شهقة اليائسين كتاب يتناول تاريخ الانتحار في العالم العربي
آخر تحديث GMT05:21:44
 العراق اليوم -

"شهقة اليائسين" كتاب يتناول تاريخ الانتحار في العالم العربي

 العراق اليوم -

 العراق اليوم - "شهقة اليائسين" كتاب يتناول تاريخ الانتحار في العالم العربي

القاهرة ـ العرب اليوم

صدر مؤخرا عن دار التنوير للنشر كتاب بعنوان "شهقة اليائسين" للكاتب ياسر ثابت، والذى يتناول ظاهرة الانتحار فى العالم العربى. ويكشف بالحقائق والأرقام مدى تفشى هذا الفعل الذى يعكس أزمة مجتمعاتنا فى أوضح صورها. يحلل المؤلف أولا الأسباب النفسية والاجتماعية والسياسية التى تقف وراء انتشار الانتحار فى العالم العربى، وينتقل منها إلى تحليل أبرز أسماء المنتحرين فى ثقافتنا وغيرها من الثقافات والذين تنوعوا بين علماء ومفكرين وفنانين لم يجدوا بيننا متّسعـًا لهم فقرروا الانسحاب إلى العالم الآخر، طارحين وراءهم عالمنا بما فيه من قسوة وتسلط. يسرد المؤلف أيضـًا تفاصيل ثرية عن قرارات الانتحار لدى عدد من المبدعين فى العالم ويقول إن بعض المنتحرين من المشاهير، من الكاتب اليابانى يوكيو ميشيما (1970) إلى المغنية الإيطالية داليدا (1987)، ومن الروائى الأمريكى إرنست هيمنغواى (1961) إلى الشاعرة الأمريكية آن سيكستون (1974)، ومن الشاعر الروسى فلاديمير ماياكوفسكى (1930) إلى المؤلفة والقاصة الإنجليزية فرجينيا وولف (1941)، وجدوا أنها رسالتهم الأخيرة وردهم على حياة لم تعد محتملة، لكنها الحياة، والبقاء فيها على رغم كل شىء، فعل إرادة وليس ترفـًا يمكن الاستغناء عنه فى لحظة يأس. ويرى ياسر ثابت إنه فى ظل أزماتٍ اقتصادية خانقة، وتضييق سياسى على المشاركة فى الممارسة الديمقراطية، وغياب ملامح العدالة الاجتماعية وتكافؤ الفرص فى العالم العربى، يلوح الانتحار فى الأفق بالنسبة إلى من يشعرون بالقلق والجزع وينشدون الخلاص أو يريدون التعبير عن رفضهم لواقعهم الأليم. وفى مدنٍ عربية دخلتْ نفق التخلى، وقرى وبلدات ذاقت طعم التجاهل والنسيان، نجد أجيالاً بأكملها نُحرت قبل أن تنتحر، وشعوبـًا أُهملت قبل أن تنحدر إلى قاعها الدامى، وأفقرت إلى حد الاغتيال. يقدم ياسر ثابت صورة عميقة وتاريخية لحالات ومعدلات الانتحار فى الدول العربية، ويتتبعها دولة بدولة، مع استعراض نماذج لحالات الانتحار التى هزت تلك المجتمعات العربية فى الماضى والحاضر. غير أن المؤلف يغوص فى تاريخ مصر المعاصر، ويرصد حالات انتحار فى عصر محمد على باشا نتيجة سلسلة التحولات الاقتصادية والاجتماعية خلال النصف الأول من القرن التاسع عشر. وكان لنقص مياه الفيضان فى أعوام 1824 و1825 و1833 أثر فى خراب بعض القرى بسبب الجدب الذى أصابها، الأمر الذى أدى إلى تكرار حالات انتحار المزارعين. وفى فترة الكساد العالمى التى كانت لها تداعياتها على مصر، انتشرت حوادث الانتحار، فمثلاً رب البيت الذى لا يجد ما يكفيه وعائلته ولم يستطع فعل شىء كان يستسلم وينتحر، ولهذا ارتفعت نسبة حوادث الانتحار وعلى الأخص بين الطبقة الفقيرة الأكثر تعرضـًا من غيرها لآثار الأزمة. فقد "شنق شخص نفسه بحبل يدعى الشيخ أحمد حسن من كفر على آغا بطنطا لضيق ذات يده". ومن أرقام حوادث الانتحار نتبين أن حدة الأزمة كانت فى عامى 1931 و1932، إذ وصلت حوادث الانتحار فى تلك الفترة إلى أعلى نسبة بالمقارنة بإجمالى حوادث الانتحار خلال الفترة بين عامى 1929 و1933. فى عام 1929 وحده، سجلت فى المدن المصرية الكبرى 105 حوادث انتحار، ذهبت أكثرها بأرواح شبان بين العشرين والأربعين من العمر. من ناحية النوع، كان ضحايا تلك الحوادث 76 رجلاً و29 امرأة.. والفرق فى الأرقام واضح! الأرقام تقول إن حالات الانتحار فى مصر زادت بنسبة 12% فى عام 2011 عن العام الذى سبقه، وإن نحو 18 ألف حالة انتحار وصلت إلى مركز السموم خلال عام 2011، أغلبهم من الرجال .وتشهد مصر سنويـًا نحو 3 آلاف حالة انتحار سنويـًا لمن هم أقل من 40 عامـًا، فيما تقول تقارير أخرى إن خمسة أشخاص من بين كل ألف شخص يحاولون الانتحار بهدف التخلص من مشكلاتهم . عام 2009 وحده شهد محاولات للانتحار فى مصر بلغت 104 آلاف حالة، تمكن‏ 5‏ آلاف منهم فى التخلص من حياتهم‏. وتقول الإحصائيات الصادرة عن الجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء، إن جريمة الانتحار فى مصر، أصبحت ظاهرة خطيرة تتصاعد يومـًا بعد يوم. ثم ينتقل الكتاب إلى نموذج لافتٍ هو التونسى محمد بو عزيزي، ذلك المنتحر الذى ألهم الملايين بسحر الحياة الحقيقية فخرجوا ضد الطغيان حتى أزاحوا رؤوسه جزاءً وفاقـًا. وينهى المؤلف كتابه بفصل عن "أسبوع الانتحار" فى مصر والذى تلا الثورة التونسية وسبق الثورة المصرية، وكيف وظّف النظام المصرى السابق كل طاقاته لمواجهة من هدّدوا وجوده بإزهاق أرواحهم، وكيف أن ذلك النظام الذى كان قد تحلّل بفعل أخطائه وحماقاته لم يزد الطين إلا بلّة أودت به. ويمضى المؤلف متتبعـًا حالات الانتحار المستمرة بعد يناير 2011 والتى تمثل أكبر دليل على أن هذه الثورة ما زالت مستمرة، وأن أسباب اليأس لم تنضب بعد. يبقى أن هذا الكتاب هو باقة ورد يضعها مؤلفه وناشره على قبر كل من ضحّى بعمره من أجل أن نحيا وأجيالنا القادمة حياة "الكرامة الإنسانية".

arabstoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

شهقة اليائسين كتاب يتناول تاريخ الانتحار في العالم العربي شهقة اليائسين كتاب يتناول تاريخ الانتحار في العالم العربي



أبرز إطلالات شتوية رائعة من وحي هايلي بيبر

واشنطن - العراق اليوم

GMT 09:19 2021 الثلاثاء ,16 شباط / فبراير

ليونيل ميسي يجرد كريستيانو رونالدو من رقم قياسي

GMT 08:31 2019 الأحد ,13 كانون الثاني / يناير

حالة الطقس المتوقعة في المملكة السعودية الأحد

GMT 07:36 2018 الخميس ,18 تشرين الأول / أكتوبر

أسما شريف منير ووالدها في برومو " أنا وبنتي"

GMT 01:23 2018 الأربعاء ,25 إبريل / نيسان

ناهد السباعي بإطلالة مثيرة في أحدث جلسة تصوير

GMT 16:09 2018 الجمعة ,19 كانون الثاني / يناير

تعرّفي على تنسيق ديكورات غرف النوم المتصلة بالحمام

GMT 10:17 2017 الثلاثاء ,05 كانون الأول / ديسمبر

خواتم من الماس والأحجار الكريمة من أجل سهرات رائعة

GMT 05:53 2017 الأحد ,03 كانون الأول / ديسمبر

"التنوب" بديل لأشجار عيد الميلاد دائمة الخضرة

GMT 21:02 2017 الجمعة ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

يعدك الفلك بظروف إيجابية هذا الشهر بسبب دعم الكواكب
 
Iraqtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Iraqtoday Iraqtoday Iraqtoday Iraqtoday
iraqtoday iraqtoday iraqtoday
iraqtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
iraq, iraq, iraq