في كتاب محاضرات "مايرهولد في الإخراج" الصادر عن الهيئة العربية للمسرح، يؤكد الباحث المسرحي فيزفولد مايرهولد أثناء حديثه عن علم المشهدية أن الممثل أكثر المبدعين حرية في المسرح، وأنه مبدع اللحظة الراهنة، والذين يكتبون عن انعدام حرية الفنان بسبب تسلط المخرج جهلاء. هذا تحديداً ما يمكن تلمسه في عرض مسرحية "التريلا" لمسرح عجمان الوطني، التي عرضت، أول من أمس، على خشبة مسرح قصر الثقافة ضمن عروض أيام الشارقة المسرحية. فقد ضج العرض الحيّ ببطولة ساحقة لأداء الممثلين، الذين ملؤوا بحرية تعاطيهم مع المشاهد جغرافيا المكان، ملتزمين بجماليات الإيقاع، ومتقاربين في تنفسهم الصعداء، وإقرار مصير المسرحية نحو معاني تكشف الكذبة الكبرى ومعنى الصدق في تحديد المصير من قبل أشخاص استغلوا وهم الحقيقة للصعود على أكتاف الشعوب، متصدرين واجهة مؤسسات الدولة أو مشكلين بطانتها السيئة. مسرحية "التريلا" للكاتب اسماعيل عبدالله والمخرج الكويتي محمد الحملي، عرضت لاستمرار الكذب في العلاقة القائمة بين المجتمعات وبعض المسؤولين المتعاطين بشكل مباشر مع الحكومات. ففي كل زمن ومرحلة جديدة نراها ظاهرة تنمو، بل تهيئ لها بيئة خصبة للتجذر عبر غفلة الأفراد بسبب وهم الجهل وقلة الوعي باللعبة السياسية ذات الأثر الاجتماعي المزمن على مستوى تعاطي الحقوق وانتشار الفساد وشلل القانون. إلى جانب أن المسرحية قدمت أثر استغلال الدين في تعزيز الوهم، والمقاربة بين الواقع والمبالغة في جو كوميديا سوداء ساخرة.