فشلت كل المحاولات اللبنانية لنقل جثث الإسلاميين الأربعة عشر الذين قُتلوا في تل كلخ مطلع الشهر الجاري، في كمين للجيش السوري الحكومي، وفرض الجانب السوري أجندته على العملية بالتقسيط. ورغم كل الجهود التي بُذلت، وزيارة المدير العام للأمن العام اللواء عباس ابراهيم إلى دمشق سعيا وراء نقل الجثث دفعة واحدة، فقد بدأت عملية تسليمها في المفرق، صباح الأحد، حيث وصلت، عند التاسعة صباحا، ثلاث جثث عبر معبر العريضة الحدودي بين لبنان وسورية، تسلمها الأمن العام اللبناني بإشراف دار الفتوى، ووسط ترتيبات استثنائية للجيش وقوى الأمن الداخلي. وتزامنت عملية التسلم والتسليم مع بدء اجتماع المجلس الأعلى للدفاع في قصر بعبدا برئاسة رئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان، وفي حضور كامل الأعضاء وأنباء ارتفاع عدد ضحايا طرابلس في المواجهة الدامية منذ خمسة أيام بين بعل محسن العلوية وباب التبانة السنية إلى 14 قتيلا بعدما أفيد عن وفاة جريحين هما مقداد ضرغام من بعل محسن، وأبو بلال شما، في باب التبانة. وقال تقرير رسمي ورد إلى "العرب اليوم"، إن سيارات الإسعاف التابعة للمديرية العامة للأوقاف الإسلامية وصلت إلى معبر العريضة من سورية ناقلة 3 جثامين من اللبنانيين الذين سقطوا في تلكلخ، وهم مالك زياد الحاج ديب، خضر مصطفى علم الدين وعبد الحميد علي الأغا، وقد بوشرت على الفور عملية معاينة الجثث، قبل تسلمها رسميا من السلطات اللبنانية ممثلة بالأمن العام اللبناني. وقال أحد مشايخ دار الفتوى من معبر العريضة بعد تسلمه الجثث: "نشكر باسم الدار كل الجهات التي عجلت في الإفراج عن الجثامين، ونأمل في عودة البقية، وقد أشرفنا على تسليم الجثث باسم دار الفتوى، ونأمل عودة اللبنانيين الموجودين في سورية". في وقت لم يستمر فيه الهدوء الحذر على محاور الاشتباكات في طرابلس أكثر من ساعات قليلة، قبل أن يعود القصف وعمليات القنص، صباح الأحد، بين جبل محسن وباب التبانة، ويقوم الجيش اللبناني بالرد على مصادر النيران لإسكاتها ومنع توسع نطاقها. وأعلن وزير الداخلية مروان شربل، لـ"العرب اليوم"، أن المجلس الأعلى للدفاع سيتخذ قرارات كبيرة، وأن لديه عرضا شاملا سيتقدم به يحمل مقترحات محددة بالنظر إلى معرفته بخطورة الوضع في المدينة التي يعرفها منذ اكثر من 20 عامًا. وقال شربل، إنّه وبحسب المعلومات المتوافرة، هناك 16 شابا قُتلوا في الكمين، وأن اللواء إبراهيم توجّه إلى سورية لإجراء المباحثات بشأن تسليمهم دفعة واحدة، وظهر أن العملية صعبة، لافتا إلى أنه من المستبعد أن يتمّ تسليم كل الجثامين دفعة واحدة لأنّ بعض الشباب لم يكن معهم الأوراق الثبوتية". وقالت مصادر المعلومات، إن اللواء إبراهيم، وفور عودته من دمشق، اتصل برئيس الجمهورية وبرئيس الحكومة، وأبلغهم بأنه غير وارد تسليم الجثث دفعة واحدة، بل سيتم التسليم على ثلاث دفعات، وإذا كانوا يريدون الجثث دفعة واحدة، فلتضع الحكومة اللبنانية الجثث التي تستلمها في البرادات، لحين تسلّم ثالث دفعة، وعندها يتم تسليم الجثث كلها إلى أهالي طرابلس