معرض العراق الدولي للكتاب

كتب البعض حول معرض العراق الدولي للكتاب، طارحًا تساؤلات ملتبسة، وبعضها بقصد تشويه الحقائق المرتبطة بالسياقات التي لازمت إطلاقه في إطار مشروع المدى الثقافي الذي تواصل منذ عقود في الخارج وبعد سقوط النظام الاستبدادي في بغداد.

والذاكرة الثقافية العراقية التي لا شبهة حول مقاصدها تستذكر عشرات الفعاليات التي نظَّمتها "المدى" بما في ذلك معارض الكتاب في بغداد حين كانت قطعان الإرهاب تعبث بأمن العراقيين وتستهدف تطلعهم لمعافاة وطنهم .

ولتوضيح سياقات إطلاق المعرض نبين الحقائق التالية :

اولًا: رأت مؤسسة المدى أن الوقت قد حان لاستكمال أدواتها المعرفية بإقامة معرضها للكتاب في بغداد وكذلك في البصرة، ليس بمعزل عن المطالبات والتساؤلات المتكررة الواسعة للمثقفين والأوساط المتابعة للنشاط الثقافي حول ضرورة إبداء “قدرٍ أكبر من اهتمامها” لبغداد وعدم اقتصار اهتمام المدى بإقامة معرض الكتاب في أربيل والإقليم وإهمال بغداد وحواضرها الأخرى .

ثانيًا: ووفقًا للسياقات الأصولية قدمت المؤسسة طلبًا رسميا إلى وزارة التجارة باعتبارها الجهة المعنية بتأجير أرض المعارض للعارضين بمختلف تخصصاتهم وحددت موعد الحادي عشر من شهر كانون الأول لإقامة معرض العراق الدولي. آخذين بالاعتبار أن جهة أخرى تنظم معرضها في الشهر الثاني من كل سنة، وقد أقامته قبل بضعة أشهر، دون أي قصد لعرقلة أو إضعاف أي جهد ثقافي في هذا الإطار .

ثالثًا: وافقت مديرية المعارض مشكورة على الطلب، وتم توقيع عقد بين الطرفين، جرت المصادقة عليه من الكاتب العدل، وسددت المؤسسة قيمة الضمان المطلوب وباشرت تحضيراتها.

رابعًا: فجأةً تحرك الطرف الآخر واستخدم وسائل سياسية ضاغطة لإلغاء العقد وتغيير موعد معرض بغداد إلى نفس موعدنا، بصيغة لا تمت إلى الثقافة والعمل الثقافي بصلة، ولم توفر أي جهدٍ وبأساليب لن نتطرق إليها الآن، ومن الذي يحركها ويقف وراءها للتجاوز على القانون وفرض رغبتها وتشويه مقاصد المدى، دون أن توفر حتى السفارات.! وكان من بين حججها أن التغيير مرتبط بالتضارب مع معارض أخرى. علمًا أن اربعة معارض كبرى ستقام في نفس التاريخ في شهر نيسان المقبل "معرض الرياض، اربيل، الشارقة، ابو ظبي".

كما أن من المستَغرَب أن يجد البعض من الذين لا تخلو مواقفهم من “الردح الثقافي”، والمصالح الذاتية في إقامة معرضين في مدينة واحدة لا تخدم الثقافة والكتاب، مع أن عشرة معارض وفعاليات مشابهة من شأنها تعزيز حركة الكتاب وتداوله على أوسع نطاق وتحرض على المنافسة الإيجابية عبر توفير آخر الإصدارات، بأسعار تستجيب لرغبات الشباب وإمكانياتهم المادية.

وهذا ما سيشهده معرض العراق الدولي، بما في ذلك نشر كتاب يومي يوزع مجانًا في المعرض على رواده في إطار مشروع كتاب في جريدة الذي تسعى المدى لإعادة إصداره، وستقدم حسمًا مجزيًا لا يقل عن ٥٠٪ من سعر الغلاف على جميع مطبوعاتها، وحين يكتمل برنامج المعرض سيُفاجأ رواده بحضور أبرز الشخصيات والقامات الثقافية والفنانين والمفكرين فيها لأول مرة، وستزهو أيام وأمسيات المعرض بفعاليات فنية موسيقية وغنائية ومسرحية وسينمائية الى جانب الندوات والطاولات المستديرة والمحاضرات وتواقيع الكتب، والمقهى الثقافي الذي سيتحول الى ركن مضئ يطل منه ضيوف المعرض مع جمهورهم.

رابعًا، وبسبب الضغوطات التي مورست من مراكز قوى ، حولت وزارة التجارة القضية إلى سيادة رئيس مجلس الوزراء لحسمها. وقد تحدد موقفها في الاقتراحات التالية :

١ – مشاركة الطرفين في تنظيم المعرض.

٢ – تقسيم أجنحة المعرضين بينهما.

٣ – اعتماد العقود الأصلية القانونية لكل منهما في حالة عدم موافقة أي طرف.

ولابد أن يكون واضحًا لمن تهمه معرفة الحقيقة، أن الطرف الآخر لم يوافق، وظل يتوسل بكل مراكز النفوذ لخرق السياقات القانونية، واعتماد الأساليب التي ما زال العراقيون يعانون منها. وبالتالي جاءت اقتراحات رئاسة الوزراء متساوقة مع الضوابط القانونية، بعيدًا عن أي حساسيات سياسية أو تأثيرات تخرقها، وعلى ضوء تلك التوجيهات اتخذت وزارة التجارة جانب القانون والحقوق والأسبقية. لكن الضغوطات لم تتوقف ترافقها وعود وتهديدات ضمنية .

خامسًا: إن المدى إذ تعود لممارسة دورها على صعيد تنظيم المعرض، فهي لا تستهدف الربح، وليست بحاجة إلى جاه أو سلطة، وإنما لمواصلة دورها في إغناء الحياة الثقافية وتعزيز دور حركتها ، كما فعلت على الدوام. ولتأكيد هذا التوجه لمن تجاوز سويته الثقافية وكتب ما يثير الشكوك حول القصد من وراء هذه الخطوة ومن بينهم من كان يلح طوال السنوات الماضية على نقل معارض الكتاب إلى بغداد، مشككًا بهوية المدى العراقية ، فان المؤسسة سوف تضع كل “أرباح” المعرض في صندوق التنمية الثقافية لشراء كتب للجامعات الحكومية والمكتبات العامة ودعم النشاطات الثقافية بالتعاون والتنسيق مع وزارة الثقافة والتجارة واتحاد الأدباء ولجنة ستتشكل من شخصيات ثقافية، وهو ما ستفعله في معرض أربيل والبصرة ..!

سادسًا، الملفت أن من بين الأصوات التي روجت وتبنت رأي الآخر من خلال مواقعها ومريديها، وهي التي كانت تدعي أنها تناضل لتكريس حرمة القانون وتطبيقه، جانبت هذه المرة هذا النهج بالدعوة لتغليب عوامل لا تمت بصلة للقانون !

سابعًا، من المؤسف أن نشير اضطرارًا، إلى أن الطرف الآخر هو مشروع تجاري يتقاسم أرباحه طرفان أحدهما يتقوى بانتمائه السياسي والآخر يختفي وراء لافتة لم تتوفر لها المصداقية المطلوبة للعمل في النشاط الثقافي والكتبي. ورغم التلميحات غير الأخلاقية وغير المهنية التي وردت في إعلانات الطرف الآخر، فان المدى ستلتزم كما هي سياستها ونهجها وممارستها بقواعد العمل الثقافي، دون الانجرار إلى المهاترات واعتماد الوسائل التي تريد الحيلولة دون بناء دولة قانون ومؤسسات وحريات، وتأنف بنفسها عن اللجوء إلى خلاف حقها في ممارسة دورها الثقافي، إلا إذا اضطرت لتوضيح الحقائق المجهولة عن الممارسات والجهات وهوية الذين يقفون وراء الحملة المشبوهة والمبطنة ضد هذا المشروع المنزّه عن أي غرض تجاري أو ما يتعارض مع الممارسة المهنية للناشرين الذين لم يشوههم حَرف حركة النشر عن مقاصدها، وتحويلها إلى بازار لتجارة الكتب.

قـــد يهمــــــــك أيضــــــاُ : 

مؤسسة المدى تستذكر السندباد محمد غني حكمت

رئيس اتحاد الكرة يكشف عن تطورات جديدة في قضية رفع الحظر عن العراق