صورة تعبيرية لطفل يلتقط صورًا

عندما تنظر في عينيه منذ الوهلة الأولى عبر أحد معارضه تتأكد تمامًا أنّه ذو إحساس عال ويحمل حبًا كبيرًا للصورة وصناعتها بأوجه مختلفة.طه علي طفل أكمل العقد الأول من حياته مصاباً بإعاقة عقلية، لم تمنعه من ممارسة عمله المتخصص به منذ عامه الرابع. ومعروف أنّ أيّ عمل إبداعي يحتاج إلى ذهنية عالية وإحساس مرهف وعمق بالتركيز لاختيار مخرجاته الإبداعية، كيف لا ومهنة التصوير الفوتوغرافي مضنية ودقيقة برغم بساطة أدواتها وحجمها الصغير، ووثق هذا المبدع الصغير علاقته الحميمة مع كاميرته الصغيرة قبل أنّ يوثق بواسطتها أجمل وأغرب صور الحياة التي جسّد من خلالها الواقع العراقي بحلوة ومره، حتى أصبح اليوم يشار إليه بالبنان بعد أنّ نظّم الكثير من المعارض الشخصية أو المشتركة مع أقرانه واستطاع حصد الكثير من الجوائز التقديرية الخاصة بالإبداع وتجوّلت معارضه الشخصية في أكثر من محافظة عراقية وفي كل معرض يضع الحاضرين في دائرة الدهشة والغرابة ويسرق الأضواء ويكون حديث المختصين.
وفي الآونة الأخيرة أجبر عددًا من المؤسسات الدولية إلى زيارة العراق ومشاهدة أعماله الفنية. وشكلت منظمة حفظ التراث الأسيوي اليابانية وفدًا رسميًا لزيارة العراق بعد اتصالات وجهود من الجمعية العراقية للتصوير فرع واسط للاطلاع على إبداعات الطفل، كما أبدى نخبة من المصورين السويديين إقامة معرض مشترك يحوي إبداعاتهم التصويرية مع إبداعات الطفل طه علي الذي نال شرف العضوية الفخرية للجمعية بعد حصوله على إجماع الأعضاء ورئيس الجمعية كريم البعاج، الذي وصف الطفل بالظاهرة، ووعد بدوره تقديم الرعاية والاهتمام والدعم اللازم لإيصال النتاجات الإبداعية لهذا الطفل إلى المعارض كلها التي تقام في محافظات العراق وخارجه وهذا هو مشروع المستقبل.
ويتفق المختصون في مجال التصوير أنّ كل ما يلتقطه هذا المبدع من صور تثير أسئلة كثيرة في أذهان من يشاهدها، فهو يلتقط الصور من زوايا قريبة وبعيدة ويتصرف بصناعة اللقطة بذهنية عالية على الرغم من إعاقته العقلية، منطلقًا من حبه الجنوني لمهنته.
ومن المؤمّل أنّ تقدّم المؤسسات الدّولية المختصة دعوة خاصة للطفل طه علي بصحبة عائلته لإقامة معرض متجول مع أقرانه في دّول العالم، وربما في مقدمتها المؤسسة اليابانية التي أبدت إعجابها الشديد بالأعمال الفنية لهذا الطفل ورغبة عالية لتوجيه دعوة خاصة إليه لإقامة معرض فنّي في اليابان.
وأكدّ والد الطفل طه السيد علي موحان لـ"العرب اليوم" أنّه "تأكدّ أنّ طه يعمل باستقلالية تامة في اختيار نوع الصورة ومكانها ووقتها من دون أي تدخل من العائلة، ونوفر له مساحة كاملة من الحرية للعمل ونحن نتجول معًا فيرصد حالة غريبة تثير فضوله وأحاسيسه فيطلب مني الانتظار لاتخاذ لقطة معينة تستحق الوقوف عندها، وأنا حينها لا أتدخل أبدًا واكتفي بالمراقبة وأتلهف لشكل الصورة حتى أراها بعد التقاطها، فتثير دهشتي وإعجابي كالعادة حتى تحول ابني إلى صديقي المبدع الصغير".