الناقد أحمد حسن عوض يكتب محمود درويش من شعر القضية إلى قضية الشعر
آخر تحديث GMT05:21:44
 العراق اليوم -

الناقد أحمد حسن عوض يكتب" محمود درويش "من شعر القضية إلى قضية الشعر

 العراق اليوم -

 العراق اليوم - الناقد أحمد حسن عوض يكتب" محمود درويش "من شعر القضية إلى قضية الشعر

الشاعر محمود درويش
محمود درويش - العرب اليوم


 
عبرت الأيام سريعا وها هى تباغتنا الذكرى العاشرة لرحيل شاعرنا العربى الكبير  محمود درويش ذلك المختلف الحقيقى كما وصفه  عنوان احد الكتب النقدية التى صدرت عن تجربته الشعرية فى الأردن  عام 1999، إذ ظل ذلك الشاعر  العملاق يحفر أرض تجربته الشعرية عمقا واتساعا  بدأب عجيب، ولا يركن إلى مكانته فوق أفئدة محبى الشعر من المحيط إلى الخليج ولا يرضى بأن يظل اسمه مرتبطا بالقضية الفلسطينية مهما كانت عدالتها ومهما كان رسوخها فى الضمير والوجدان  العربي، مدركا أن نبل القضية وعدالتها  وحق الشعب الفلسطينى فى استرداد حقه المهدور أمور لا تكفى وحدها لكى تصنع شاعرا عظيما؛ فالنية الطيبة شيء والإبداع العظيم شيء آخر.

لقد كان له الحق أن يتيه ويزهو وهو شاب فى مقتبل عمره الإبداعى  بكتاب الناقد الكبير رجاء النقاش  (محمود درويش شاعر الأرض )  وبتسميته التى تشبع  غرور  من هم فى مثل بواكير تجربته الإبداعية؛  لكنه -وهو المسكون بروح الشعر وهوسه الذى لا ينتهى - رفض أن ينتشى بأن يظل اسمه مرتبطا بالقضية الفلسطينية بالرغم من أنها كانت تحمله على أجنحة الشهرة العالمية  وكانت كفيلة بأن يظل اسمه يتردد فى مسامع العالم آناء الليل وأطراف النهار.

لقد آثر أن يولى وجهه شطر الشعر  وفضل أن تكون إليه قبلته المبتغاة ؛ :فكان تحوله الشهير  من (شعر القضية) إلى (قضية الشعر ) دون أن يققد- بالضرورة -انتماءه الأول وتجذره التاريخى فى  أرض وطنه الفلسطيني، منطلقا من قناعة ترى أن تناول الموضوعات العامة بمنظور فكرى وثقافى  قد يضمر مقاومة للاحتلال الذى يريد أن يسجن الشاعر الفلسطينى فى قفص الحديث عن الاحتلال  وأن يبقيه دائم البكاء على أمه الرمزية " ولذلك فقد رفض محمود درويش كل الضغوط الجماهيرية أو السياسية أو النقدية  التى كانت تود أن تسجنه فى إطار صورة ذهنية نمطية  لا ينبغى له أن يتخطاها أو يحركها أو يسعى إلى تجاوزها فضلا عن الحلم المشروع إلى تغييرها، ومن ثم فقد أعاد التساؤل بجسارة حول مفهوم الأدب الوطنى قائلا : هل الأدب التحريض أدب قادر على الحياة بذاته فى اللحظة القادمة؟ هل يستطيع تراث أدبى كامل أن يقوم على القصيدة التحريضية أو أدب الكفاح المباشر دون أن يمتلك شروطه الأدبية المستقلة عن موضوعه ؟ وفى هذا الإطار لم يرض درويش أن يظل ينشد (سجل انا عربى) وسواها من قصائد الصوت الزاعق والتحريض المباشر ليتحول صوب موضوعات الحياة وثرائها الذى لا ينتهى ويتحدث عن تجارب الروح القلقة وعن اغتراب الرجل فى المرأة واغتراب المرأة فى الرجل وعن الفتيات السائرات فى الصباح  وعن المقهى والجريدة مشتبكا مع سؤال (الوجود والمأزق الإنسانى) متحررا من شرط العدو ومن ثنائية الضحية والمقاوم ومتجها نحو استجلاء ينابيع القوة الداخلية فيه ، رافضا أن يقبع فى حالة الصمت أو يستوطن  فى مسمى القهر، منتظرا القادم دائما ، مؤكدا " أن الأشكال الشعرية والأقاليم المتعددة والمتطورة كثيرة،  وكل الشعراء يصنعون الشعر،  كما أن الأشجار -لا الشجرة الواحدة- هى التى تصنع الغابة.

وبرغم أن درويش لم يكن راضيا عما وصل إليه الحال فى القضية الفلسطينية بسبب هشاشة الأنظمة العربية  النضالية  فقد ظل إلى آخر قطرة دم فى حياته مؤمنا بيقين التحول من  حالة الهزيمة إلى حالة النصر  مدركا انه " ليس هنالك نصر نهائى ولا هزيمة نهائية فهذان المفهومان يتقنان لعبة التناوب والاحترام المتبادل لكى يكمل السيد التاريخ لعبته النهائية المهم هو ماذا يفعل المنتصر بالنصر وماذا يصنع المهزوم بالهزيمة،  ولعل بعض الهزائم صالح لبلوغ البشر مرحلة النضج المعنوى والأخلاقى ولعل بعض الانتصارات أخطر على البعض من الهزيمة".

arabstoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الناقد أحمد حسن عوض يكتب محمود درويش من شعر القضية إلى قضية الشعر الناقد أحمد حسن عوض يكتب محمود درويش من شعر القضية إلى قضية الشعر



أبرز إطلالات شتوية رائعة من وحي هايلي بيبر

واشنطن - العراق اليوم

GMT 21:12 2020 الثلاثاء ,05 أيار / مايو

تنسيقات كاجوال من رانيا شهاب

GMT 07:29 2018 الإثنين ,29 كانون الثاني / يناير

دراسة تكشف أن ألعاب الأطفال فيها مواد خطيرة

GMT 23:20 2018 الأحد ,28 كانون الثاني / يناير

سعر الريال السعودي مقابل دولار أمريكي الاثنين

GMT 05:48 2017 الأربعاء ,27 كانون الأول / ديسمبر

5 رحلات سياحية لا ينبغي عليك تفويتها العام المقبل

GMT 09:28 2017 الجمعة ,08 كانون الأول / ديسمبر

شاكيرا تنفي انفصالها عن جيرارد بيكيه بطريقتها الخاصة

GMT 18:51 2017 الخميس ,07 كانون الأول / ديسمبر

منتخب سيدات تونس يتلقى الهزيمة الرابعة في مونديال اليد

GMT 05:38 2014 الإثنين ,22 كانون الأول / ديسمبر

طبيب سعودي ينجح في زراعة سماعة من نوع "باها"

GMT 02:57 2017 الأربعاء ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

لبنى عسل تؤكد أن برنامجها الجديد على "أون لايف " سيكون مفاجأة

GMT 05:11 2017 الثلاثاء ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

تعرفي على طرق الوقاية من "الصدفية" فى الشتاء

GMT 06:34 2017 الأحد ,15 تشرين الأول / أكتوبر

زوزو نبيل التي لا يعرفها أحد

GMT 08:13 2016 الأربعاء ,06 كانون الثاني / يناير

عسير تودع فراشة الإعلام أم كلثوم عن 42 عامًا

GMT 00:57 2017 الأربعاء ,19 إبريل / نيسان

سهير رمزي تؤكد أنها فوجئت بدورها في "قصر العشاق"

GMT 16:36 2014 السبت ,01 آذار/ مارس

اللفت يساعد في علاج الحساسية

GMT 11:20 2015 الأربعاء ,08 إبريل / نيسان

حمام أمونة الدمشقي يجمع بين التراث والحداثة

GMT 03:42 2017 الثلاثاء ,28 شباط / فبراير

ريهام حجاج حبيبة عمرو سعد في "وضع أمني"
 
Iraqtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Iraqtoday Iraqtoday Iraqtoday Iraqtoday
iraqtoday iraqtoday iraqtoday
iraqtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
iraq, iraq, iraq