مجلس النواب العراقي

أُعلن رسميًّا في العراق العثور على عشرات الجثث مجهولة الهوية في شمال بابل، وتحديدا مطلع الأسبوع الجاري، وما زالت القضية تتفاعل بنحو متصاعد وبخاصة مع استمرار الصمت الحكومي عن ملف رأى نواب أن السكوت الرسمي عنه يثير الشبهات، وبخاصة أن الموضوع أعاد فتح ملف آلاف المغيبين الذين اختفوا بظروف مختلفة شمال بابل وشرق الأنبار بعضها غامض والآخر حسب نواب معروفة أسبابه والمنفذ جماعات استغلت وجودها الرسمي في بعض المفاصل الأمنية لتنفيذ عمليات خطف تستهدف مكونات معينة من الشعب العراقي.

وأظهرت وثائق رسمية صادرة عن مديرية صحة بابل، ومديرية بلدية الحلة، حصول موافقة على دفن 31 جثة وأشلاء بشرية “مجهولة الهوية” بعد تجاوزها المدة القانونية لحفظها في ثلاجة الموتى، “دون أن يتفقدها أحد من ذويهم”، وقبل هذا الإعلان نشر مقطع فيديو، ظهر فيه شخص يدعى رعد الشوك معلنا تكفله بدفن الجثث مجهولة الهوية التي عثر عليها شمال بابل ضمن مبادرة إنسانية بعد أن بقيت جثثهم خمس سنوات دون أن يتعرف عليها أحد، وهو ما أحدث عاصفة من ردود الفعل السياسية والشعبية رأى أغلبها أن القضية صادمة، وأن المغيبين المختفين منذ خمس سنوات عقب أحداث حزيران 2014، ربما يكون مصيرهم ذات المصير ما بين منتظر بثلاجة الموتى وما بين آخر دفن تحت التراب دون أن يعرف بمكانه ذووه أو يعرفون مصيره قبل ذلك.

وما بين محذر من استثمار الموضوع سياسيا لتصفية الحسابات وإحراج الحكومة “الصامتة” حتى الآن، برز أول تحرك رسمي عبر رئيس مجلس النواب محمد الحلبوسي الذي أعلن، الثلاثاء أن الجثث مجهولة الهوية التي تم العثور عليها في محافظة بابل، لا تحمل الصبغة الطائفية.

وقال الحلبوسي في مؤتمر صحافي مشترك مع رئيس لجنة الأمن والدفاع محمد رضا آل حيدر، ووزير الداخلية ياسين الياسري وقائد عمليات الفرات الأوسط وقائد شرطة بابل، إن "الحادث ليس طائفيا ولا يمت للأمر بصلة، بل هي (الجثث) نتاج حوادث متفرقة من كل أنحاء بابل".

وأضاف الحلبوسي أن “مجموعة الجثث مجهولة الهوية، البالغ عددها 31 جثة، جزء منها جنائية، وأخرى مجهولة الهوية، وأخرى ناتجة من عمليات تحرير منطقة جرف الصخر”، ولاقى هذا الحديث ردود فعل غاضبة رأت أن مضمونه كان مستعجلا، وبخاصة أن الموضوع لم يجرِ التحقيق فيه، ولم تعلن الحكومة التحرك بشأنه في ما حذر سياسيون من أن العراق بعد حادثة بابل بات في عين العاصفة.

وقال رئيس تحالف القرار أسامة النجيفي في تغريدة له “كشف ملف المغيبين وعقاب المجرمين وعودة النازحين مؤشرات إيجابية وما دون ذلك كذب ومراوغة وتواطؤ مع القتلة والسؤال أين الدولة؟ وهل تستطيع كبح اللادولة المتغولة والمتضخمة في منظومتها؟”.

جاء حديث النجيفي بعد ساعات من مؤتمر الحلبوسي، وهذا فسره مراقبون على أنه اتهام مباشر لرئيس مجلس النواب بالتواطؤ مع من يحاولون إغلاق ملف الجثث في بابل دون إجراء تحقيق رسمي لأنهم يعرفون القاتل ويخشونه ربما، ولم تتوقف القضية عند هذا الحد، ما بين رافض ومنتقد، بل ألمح النائب عن محافظة الأنبار عبدالله الخربيط، إلى أن هناك مساعي للمكون السني باللجوء إلى المجتمع الدولي، على خلفية العثور على جثث مجهولة الهوية في منطقة جرف الصخر شمال بابل.

وذكر الخربيط في تصريح صحافي أن "الأمر خطير بالنسبة إلينا ومستقبل مناطقنا، لا سيما بعد أن ثبت لنا أن الحكومة غير قادرة لا على القيام بواجباتها المنصوص عليها دستوريا في حماية المواطن، ولا مساعدتنا نحن كنواب للمناطق المحررة حتى نستطيع أن نفعل شيئا حيال استمرار مثل هذه المآسي التي بات من الواضح أن أبناء مناطقنا من مكون معين (في إشارة إلى المكون السنّي) هم المستهدفون بالدرجة الأساس".

وأضاف أن “كل النواب من المحافظات الغربية على تواصل بشأن هذا الأمر، وربما يكون مقدمة للكشف عن أشياء أخرى قد تكون أكثر رعبا”، وأشار إلى أنه “أمام عجز الحكومة حيال ما يجري؛ فإن اللجوء إلى المجتمع الدولي يصبح خيارا طبيعيا بالنسبة إلينا، لأننا على ثقة بأن موضوع المغيبين والمخطوفين والمغدورين لن يجد حلا عراقيا، لأن الحكومة غير قادرة على محاسبة المقصّر، وبالتالي هم يجبروننا على طرق باب التدويل”.

وبالعودة إلى المواقف الرافضة لما تحدث به الحلبوسي فقد كان أثيل النجيفي القيادي في تحالف القرار، أكثر وضوحا خلال تعليقه على ما جرى في مؤتمر رئيس مجلس النواب الصحافي، ورأى في تغريدة أن “القضية ليست قضية 31 أو 50 أو 130 جثة مجهولة الهوية، بل هي قضية آلاف المغيبين والمخطوفين الذين اختفوا أو نقلوا إلى شمال بابل”.

وأردف أنه “لا يمكن اختصار مصيرهم بالتصريح الذي صدر عن رئيس البرلمان ومن معه”، مضيفا “وهي ليست قضية طائفية فما زال ملايين الشيعة يرفضون هذا التعامل اللا إنساني”.

قد يهمك ايضا

القوَّات السوريَّة تعثر على عشرات الجثث المتحللة ضمن مقابر جماعية في "البوكمال"

حربا "الدم والشجاعة" و"الحقيقة والأكاذيب" تقوضان أفغانستان وتتسببان في الخسائر