بيروت - العراق اليوم
أكد رئيس حكومة تصريف الأعمال اللبنانية، سعد الحريري، الإثنين، أنه جرى تأجيل الاستشارات النيابية لأيام معدودة "تفاديا لمشاكل دستورية ووطنية".
جاء في بيان أصدره المكتب الإعلامي لسعد الحريري "تأجيل الاستشارات لأيام معدودة تفاديا لإضافة مشاكل دستورية ووطنية إلى الأزمة الاجتماعية والاقتصادية والمالية الكبيرة التي يواجهها بلدنا"، ونبّه البيان إلى "تكرار الخرق الدستوري" الذي سبق أن واجهه الرئيس رفيق الحريري في عهد إميل لحود، حيث قال "في إطار الاتصالات السياسية قبل موعد الاستشارات النيابية الذي كان محددا اليوم، اتضح أن كتلة التيار الوطني الحر كانت بصدد إيداع أصواتها لرئيس الجمهورية ليتصرف بها كما يشاء، وهذه مناسبة للتأكيد أن الرئيس الحريري لا يمكن أن يغطي مثل هذه المخالفة الدستورية الجسيمة أيا كانت وجهة استعمالها، في تسمية أي رئيس مكلف".
وأُبلِغ الحريري فجر الإثنين بقرار حزب القوات اللبنانية الامتناع عن التسمية أو المشاركة في تسمية أحد في الاستشارات النيابية "الأمر الذي كان من شأنه أن ينتج تسمية من دون مشاركة أي كتلة مسيحية وازنة فيها، خلافا لحرص الرئيس الدائم على مقتضيات الوفاق الوطني"، يضيف البيان.
وختم بالقول "وبناء عليه، تداول الرئيس الحريري مع دولة الرئيس نبيه بري، الذي وافقه الرأي، وتوافقا على أن يتصل كل منهما برئيس الجمهورية للتمني عليه تأجيل الاستشارات أياما معدودة".
وأعلن الرئيس اللبناني ميشال عون، الإثنين، وللمرة الثانية تأجيل المشاورات النيابية لتسمية رئيس جديد للحكومة بعد يومين شهدا مواجهات عنيفة بين القوى الأمنية ومتظاهرين رافضين لإعادة تسمية سعد الحريري.
وقال المنسق الخاص للأمم المتحدة في لبنان، جان كوبيتش، في تغريدة على حسابه في تويتر "تأجيل آخر للاستشارات النيابية.. هذا الأمر يعني إما أن السياسيين بدؤوا يدركون أنهم لا يستطيعون إهمال صوت الشارع، أو هو فقط محاولة لربح بعض الوقت كالعادة".
وأضاف "لكن مع انهيار الاقتصاد، فإن استمرار التأجيل يشكل خطرا على السياسيين وعلى لبنان والشعب بأكمله".
وبخصوص أحداث العنف خلال الماضيين، قال كوبيتش"أظهر العنف الذي اندلع في عطلة نهاية الأسبوع مرة أخرى أن تأجيل إيجاد حل سياسي للأزمة الحالية يخلق أرضية خصبة للاستفزازات والتلاعب السياسي".
ودعا ممثل الأمم المتحدة إلى "ضرورة إجراء تحقيق في الحوادث التي وقعت وكذلك في استخدام قوات الأمن للقوة المفرطة".
ومساء الأحد، غطّى دخان الغاز المسيل للدموع وسط العاصمة بيروت في الوقت الذي طاردت فيه قوات الأمن محتجين قرب مبنى البرلمان اللبناني، في ثاني يوم من الاشتباكات بالشوارع والتي أدت إلى سقوط عشرات الجرحى.
مكتب رئيس لبنان يردّ على الحريري
رد مكتب الرئيس اللبناني، ميشال عون، على اتهامه بخرق الدستور من قبل رئيس حكومة تصريف الأعمال، سعد الحريري، مشيرا إلى أنه "لا يحتاج إلى أي دروس من أحد".
وقال مكتب الرئيس اللبناني، في بيان نشره الإثنين، إن عون "حريص على الدستور ولا يحتاج إلى دروس من أحد، والتذرع بإيداعه أصواتا نيابية لتمني تأجيل الاستشارات محاولة مكشوفة للتبرير وتجاهل أسباب أخرى".
وشددت الرئاسة اللبنانية على أن "الحديث عن خرق دستوري مردود لمطلقيه الذين كان يجدر بهم معرفة القواعد الدستورية والإقلاع عن الممارسات التي تتناقض ونص الدستور وروحه".
وأصدر المكتب الإعلامي للحريري، في وقت سابق من اليوم، بيانا أوضح فيه ملابسات تأجيل الاستشارات النيابية التي كان من المفترض أن تفضي إلى تسمية رئيس جديد للحكومة، جاء فيه: "في إطار الاتصالات السياسية قبل موعدالاستشارات النيابية، الذي كان محددا اليوم، اتضح أن كتلة التيار الوطني الحر كانت بصدد إيداع أصواتها عند فخامة رئيس الجمهورية ليتصرف بها كما يشاء".
واعتبر مكتب الحريري أن "هذه مناسبة للتنبيه من تكرار الخرق الدستوري الذي سبق أن واجهه رئيس الوزراء الأسبق، رفيق الحريري، في عهد الرئيس، إميل لحود".
وقدم رئيس الوزراء اللبناني، يوم 29 أكتوبر، استقالته لعون، بعد ما اعتبره "الوصول إلى طريق مسدود" في تسوية الأوضاع داخل البلاد على خلفية مظاهرات واسعة غير مسبوقة تعم لبنان، منذ 17 أكتوبر الماضي، ضد السياسات الاقتصادية للسلطات.
وقبل عون استقالة الحريري، وكلفه بتسيير الأعمال في المرحلة الراهنة، فيما اعتبر رئيس البلاد أن "الانتقال من النظام الطائفي إلى نظام مدني سينقذ لبنان".
ويعدّ الفراغ السياسي في لبنان أمرا معتادا، فقد عاشها مرات عديدة سواء في رئاسة الجمهورية أو رئاسة الوزراء، اللتين تتوليان السلطة التنفيذية بموجب الدستور، بسبب النزاعات بين القوى السياسية، وتحت ضغط الاحتجاجات غير المسبوقة، اضطر رئيس الوزراء اللبناني، سعد الحريري، إلى تقديم استقالته أواخر أكتوبر الماضي، ليدخل لبنان بعده في فراغ حكم كبير تحت اسم "حكومة تصريف أعمال"، وعلى الصعيد الحكومي، شهد لبنان فراغ "تصريف الأعمال" فترات عديدة.
وتعني حكومة تصريف تسيير الأعمال اليومية فقط حتى لا يكون هناك شغور في السلطة ولا تتوقف مصالح المواطنين، لكن هذه الحكومة تكون محدودة الصلاحيات لحد بعيد، إذ لا يمكنها اقتراح مشاريع قوانين أو توقيع معاهدات أو اتخاذ قرارات مصيرية تكون ملزمة لما بعدها.
وشهد لبنان تأليف 75 حكومة منذ نيل الاستقلال في منتصف القرن الماضي، و18 حكومة بعد اتفاق الطائف الذي وقع عام 1990 وأنهى الحرب الأهلية في البلاد، أي ما يعادل حكومة كل عامين.
وتعني حكومة تصريف تسيير الأعمال اليومية التي تتضمن قرارات ملزمة للحكومة التي بعدها، مثل مشاريع القانونين، ووفق الدستور تصبح الحكومة في مرحلة تصريف الأعمال تبعا لحالات عدة منها، استقالة رئيسها، أو في حال وفاته، أو حجب البرلمان عنها الثقة،
ومن أبرز الحالات التي طال فيها تصريف أعمال الحكومة:
1. حكومة فؤاد السنيورة: باتت هذه الحكومة في حكم تصريف الأعمال منذ أواخر 2006 وحتى منصف 2008، بعد استقالة الوزراء الشيعة من الحكومة.
2. حكومة تمام سلام: باتت هذه الحكومة تصريف أعمال إثر الفراغ الرئاسي في 2014، ولم تنجح في مواجهة تحديات مثل أزمة النفايات وظل في هذا الوضع حتى أواخر عام 2016.
3. حكومة سعد الحريري الثانية (مايو 2018- يناير 2019): أصبحت هذه الحكومة تصريفا للأعمال بسبب الاستشارات الشاقة بين القوى السياسية في البرلمان.
4. حكومة نجيب ميقاتي (مارس 2013- فبراير 2014): ظلت هذه الحكومة تدير شؤون لبنان على نطاق ضيق بعد استقالتها بسبب الانقسام السياسي الحاد حول الانتخابات والتعيينات في الوظائف العليا، وعلى صعيد الفراغ الرئاسي، شهد لبنان شغورا طويلا في منصب رئيس الجمهورية ثلاث مرات:
كانت الأولى بين سبتمبر 1988 ونوفمبر 1989، بعدما ترك الرئيس اللبناني آنذاك، أمين الجميّل، منصبه، تراك البلاد تعيش فراغا رئاسيا وانقساما بين حكومتين واحدة مدنية وأخرى عسكرية، بعدما فشل البرلمان في اختيار مرشح بديل للجميّل، في خضم الحرب الأهلية الطاحنة.
وشهد لبنان بين نوفمبر 2007 ومايو 2008 فراغا رئاسيا بعدما انتهت ولاية الرئيس إميل لحود، والسبب أيضا هذه المرة هو عدم التوافق على خليفة للرئيس المنتهية ولايته، أما الشغور الرئاسي الأطول فكان بين مايو 2014 وأكتوبر 2016، وبلغ 29 شهرا، وبدأ الشغور عندما انتهت ولاية الرئيس ميشال سليمان، ولم ينته إلا بعد انتخاب ميشال عون رئيسا للبلاد.
قد يهمك ايضا
رئيس "العسكري" السوداني يَعِد بعودة الجيش إلى الثكنات بعد توقيع الاتفاق
المعارضة السودانية تتسلم مبادرة من إثيوبيا لحل الخلاف على المجلس السيادي