عشائر الناصرية

لا يزال الغموض يحيط بقضية الناشط سجاد العراقي الذي قامت مجموعة مسلحة باختطافه، السبت الماضي، وتحولت إلى ما يشبه الأزمة الأمنية الاجتماعية، خصوصًا بعد دخول بعض عشائر الناصرية على خط القضية بين مؤيد ومعارض لعمليات “جهاز مكافحة الإرهاب” الذي أُرسل من بغداد لتنفيذ عملية إطلاق سراح الناشط واعتقال المتورطين.

ورغم معرفة القوات الأمنية بالعناصر الضالعة في الاختطاف ومعرفة أماكن سكنهم وإصدار القضاء مذكرات قبض بحق اثنين منهم، وعمليات الدهم والتفتيش المتواصلة، فإن جهود القوات الأمنية وفي مقدمتها جهاز مكافحة الإرهاب لم تسفر عن نتائج ملموسة على الأرض، ما تسبب في إحراج كبير للحكومة وجهاز مكافحة الإرهاب الذي يعد من أرفع الأجهزة الأمنية من حيث التجهيز والتدريب والانضباط.

وصدرت في اليومين الأخيرين انتقادات غير قليلة ضد قرار الحكومة الاستعانة بجهاز مكافحة الإرهاب وتوريطه في قضية اختطاف الناشط، ما قد يؤدي إلى كسر سمعته القتالية، إن أخفق في مهمته.

وزاد من تعقيد أزمة الاختطاف، الموقف المتشدد الذي صدر أول من أمس (الثلاثاء)، عن عشيرة “العساكرة” ضد الحكومة وجهاز مكافحة الإرهاب بعد قيامه (مساء الثلاثاء) باقتحام منزل شيخ العشيرة كاظم آل شبرم، ما دفع العشيرة إلى مطالبة الحكومة بتقديم اعتذار رسمي. كما طالبت بـ”إيقاف حملات وطلعات الطائرات فوق أجواء القبيلة” في إشارة إلى استعانة الجهاز بطائرات مروحية في إطار حملتها للبحث عن الخاطفين. ورغم تعرض المطالبة بوقف الطلعات الجوية فوق “أجواء القبيلة” لسخرية وانتقاد كثيرين، فإن أحزابًا وفصائل مسلحة مناوئة للحكومة انتقدت إجراءاتها ضد العشائر وصارت تحذّر من إمكانية قيام حرب “شيعية – شيعية”.

وفيما تتحدث مصادر سياسية في بغداد عن تقديم الحكومة العراقية اعتذارًا لشيخ العشيرة، أفادت الأنباء الواردة من الناصرية بانسحاب القوة المكلفة بالبحث عن الناشط من جهاز مكافحة الإرهاب إلى مركز مدينة الناصرية وتركها مناطق العشائر في الأطراف. وتحدث ناشطون عن وقوع “مشادة كلامية بين أحد أفراد عشيرة العساكرة وضابط القوة، بسبب اقتحامهم للمنطقة دون إذن مسبق، ما دفع الشيخ إلى توجيه نداء لأبناء قبيلته للحضور والاحتجاج على سلوك عناصر مكافحة الإرهاب”.

وقال رئيس جهاز مكافحة الإرهاب الفريق عبد الوهاب الساعدي، أمس، في تصريحات لراديو “الناصرية” المحلي إن “الهدف الأول الذي تعمل عليه القوة هو البحث عن المختطَف سجاد العراقي”. وذكر أن “عناصر جهاز مكافحة الإرهاب وقطعات الشرطة المحلية في المحافظة هي قوة عراقية تسعى لتنفيذ القانون وأي تجاوز عليها سيواجه ردًا بمستوى فعل التجاوز”.

وفي مقابل الانتقادات التي وُجهت لجهاز مكافحة الإرهاب من عشيرة “العساكرة”، أشاد الشيخ فرهود شعلان آل سليمان، شيخ عشائر بني زيد في العراق، بتضحيات جهاز مكافحة الإرهاب، وطالب الحكومة بـ”حصر السلاح بيد الدولة والبدء بالأحزاب والحركات العسكرية”.

ووجه الشيخ آل سليمان كلامه في بيانه، أمس، إلى أبناء عشيرته وبقية العشائر قائلًا إن “الحكومة تحترمكم وتعلم علم اليقين أن مضايفكم لا تؤوي القتلة والخارجين عن القانون وتعدّكم الركيزة المهمة في الدفاع عن العراق”.

وأضاف أن “الأحزاب وميليشياتها، وبعد أن قطع أبناؤكم منتسبو جهاز مكافحة الإرهاب الأبطال السبلَ عليها وضيقوا الخناق عليها، راحت تشعل فتيل الفتن لتوقعكم وأبناءكم في فتنة، ولتخفف عنها ما هي فيه”.

بدوره، أكد قائد شرطة محافظة ذي قار العميد حازم الوائلي، أمس (الأربعاء)، استمرار عمليات البحث والتحري عن المختطَف سجاد العراقي. وأشار في تصريحات صحافية إلى “وجود تنسيق ما بين جهاز مكافحة الإرهاب وقيادة الشرطة وأن هناك أهدافًا مهمة تعمل الأجهزة الأمنية على الوصول إليها وتحرير المختطَف”.

من جهته، يقول الناشط رعد الغزي، إن “المبالغات كانت سيدة الموقف فيما حدث خلال اليومين الأخيرين في الناصرية وبقية المدن، بعض الجهات الميليشياوية الخاسرة من عمليات فرض القانون تسعى لاستغلال قضية العشائر لخلط الأوراق”. وأضاف الغزي إن “عملية إطلاق سراح المختطَف سجاد العراقي ليست سهلة رغم الجهد الأمني المكثف، ورغم معرفة المتورطين، نظرًا لطبيعة المنطقة ووجود مناطق الهور والأحراش الممتدة، حيث يمكن للخاطفين أن يتنقلوا فيها بسهولة”. ورأى الغزي أنه “كان بإمكان الحكومة أن تعالج القضية بطريقة أخرى، لكن الأمر يبدو بالنسبة لي يتجاوز حدود إطلاق سراح مختطَف ويتعداه لأهداف أخرى ربما. لا أعرف، ربما تبحث الحكومة عن قائمة طويلة من الخارجين عن القانون”.

قد يهمك أيضًا

قوات الأمن العراقية تهاجم ساحة التحرير لفض الاعتصام بالقوة

التحالف الدولي يعلق أنشطته التدريبية لقوات الأمن العراقية بشكل مؤقت