الحكواتي المراكشي محمد باريز

أضفى الحضور المتميز للحكواتي، محمد باريز، والخطاط عبدالغني الفيلالي، قيمة على رواق "الصناعة التقليدية" في الدوحة، الذي تتواصل فعالياته في الحي الثقافي "كتارا"، وسط إقبال منقطع النظير على رواق "أسبوع الحرف المغربية"، لأفراد الجالية المغربية والمواطنين القطريين، والمقيمين من سكان الدوحة، والذين جعلوا من هذا الرواق وجهتهم المفضلة؛ للاستمتاع واكتشاف بعض من أوجه الثقافة المغربية.
ففي محاكاة واضحة لصورة جامع الفنا، يقف الحكواتي المراكشي الشهير، محمد باريز، وسط بهو رواق الصناعة التقليدية المتميز بديكوره المغربي الأصيل والجذاب، بجانب نافورة الماء التي تتوسطه حاملًا قطبيه النحاسي المزركش، ومرتديًّا لباسه التقليدي "جابدور"، ومنتعلًا حذاءه التقليدي الفريد "البلغة"، ليتحلق حوله جمعٌ من زوار الرواق من مختلف الجنسيات، ويستمعون إليه، وهو يسرد قصة من "ألف ليلة وليلة"، بطريقة تشد الأسماع، وتستهوي الجميع على مختلف الأعمار .
وببشاشته المعهودة، وسرده اللغوي المقفى، وحركاته الإيمائية، نجح محمد باريز في امتلاك الجمهور، الذي اكتشف عبره متعة أدبية وفنية غير معهودة، سمت به إلى عوالم حالمة، لكنها تحمل في طياتها رسائل واقعية ومعيشة، تلامس الحياة اليومية للفرد من خلال تطرق الحكواتي باريز إلى مواضيع اجتماعية متنوعة.
وبذلك، يكون الحكواتي، محمد باريز، فتح أمام الجمهور من خارج أفراد الجالية المغربية، نافذة للاطلاع على موروث ثقافي آخر مما تشتهر به الحضارة المغربية، وهو فن الحكي، أو "الحَلَقة"، حيث تتعايش المتعة والاستفادة في قالب أدبي مسرحي فريد .
وأكد عدد من المواطنين القطريين، الذين تابعوا تلك الفقرة الأدبية التقليدية، أن "هذا النوع من الحكي، يحيلهم إلى حلقات المسامرة والمجالسة التي ميزت المجتمعات العربية من المحيط إلى الخليج، بما تمثله ذلك من صفاء ومحبة وطمأنينة، واختفت للأسف بحكم ما شهدته تلك المجتمعات من تطورات ألغت كل ما هو تراثي، وحاربت ما هو تقليدي أصيل".
من جهة أخرى، وعلى يمين مدخل الرواق المغربي للصناعة التقليدية، يجلس الخطاط عبدالغني الفيلالي بابا، مرتديًّا طربوشه الوطني الأحمر اللون، يكتب بريشته الجميلة ما يقترحه زوار الرواق عليه من أسماء، إذ يبحث الكل عن تسجيل حضوره، والاحتفاظ بذكرى من تلك الفعالية.
فالإقبال الكبير على هذا الخطاط، الذي تعلو محياه الابتسامة، ولا ترافقه روح الدعابة والفكاهة، خلق حركة غير عادية في بهو الرواق المغربي، حيث تجمهر الزوار للاطلاع على ما يبدعه الفنان عبدالغني الفيلالي.
وزادت الأهازيج الفلكلورية الشعبية الرواق إقبالًا، والتي تُبدعها الفِرَق التراثية، التي تؤثث بأغانيها رواق الصناعة التقليدية، وتضفي بالتالي في كل ليلة أجواء بهيجة يتفاعل معها الحضور.
ومن أقوى اللحظات التي تميز الأمسيات الساهرة التي يشهدها الرواق، معاينة الحضور الطقوس المصاحبة للعرس المغربي، حيث عمد المنظمون إلى تمثيل تلك الاحتفالية من خلال العروس المغربية بلباسها التقليدي "القفطان" محمولة على العمارية، وتتقدمها مزينتها "نكافة"، وذلك على إيقاعات الأغاني التراثية التي ترافق عادة هذا الصنف من الاحتفالات .
يُذكر أن رواق "أسبوع الحرف المغربية"، يشهد مشاركة أكثر من 17 حرفيًّا تقليديًّا جاءوا من مختلف أقاليم المملكة؛ الدار البيضاء، وفاس، ومراكش، والصويرة والعرائش؛ ليقدموا معروضاتهم التي تكشف ما يتمتع به المغرب من إرث حضاري عريق ومتنوع، يتناسب مع خصوصيات كل جهة، حيث تشمل الأعمال الحرفية مجالات عدة، منها؛ الفخار، والخشب، والجلد، والنحاس، والزرابي، إضافةً إلى التطريز، وصناعة الزيوت، والملابس التقليدية