أرباح الصين

انكمشت أرباح الشركات الصناعية في الصين للشهر الثاني على التوالي، في سبتمبر (أيلول) الماضي، مع استمرار انخفاض أسعار المنتجين، مما يبرز تأثير تباطؤ الاقتصاد وحرب التجارة المستمرة منذ فترة طويلة مع الولايات المتحدة على نتائج الشركات. لكن «التوجه الاستهلاكي» يبدو أنه يتجه إلى التصاعد خلال الفترة المقبلة، ما قد يُعد أحد العوامل المبشرة القادرة على إنقاذ الاقتصاد الصيني.

وأظهرت بيانات «المكتب الوطني للإحصاءات»، أمس (الأحد)، هبوط الأرباح الصناعية 5.3 في المائة، عنها قبل عام في سبتمبر إلى 575.6 مليار يوان (81.48 مليار دولار)، مقارنة مع تراجع بنسبة اثنين في المائة في أغسطس (آب) الماضي.

ويتعرض القطاع الصناعي الضخم في الصين لضغوط، وسط توترات التجارة وتبادل واشنطن وبكين فرض الرسوم الجمركية. وتباطأت الأرباح بشكل ملحوظ منذ النصف الثاني من العام الماضي، وإن كانت القطاع شهد بعض الانتعاشات الوجيزة مع تعزيز بكين إجراءات الدعم.

ويتعارض تراجع الأرباح مع التحسن الطفيف في قطاع الصناعات التحويلية في سبتمبر، إذ تشير مسوح المصانع، ونمو الإنتاج الصناعي بوتيرة أفضل من التوقعات إلى زيادة في الطلب المحلي، لكن أسعار تسليم باب المصنع، التي تُعتبَر مؤشراً رئيسياً لربحية الشركات، تراجعت بأكبر وتيرة فيما يزيد على ثلاث سنوات، في حين تراجع معدل النمو الاقتصادي لأقل مستوى في 30 عاماً في الربع الثالث من السنة.

وفي الفترة من يناير (كانون الثاني) إلى سبتمبر، بلغت أرباح الشركات الصناعية 4.59 تريليون يوان بانخفاض 2.1 في المائة على أساس سنوي، وهي أسوأ من قراءة الأشهر الثمانية الأولى التي كانت تشير لانخفاض نسبته 1.7 في المائة.

وتراجعت أرباح الشركات المملوكة للدولة 9.6 في المائة في الأشهر التسعة الأولى. وكانت القطاعات الأكثر تضرراً هي النفط والفحم وصناعات معالجة أنواع الوقود الأخرى، حيث انكمشت أرباحها 53.5 في المائة في تسعة أشهر.

لكن على عكس بيانات الأرباح الصناعية، أظهرت أحدث البيانات الصادرة عن وزارة التجارة الصينية أن صناعة تعهيد الخدمات شهدت نمواً مستقراً في الأشهر التسعة الأولى من عام 2019. ووقّعت الشركات الصينية عقود تعهيد خدمات بقيمة 886.4 مليار يوان (نحو 125.29 مليار دولار) خلال الفترة من يناير إلى سبتمبر، بزيادة 4.4 في المائة على أساس سنوي. ومن بين تلك العقود، بلغت قيمة عقود تعهيد خدمات خارجية 538.04 مليار يوان، بزيادة 11 في المائة عن العام السابق.

وقالت الوزارة إن تحسن هيكل الصناعة قد تعزز مع تحقيق نمو سريع في أعمال تعهيد الخدمات الإنتاجية الناشئة، بما في ذلك الاستشارات والاختبارات ومنصات التجارة الإلكترونية وغيرها من المجالات. وأظهرت البيانات أن تعهيد الخدمات مع الدول المشاركة في «مبادرة الحزام والطريق» بلغ 65.28 مليار يوان خلال هذه الفترة، من حيث قيمة العقود المستوفاة.

وفيما يبدو بارقة أمل كبرى قد تغير مسار التباطؤ في الصين، أظهر مسح أجره بنك الشعب الصيني (البنك المركزي) أن سكان المناطق الحضرية بالصين كانوا أكثر ميلاً للاستهلاك في الربع الثالث من العام. وأوضح المسح أنه من بين 20 ألف مودع مصرفي بمناطق حضرية استُطلعت آراؤهم في 50 مدينة في أنحاء الصين، أبدى 27.7 في المائة الرغبة في الاستهلاك بشكل أكبر في الربع الثالث، بزيادة 1.3 في المائة عن الربع الثاني.

وبلغت نسبة المشاركين الذين أبدوا رغبة في إيداع المزيد من المدخرات خلال الربع الثالث 44.5 في المائة، بانخفاض نقطة مئوية واحدة عن الربع الثاني، بينما تراجعت أيضاً نسبة من يرغبون في الاستثمار.

وكشف المسح تطلع السكان إلى توجيه أغلب إنفاقهم في الربع الرابع من العام إلى التعليم والسياحة والرعاية الصحية. كما لفت إلى أن نحو نصف سكان المناطق الحضرية يتوقعون استمرار استقرار أسعار العقارات في الربع الرابع، فيما توقع 34.6 في المائة من سكان المناطق الحضرية ارتفاع أسعار الاستهلاك خلال تلك الفترة.

أيضاً، ذكر تقرير إخباري أن الصين شهدت نمواً أسرع في حجم القروض المقدمة للشركات الصغيرة ومتناهية الصغر، في ظل جهود حكومية لتشجيع التمويل الشامل، وفق ما أظهرته بيانات رسمية.

وذكر تقرير صادر عن بنك الشعب المركزي، أوردته وكالة أنباء الصين الجديدة (شينخوا)، أن حجم القروض غير المسددة المقدمة للشركات الصغيرة أو الأعمال المملوكة لأفراد، التي يصل حدها الائتماني إلى 5 ملايين يوان (نحو 707 آلاف دولار) أو أقل، بلغ 8 تريليونات يوان، بنهاية العام الماضي، بزيادة 18 في المائة على أساس سنوي، و8.2 نقاط مئوية على نهاية عام 2017.

وارتفع حجم القروض المضــمونة برهون لدعم ريادة الأعمال 22.5 في المائة على أساس سنوي، ليسجل 106.4 مليار يوان بنهاية 2018.

وفي شأن آخر، كشف تقرير إخباري الأحد أن بنك التنمية الصيني، وهو مؤسسة مالية تنموية، قدم قروضاً بقيمة 1.23 تريليون يوان (نحو 174 مليار دولار) منذ عام 2016 لدعم جهود تخفيف حدة الفقر في البلاد.

ونقلت وكالة أنباء الصين الجديدة (شينخوا) عن منغ يابينغ، نائب رئيس قسم تمويل تخفيف الفقر بالبنك، القول إنه جرى استخدام القروض لتمويل إعادة توطين الفقراء وإنشاء البنية التحتية الريفية وتطوير الصناعة وتحسين التعليم.

وبنهاية شهر سبتمبر الماضي، استفاد أكثر من 3 ملايين شخص من تمويل برامج إعادة التوطين، في حين جرى تقديم قروض بقيمة 164.7 مليار يوان لنحو 12 مليون طالب.

وتأسس «بنك التنمية الصيني» في عام 1994، بهدف توفير التمويل للمشاريع الوطنية الرئيسية والاستراتيجيات التنموية. وحتى نهاية الربع الثاني من عام 2019، شكّلت القروض التي لم يتم تسديدها للتخفيف من حدة الفقر في بنوك التنمية والسياسات أكثر من نصف إجمالي القروض الموجهة لتخفيف الفقر في القطاع المصرفي بأكمله، وفقاً للجنة تنظيم البنوك والتأمين الصينية.

قد يهمك ايضا

الإصلاحات التشريعية في أفريقيا تتسبب في تحسّن بيئة الأعمال خلال العقدين الأخيرين