صورة لسجناء الرأي في إيران من أرشيف صحيفة "غارديان" البريطانية   طهران - مهدي موسوي قامت سلطات الأمن الإيرانية بشن حملة قمعية عامة في أوساط المعارضة والمنشقين على النظام وذلك قبل انتخابات الرئاسة الإيرانية التي تجري خلال الشهر المقبل، وشملت تلك الحملة إعدام رجلين بتهمة التجسس ومحاربة دين الله، واعتقال مجموعة من النشطاء، واستدعاء عدد من منظمي حملات المعارضة لاستجوابهم ، وقامت السلطات أيضًا بمنع إطلاق سراح السجناء السياسيين من بعض السجون الإيرانية، وحرمانهم من الزيارات العائلية، كما تم نقل البعض منهم إلى سجون انفرادية.
وحسب صحيفة "غارديان" البريطانية، يقول عدد من نشطاء حقوق الإنسان في إيران، رفضوا الإشارة إلى أسمائهم، إن قمع الدولة قد ازداد حدة خلال الأسابيع التي تسبق انتخابات الرئاسة المقرر لها 14 حزيران/ يونيو، وذلك بسبب مخاوف السلطات من تكرار التظاهرات الاحتجاجية المناهضة للحكومة الإيرانية التي جرت في أعقاب نتائج انتخابات الرئاسة العام 2009، والتي وصفت آنذاك بأنها تظاهرات جرت بتحريض من الدول الأجنبية المعادية لإيران.
وتأتي هذه الحملة الإيرانية لفرض النظام في الوقت الذي تقوم فيه صحيفة "غارديان" البريطانية بنشر قاعدة بيانات على شبكة الإنترنت تتضمن دراسة بتفاصيل أعمال القمع التي مارستها السلطات الإيرانية.
ويكشف البحث الذي أجرته الصحيفة عن وجود ما يقرب من 2600 سجين من سجناء الرأي في إيران، ومن بينهم مئات من النشطاء وعشرات من الطلبة وعشرات من النساء المدافعات عن حقوق المرأة والمحامين والفنانين والسياسيين السابقين والكثير من أفراد الأقليات الدينية والعرقية في إيران.
وقاما الآلاف من نشطاء الحركة الخضراء بالتظاهر في الشوارع في أعقاب انتخابات 2009 التي أسفرت عن فوز أحمدي نجاد بفترة رئاسة ثانية، احتجاجًا على نتائج الانتخابات بزعم أنها كان مزورة. وقابلت قوات مكافحة الشغب تلك التظاهرات بقتل عشرات المحتجين، واعتقال المئات منهم.
ولا يزال هناك ما لا يقل عن 391 طالبًا و90 معلمًا و65 كاتبًا وشاعرًا وسينمائيًا و20 محاميًا و131 صحافيًا ومدونًا، داخل السجون الإيرانية، وهناك أيضًا ما يقرب من 1900 سجين في انتظار إما أحكام قضائية أو أسباب احتجازهم، حيث تم اعتقال أكثرهم بتهم هلامية غير محددة مثل ارتكاب ما يخل بالأمن القومي، أو ممارسة الدعاية ضد النظام، كما قامت السلطات بحرمان هؤلاء من تعيين ممثل قانوني لهم.
وفي ما يتعلق بسجناء الأقليات الدينية والعرقية في إيران هناك، كما يقول البحث الذي أجرته "غارديان"، ما لا يقل عن 572 كرديًا و203 عرب و192 أذربيجانيًا و240 بهائيين و13 بلوشيًا و40 مسيحيًا و98 صوفيًا وزرادشتيًا ويهودي واحد.
وتشير تفاصيل البحث أيضًا إلى وجود 870 سجينًا لم تتحدد هويتهم، ولم تُعرف بعد ظروف اعتقالهم.
وتقول الباحثة التي قامت بتوثيق عمليات اعتقال النشطاء الإيرانيين ومتابعة تطورات حالتهم منذ العام 2009، أنيتا هانت "هناك ميل للافتراض بأن الاحتجاجات قد انحصرت في الشباب المتعلم من الطبقة الوسطى، ولكن قائمة السجناء الفعليين تقول بغير ذلك، وهذا دليل من وجهة نظري على أن ما حدث العام 2009 كان بالفعل انتفاضة شعبية شملت كل قطاعاعت المجتمع في إيران".
وأضافت أن المنشقين تعرضوا لعمليات منهجية ودائمة لإلزامهم الصمت، ولكن هؤلاء السجناء لم يلتزموا الصمت، فهناك الآلاف من الحكايات التي تشير إلى تعرض هؤلاء لإيذاء بدني وتعذيب ذهني، بالإضافة إلى معاناتهم من الكثير من وسائل الحرمان.
ويبدو مع اقتراب موعد الانتخابات أن السلطات الإيرانية تتخوف من تكرار ما حدث العام 2009 من احتجاجات.
وقامت السلطات خلال هذا الأسبوع بإلغاء قرار الإفراج المشروط في حق الطالب الناشط باهريح هديات، والصحافيين أحمد زيدابادي وباهمان أحمدي أموي ومسعود باستاني، وكان هؤلاء أُلقي القبض عليهم العام 2009، وأمضى كل من باستاني وزوجته محصة أمرابادي، وهي أيضًا صحافية، معظم وقتهم في السجن، ولا يرى أحدهما الآخر إلا ساعات قليلة.
وذكر موقع "كلامي" المعارض، الإثنين الماضي، أن عددًا من النشطاء تعرضوا للاعتقال في عدد من المحافظات الإيرانية، كما تلقى بعضهم استدعاءات لاستجوابهم.
أما رئيس تحرير موقع "بازتاب" المحافظ علي غزالي فهو الآن في السجن منذ اعتقاله في أوائل هذا الشهر.
وذكرت شبكة "إيران" الإخبارية وهي موقع موالٍ للحكومة أن السلطات اعتقلت عددًا من المتعاطفين مع أحمدي نجاد ومرشحه المفضل إصفانديار رحيم مشائي، كما تقوم باستجواب الكثير منهم الآن.
وقام حسين روناغي ماليكي، 28 سنة، وهو مدون أمضى 376 يومًا في الحبس الانفرادي بعد احتجاجات 2009 بإبلاغ أصدقائه على موقع "فيسبوك" بأنه سوف يعود للسجن على الرغم من تدهور حالته الصحية، حيث سبق وأن أصيب بمرض في كليته داخل السجن، وأجريت له أربع عمليات جراحية، كما سبق وأن أضرب عن الطعام مرات عدة احتجاجًا على حكم بسجنه 15 سنة.
وصدر ضد ماليكي وهو خبير برمجة كمبيوتر وإنشاء مواقع على الإنترنت تهدف إلى التهرب من الرقابة حكم بسجنه 15 عامًا في العام 2010 بتهمة نشر دعاية مناهضة للنظام، والانتماء إلى جماعة معادية لإيران على الإنترنت، وإهانة المرشد الأعلى للثورة الإسلامية آية الله علي خاميني، والرئيس محمود أحمدي نجاد.
وكتب ماليكي خلال تلك الفترة خطابًا إلى المحققين قال فيه "نحن قلقون على إيران والإيرانيين ولسنا أعداء".
أما كوهيار غودارزي، 27 سنة، وهو صحافي في لجنة صحافيي حقوق الإنسان في إيران، فقد صدر الحكم بسجنه خمسة أعوام في آذار/ مارس العام 2012 ولكنه هرب إلى تركيا أثناء مغادرته المؤقتة للسجن.
وقال كوهيار: إن أعضاء اللجنة حصلوا على أحكام بالسجن بلغت في مجموعها 50 عامًا، ومن بينهم سعيد جليليفار المحكوم عليه بالسجن ثلاث سنوات، وشيفا نزار أهاري المحكوم عليه بالسجن أربع سنوات، ونافيد خانجاني المحكوم عليه بالسجن 12 عامًا، وسعيد هائيري المحكوم عليه بالسجن سنتين.
وأضاف كوهيار أثناء تواجده في السجن أنه تعرض لضغوط كي يعترف بجرائم ملفقة ضده وضد زملائه.