كان يمكن للعاملين في الحقل الطبي الاختيار بين العديد من الألوان، فلماذا اقتصرت ملابسهم – خاصة الجراحين منهم - على اللون الأخضر أو الأزرق المائل للخضرة؟ فالطبيب في حجرة العمليات لا يمكن له أن يؤدي عمله بأيد عارية دون قفازات أو بلا أقنعة أو بملابسه الخاصة المعتادة، ويرجع ذلك إلى الاهتمام بالنظافة والتعقيم لمنع انتقال العدوى، وقد كانت ملابس الجراحين في بداياتها بيضاء اللون كما بقية ملابس الأطباء، وهو لون سهل التأكد من نظافته، إلا أن المستشفيات بدأت في منتصف القرن العشرين في التحول شيئا فشيئا إلى ألوان أخرى، الأمر الذي أراح المستشفيات والجراحين على حد سواء، بالنسبة إلى المستشفيات فإن اللون الأبيض صعب التنظيف خاصة مع آثار وبقع الدم، الأمر الذي يضطرهم لاستخدام المساحيق المبيضة الضارة لنسيج الملابس، وللجراحين فإن لونًا مثل الأخضر أو الأزرق يقع على نقيض اللون الأحمر في دائرة الألوان، لذا فالنظر إليهما يعيد تنشيط رؤية الطبيب للأشياء ذات اللون الأحمر النقيض مثل الدم الذي يتعامل معه معظم الوقت، وبذلك تكون عين الجراح أكثر حساسية للمتغيرات في اللون الأحمر الذي يتعامل معه، كذلك فإن إطالة النظر والتركيز على اللون الأحمر لفترة طويلة سوف يصيب العين بالإجهاد إذا وقعت على بعض الألوان الأخرى مثل الأبيض، وهو ما لا يحدث مع اللون الأخضر. أحمد عزمي