صناعة الفخار

يعمل محمد الفجاري، في منطقة تابعة إلى محافظة نابل بالوطن القبلي التونسي، في صناعة الفخار، الحرفة التي توارثها عن أجداده، أبى أن يغيرها بأي نشاط آخر، موضحًا أنّ هذا الفخار ناصع البياض يتم صنعه من الرمل الغليظ المخلوط بمادة الطفل وبملح السباخي، وهي نفس الخامات الأولوية المستخدمة في صناعة الفخار في هذه المنطقة منذ مئات السنين وعبر العصور البونية والفينيقية والقرطاجينية والرومانية التي شهدتها البلاد التونسية.

وأوضح الفجاري، أنّ لون الفخار ينقسم عند عملية تجفيف سارية من الفخار وطهيها داخل الفرن التقليدي الموقد بالنار بواسطة الفحم والحطب إلى 3 ألوان رئيسية وهي الأبيض المائل إلى الاخضرار في اسفل الفرن والأبيض الناصع بتأثير مادة الملح في الوسط  فيما تأخذ الأواني الموضوعة في أعلى السارية لونًا ورديًا محمرًا نسبيًا.

وبيّن الفجاري، أنه قد تم إدخال بعض الأجهزة الحديثة على صناعة الفخار كآلة خلط الخامات الأولية قبل عملية الصقل والصنع للمنتوج وهو ما مكنهم من بعض الراحة الجسدية في العمل، مشددًا على أن الالة اليدوية التقليدية القديمة التي تعمل بالجرارة والأرجل والأيدي تظل الأكثر نكهة في العمل ودقة لإنتاج أجود الأواني من الفخار لاسيما منها المستخدمة كأدوات منزلية في المطبخ أو للأكل والشرب.

وأفاد الفجاري انه يتم في محافظة نابل بالذات صناعة معظم أواني الفخار التي يستخدمها التونسيون في حياتهم اليومية على مر السنين ك"الحلاب" وهو الكاس الكبير لشرب الماء و"القلة" و"الحلبية" و"الخابية" لخزن الماء و"الطاجين" و"الكسكاس" و"القدر" لطبخ الكسكسي (الأكلة الشعبية في تونس) وإعداد خبز القمح والشعير التقليدي و"السفرية" و"القصعة" و"التبسي" أي الصحن التقليدي التونسي للأكل، كما يتم صناعة "الجرة" لخزن احتياطي الأسرة من الحبوب وزيت الزيتون والخضار المجففة والبقول وكذلك "المخفية" المستخدمة لطهي الطعام في الرماد أو في الرمال الساخنة بالصحراء في فصل الصيف أو لإخفاء النقود وحلي المرأة في البيت .