قفل الباب الحديدي
آخر تحديث GMT05:21:44
 العراق اليوم -

قفل الباب الحديدي

 العراق اليوم -

 العراق اليوم - قفل الباب الحديدي

الكاتب عبد القادر كعبان
بقلم ، عبد القادر كعبان

وقع المفتاح من بين أصابع يدي، حاولت التقاطه، تذكرت ذلك العجوز يعبث بأكياس القمامة، سقط وهو يحاول استبعاد بعض القطط الجائعة مثله، عدت وفتحت قفل الباب، فجأة سمعت صراخ طفل ابن الجيران، وقفت دقائق متسائلة، ما سر البكاء اليومي لهذا الطفل؟!

لطالما كنت أسمع صراخه وشجارا يحدث بين والديه كلما حدث ذلك، ترددت دائما في التدخل لمعرفة سر ذلك البكاء، قلت في نفسي، ربما هو يشعر بالجوع أو هو مبتل كباقي الأطفال، كانت الساعة تشير إلى الواحدة زوالا، وقت عودتي من العمل متعبة، لم أقو على الوقوف، دون أن أطرق ذلك الباب الحديدي، ترددت هنيهة ثم طرقته بيد مرتجفة، سمعت صوتا يسأل من وراء الباب، من الطارق؟

فقلت بنبرة ثقة جارتك، افتحي من فضلك.

كان مظهرها غريبًا وكأنها سجينة تتلهف عيونها لرؤية ضوء الشمس، تحمست لمعرفة سر الزيارة المفاجئ، ثارت العاصفة حينما سألتها عن سر بكاء ولدها، أحست وكأنها تواجه فضيحة، صرخت قائلة لم يبق إلا أنت يا محققة، أتعلمين هو طفل لا يختلف عن أمثاله المزعجين في بلدنا البائس، كم أكره صراخ هذا الطفل وصراخ والده! تمنيت لو كنت عاقرا.

شعرت بدوار مفاجئ وذعر صامت، الكثيرات من العوانس في أيامنا  يحلمن بفرصة الزواج والإنجاب، وأخريات يرفسن نعمة الخالق الوهاب، بعد جهد مليء بالغضب والغليان فهمت منها أن زوجها عاطل عن العمل ويتعاطى المخدرات، لم تكن تعلم أنه يرفض فكرة الإنجاب، عاد نواح الطفل يتزايد، أسرعت وضمته إلى صدرها محاولة إسكاته، تلتها لحظات قصيرة من توقف صراخه، أخبرتني أنها تعاني مشاكل مالية وزوجية معه، يخرج كل يوم صباحا ويعود متأخرا كل ليلة، تنكفئ هي الأخرى وحيدة تغالب دموع الأسى القاهرة.

شعرت برعشة ألم، رعشة عطف وإشفاق، فشلت في إقناعه بضرورة بحثها عن فرصة عمل، تلقت منه الضرب والشتم، استمرت دموعها الساخنة تمتزج بصراخ طفلها الجائع، أحسست في أعماق نفسي أنها تحتاج المساندة، فتحت حقيبتي الصغيرة، أعطيتها مبلغا من المال لشراء الحليب والحفاضات لذلك المسكين، عادت نظراتها تقول لي: أرجوك أحتاج منك المساعدة.

ارتمت علي تقبل يدي، حاولت إبعادها مستغفرة الرحمن، وعدتها بمساعدتها كي تبحث عن عمل كخادمة في احد البيوت، ضممتها إلى صدري وربت عليها بعطف، قبلت ذلك الطفل بحنان وانسحبت أتنفس الأمل بعيدا عن صراخ وردة متفتحة تلتهمها الأشواك.

 

arabstoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

قفل الباب الحديدي قفل الباب الحديدي



GMT 15:02 2021 الأحد ,21 شباط / فبراير

من عيون شعر العرب - ١

GMT 14:39 2021 الأربعاء ,17 شباط / فبراير

أبيات من شعر أبو الطيب المتنبي

GMT 14:46 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

أبيات من الشعر اخترتها للقارئ

GMT 14:27 2021 السبت ,30 كانون الثاني / يناير

من شعر المتنبي

GMT 14:57 2019 الثلاثاء ,08 تشرين الأول / أكتوبر

على مفترق يسمونه حضارة وجدتني تائهة

أبرز إطلالات شتوية رائعة من وحي هايلي بيبر

واشنطن - العراق اليوم

GMT 01:07 2017 الخميس ,19 كانون الثاني / يناير

شاهدي أجمل فساتين السهرة لعام 2017 بتوقيع زهير مراد

GMT 07:16 2017 الإثنين ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

جزر المالديف وجهة استوائية لقضاء شهر عسل رومانسي وممتع

GMT 18:20 2017 الثلاثاء ,17 تشرين الأول / أكتوبر

عمرو موسى ضيف برنامج "يحدث في مصر" على "MBC مصر" الثلاثاء

GMT 06:36 2017 الخميس ,21 أيلول / سبتمبر

الفنانة لوسي تعلن أنها راقصة مصر الأولى

GMT 18:25 2017 الإثنين ,17 إبريل / نيسان

أعشاب البردقوش لعلاج العديد من الامراض

GMT 12:33 2017 الثلاثاء ,05 أيلول / سبتمبر

أحاديث العيد التي لا تنتهي

GMT 13:39 2015 الجمعة ,11 أيلول / سبتمبر

زاك إيفرون يحتفل بمرور سنة على علاقته بحبيبته

GMT 21:14 2014 الأربعاء ,01 تشرين الأول / أكتوبر

4 أفكار لغرفة طعام عصرية
 
Iraqtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Iraqtoday Iraqtoday Iraqtoday Iraqtoday
iraqtoday iraqtoday iraqtoday
iraqtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
iraq, iraq, iraq