رئيس الوزراء المكلف محمد توفيق علاوي

غداة تلويح رئيس الوزراء المكلف محمد توفيق علاوي بالانسحاب من مهمة تشكيل الحكومة العراقية القادمة، بسبب استمرار حمامات الدم ضد المتظاهرين، دعت المرجعية الدينية العليا في النجف، أمس، إلى تشكيل حكومة تحظى بثقة الشعب.

وقال بيان صادر عن المرجع الشيعي الأعلى في العراق، آية الله علي السيستاني، تلاه ممثله في كربلاء أحمد الصافي، خلال خطبة الجمعة، إن «المرجعية الدينية قد حدَّدت في خطبة سابقة رؤيتها لتجاوز الأزمة السياسية الراهنة، وأوضحت أن الحكومة الجديدة التي تحل محل الحكومة المستقيلة يجب أن تكون جديرة بثقة الشعب، وقادرة على تهدئة الأوضاع، واستعادة هيبة الدولة، والقيام بالخطوات الضرورية لإجراء انتخابات مبكرة في أجواء مطمئنة، بعيدة عن التأثيرات الجانبية للمال أو السلاح غير القانوني، أو للتدخلات الخارجية».

 

وفيما بدا أنها تؤيد ضمناً المسار الحالي بشأن تكليف محمد توفيق علاوي بتشكيل هذه الحكومة، رغم عدم إعلان أي جهة سياسية أو برلمانية تأييدها العلني له، فإن المرجعية أضافت أنها «تؤكد مرة أخرى أنها غير معنية بالتدخل أو إبداء الرأي في أي من تفاصيل الخطوات التي تتخذ في هذا المسار».
 

إلى ذلك، وبينما أعلن ائتلاف «الوطنية» بزعامة إياد علاوي عدم تأييده لتكليف محمد علاوي، فإن ائتلاف «دولة القانون» بزعامة رئيس الوزراء الأسبق نوري المالكي، ربط تأييده لهذه الحكومة باستقلاليتها وعدم خضوعها للضغوط من الكتل السياسية الأخرى، التي تعلن في العلن أنها مع حكومة مستقلة بينما تفرض في السر وزراء على رئيسها. وفي وقت لم تعلن فيه كل من كتلتي «سائرون» المدعومة من زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر، و«الفتح» بزعامة هادي العامري، تأييداً علنياً لتكليف علاوي، فإن ما يدور خلف الكواليس يؤكد أن هاتين الكتلتين هما من دعمتا علاوي، وهو ما أدى إلى إصدار مرسوم تكليفه من قبل رئيس الجمهورية برهم صالح.
 

والى جانب موقفه من تشكيل الحكومة، عدَّ السيستاني أن القوات الأمنية هي الجهة الوحيدة المخولة حماية المتظاهرين دون سواها من الجهات. وقال السيستاني إنه «على الرغم من النداءات المتكررة التي أطلقتها المرجعية الدينية حول ضرورة نبذ العنف والالتزام بسلمية التظاهرات، وتنقية الحراك الشعبي المطالب بالإصلاح من الأعمال التي تضر بمصالح الناس وتفقده تضامن المواطنين وتعاطفهم، فإن ذلك لم يحُل دون وقوع حوادث مؤسفة ومؤلمة خلال الأيام الماضية»، مبيناً أنه «في الوقت الذي تدين فيه المرجعية الدينية كل الاعتداءات والتجاوزات التي حصلت من أي جهة كانت، وتعزي العائلات التي فقدت أحبتها جراء ذلك، وتدعو للجرحى والمصابين بالشفاء العاجل، فإنها تؤكد على ما سبق أن أشارت إليه في مناسبة أخرى، من أنه لا غنى عن القوى الأمنية الرسمية في تفادي الوقوع في مهاوي الفوضى والإخلال بالنظام العام، فهي التي يجب أن تتحمل مسؤولية حفظ الأمن والاستقرار، وحماية ساحات الاحتجاج والمتظاهرين السلميين، وكشف المعتدين والمندسين».
 

وفي هذا السياق، يقول الباحث السياسي والمستشار السابق لرئيس الجمهورية فرهاد علاء الدين، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، إن «المرجعية أرادت أن تقول بأنها غير معنية بتفاصيل تشكيل الحكومة، وهذا بشكل غير مباشر يعني أن المرشح ليس من اختيارهم، ولن يتدخلوا في الوزارات وتشكيلاتها». وأضاف علاء الدين أن «تكرار الطلب بإجراء الانتخابات هو تأكيد على أنهم غير راضين عن الطبقة السياسية الحالية، ويريدون تغيير النظام الحالي من خلال صناديق الاقتراع، كما أنه تأكيد أيضاً على أنهم لن يكونوا داعمين بشكل مباشر للحكومة الحالية، ولا يتوقعون الكثير منها».
 

ورداً على سؤال حول تأكيد المرجعية على دور القوات الأمنية في حماية ساحات التظاهر، يقول علاء الدين إن «المرجعية اتهمت القوات الأمنية بالتقصير والتنصل عن أداء مهامها، سواء تم منعهم أو أنهم لم يقوموا بواجباتهم، كما أنها أدانت القوات غير الحكومية (القبعات الزرق) في استخدام العنف في النجف والمدن الأخرى».
 

بدوره، يرى رئيس «مركز التفكير السياسي»، الدكتور إحسان الشمري، في حديث لـ«الشرق الأوسط»، أن «من المبكر جداً أن نقول إن المرجعية مع المكلف بتشكيل الحكومة من عدمه؛ لكنها ركزت على المهام التي يمكن أن تقوم بها الحكومة؛ حيث إنها وضعت المكلف باشتراط ثقة الشعب، وبالتالي هو أمام تحدٍّ لجهة كسب ساحات الاحتجاج، وعدم الالتفات إلى القوى السياسية والمحاصصة، وهذا هو السبيل الوحيد لنيله ثقة الشعب». وأضاف: «المرجعية أكدت أن مهمة هذه الحكومة هي إجراء انتخابات مبكرة، وبالتالي وضعت خريطة لها بإجراء تلك الانتخابات بعيداً عن المال السياسي والسلاح، وما إلى ذلك، وهو ما يعني أن السيستاني يركز على شكل الحكومة وطبيعة مهامها وليس على المكلف، وهي رسالة واضحة لكل القوى السياسية، بحيث يعيد الكرة مرة أخرى إلى الشرعية الشعبية بالدرجة الأساس».

قد يهمك ايضا

محمد توفيق علاوي يقدم تشكيل الحكومة العراقية الجديدة إلى "النواب" قبل انتهاء المهلة

"تحالف الفتح" يؤكّد وجود 3 مٌرشّحين لتولي الحكومة العراقية وعلاوي الأقرب