنة ما»، مشيرة إلى أن «الثقافة التراكمية للشعب العراقي تعتبر أن النقابة واحدة ولا يمكن أن يكون هناك تعدد في النقابات». وأضافت أن «مشكلة نقابة الصحافيين العريقة تعمل بقوانين النظام السابق، ولم تستطع التكيف مع المتغيرات رغم الطفرة الكبير التي حدثت لمهنة الصحافة في السنوات العشر الأخيرة». واعتبرت «وجود أكثر من نقابة ينسجم مع التعددية وحرية التعبير، ويصب في النهاية لمصلحة المواطن»، مشيرة إلى أن «وجود نقابة وطنية حقيقية يضع حدا لاستغلال للمال السياسي واستغلال الصحافيين وعمليات التهديد والإساءات والمخاطر التي تعرض لها أصحاب هذه المهنة