الجوال

اتفق المختصون في مجال الاتصالات، على أنّ الاتصال التقليدي عبر الهاتف الثابت والجوال، واحتساب التكلفة نظير المكالمات، سواء كانت محلية أو دولية، تقلص بشكل كبير، الأمر الذي جعل مشغلي الاتصالات يلجأون لابتكار الخدمات والمنتجات المتجددة، التي تجعل خدمة الاتصالات الرقمية عبر الإنترنت هي الأعلى من حيث الدخل العام.

وأكّد الكاتب الاقتصادي المطلع على صناعة الاتصالات الدكتور عبد العزيز الغدير، في تصريح له، أنّ "نسبة العائد من المكالمات الهاتفية التقليدية لن تتجاوز 10 في المائة من الدخل العام لشركات الاتصالات في السعودية، في الأعوام الـ5 المقبلة، وستكون الـ90 في المائة المتبقية عبارة عن خدمات متعلقة بالبيانات الرقمية، وإيجاد فرص استثمارية عبر هذه المنتجات".

واعتبر الغدير أنّ "ما يحدث من انخفاض في معدل استخدام الاتصال التقليدي كان أمرًا متوقعًا، ولم يكن وليد اللحظة، فقد بدأت من وقت دخول الإنترنت في المنطقة وبدء التواصل الاجتماعي عبر الكومبيوتر، وتطوير خدماته، حتى دخول أجهزة الجوال الحديثة، التي بدأ المسوقون لها في ضخ أجهزة متطورة، تواكب ما تقدم من خدمات الإنترنت، إضافة إلى كثير من المنتجات التي تتميز بها لتسهيل التواصل الاجتماعي".

وأشار الدكتور الغدير إلى أنّ "شركات الاتصالات هي من يتحكم في تقديم خدمات الإنترنت بجميع أشكالها، الأمر الذي يحافظ على بقائها في المنافسة، ويجعل التكنولوجيا الحديثة وتداعياتها تتقدم تدريجيًا، حسب الخطة التي ترسمها، فضلاً عن تقديم المنتجات وتطويرها بشكل مستمر، والسماح بمرورها عبر أنظمتها، ولديها بالتأكيد خطط استراتيجية بعيدة المدى تسمح لها بالاستمرارية والمنافسة".

وكشفت هيئة الاتصالات وتقنية المعلومات السعودية، العام الماضي، عن دخول مشغل افتراضي. وتستضيف شركات الاتصالات في السعودية مشغلاً واحدًا يتبع لها. وكانت الأسبقية لشركة "فيرجن موبايل"، وانطلاقتها وتفعيلها للخدمة في تشرين الأول/أكتوبر من العام الماضي، كالمشغل الافتراضي الأول مع شركة الاتصالات السعودية، واتحاد "جوراء" مع شركة اتحاد الاتصالات "موبايلي" وشركة "زين"، عن تشغيل المشغل الافتراضي لكلتيهما في وقت قريب من العام الجاري.

وأضافت الهيئة "هناك ترخيص ثالث سيمنح لإحدى الشركات، لم يعلن عنها، وذلك لاستكمال إجراءات الترخيص، وستقوم هذه الشركة بتقديم خدماتها مع مقدمة الخدمة المضيفة شركة الاتصالات المتنقلة (زين)".

وبيّن الرئيس التنفيذي لشركة "فيرجن موبايل" في السعودية كريم بنكيران، في تصريح له، شدة المنافسة القائمة بين الشركات المشغلة للاتصالات في السعودية، معتبرًا أن "السوق السعودية الأقوى في المنطقة، نظير ما تقدمه الشركات من خدمات عالية الجودة، وحرص هيئة الاتصالات وتقنية المعلومات السعودية على مراقبة هذه المنافسة من حيث دعمها المستمر لصالح العملاء".

وأضاف بنكيران أنّ "الفرص والمنافسة قائمة بين كل الشركات المشغلة نحو تقديم خدماتها بطرق مختلفة تجذب من خلالها العملاء"، معتبرًا أنَّ "خدمات الإنترنت تفتح مجال المنافسة بشكل أقوى من سابقه، وأن اعتماد العملاء على الهاتف المتنقل الحديث في تعاملاتهم المختلفة عبر قنوات التواصل الاجتماعي المتاحة خلق فرصًا لشركات الاتصالات والمشغلين لتقديم منتجات وابتكارات تجذب بها العملاء".

وأشار الرئيس التنفيذي لـ"فيرجن موبايل" في السعودية، إلى توجه شركات الاتصالات في الوقت الراهن إلى السباق نحو تقديم عروض ومفاهيم تقنية لمستخدمي الإنترنت، والتسارع نحو شراء الأفكار والابتكارات الجديدة، التي تميزها عن باقي الشركات المشغلة، وأن الأمر سيتدرج في الأعوام المقبلة، لتتجاوز العائدات المالية لاشتراكات الإنترنت ما ينفق على الاتصالات التقليدية.

وأبرز بنكيران أنّ "قطاع الاتصالات في السعودية هو الأكبر في الشرق الأوسط بحسب الدراسة التي أجرتها (فيرجن موبايل)، فثمة أكثر من 56 مليون مشترك في خدمات الجوال، أي ضعف عدد سكان السعودية تقريبًا، وأحد أعلى معدلات انتشار الجوال في العالم، وأن نسبة 65% يملكون اثنين أو أكثر من الأجهزة الجوالة، وإلى جانب الهواتف الذكية يصرف ثلث سكان السعودية 4 ساعات على الأقل يوميًا في استخدام جهاز لوحي مزود بشبكة إنترنت من الجيل الثالث".

ويتفاوت مستخدمو الهاتف الجوال حسب المنطقة والبلد، لاعتبار أن المستخدمين على مستوى مختلف من المعرفة بالتقنية الحديثة وكيفية استخدامها، وأن النسبة الأكبر من مستخدمي خدمات التواصل الاجتماعي بمختلف وسائله هي من نصيب الشباب، بصفة أكبر لمعايشتهم التقنية الرقمية الحديثة.

وأوضح أستاذ علم الاقتصاد لدى جامعة الملك عبد العزيز في جدة الدكتور فاروق الخطيب، أنّ الأمر لا يزال في بداياته في بعض مناطق ومدن وقرى السعودية، وأن الأسر في السعودية تتفاوت في استخدامها لوسائل التقنية الحديثة، وثقافة استخدام التقنية الرقمية لا يزال لدى البعض مجهولاً وغير مفعل، لاسيما لدى ربات البيوت وكبار السن، والبعيدين عن التقنية المتسارعة في عالم الاتصال.

وأكد الدكتور الخطيب "وجود ثورة في عالم الاتصال بشكل عام في مختلف أنحاء العالم، وأنها لن تقف عند حد معين، لدرجة أننا أصبحنا لا نتنبأ بما هو آت من تقنية رقمية جديدة"، مشيرًا إلى أن "ما تقدمه شركات البرمجة والمنتجة للهواتف الجوالة أصبح شغفًا يلاحق كل المتطلعين لمزودي الخدمات والعملاء".