الجمهور المحكور

"الجمهور المحكور"

"الجمهور المحكور"

 العراق اليوم -

الجمهور المحكور

بقلم: يونس الخراشي

الجمهور هو قطب الرحى في مباريات كرة القدم، ولهذا السبب بالذات فمنذ جاء إنفانتينو إلى رئاسة "فيفا" وهو يلح على ضرورة إعادة اللعبة إلى أهلها؛ الجمهور. بعد أن هربها بلاتير وزبانيته إلى ملعب  المتنفذين، فعاثوا فيها فسادا، حتى فاحت روائحهم إثر تفجر قضية "فيفا غيت".

غير أن ما عانته الجماهير المغربية في نهائي كأس العرش، يوم أول أمس، وفي مباراة أبيدجان، لحسم التأهل إلى المونديال، وقبلهما في نهائي عصبة الأبطال الإفريقية، ومباريات أخرى كثيرة هنا وهناك، يؤكد أن جامعتنا الموقرة تتعاطى مع أهل اللعبة؛ جماهيرها، باعتبارهم شيء "من ضمن" أشياء أخرى، ليس إلا.

فالجماهير المغربية، على ما يبدو، لا تعدو أن تكون حشودا للتحفيز، تستعمل لشراء التذاكر، وإعطاء الانطباع لجهات ما بأن بلادنا شغوفة بلعبة كرة القدم. البقية تعرفونها جيدا، ولعلكم تابعتم رحلة جماهير الوداد للحصول على "تذاكر العار"، ثم رحلة الجماهير المغربية لتشجيع المنتخب في ظروف قاسية بأبيدجان، ورحلة الرجاويين والجديديين الطويلة جدا، والمريرة، لحضور نهائي كأس العرش. وكلها كانت رحلات مليئة بالعنت، والقهر، والجروح، وكأنها رحلات للهجرة السرية في بحر لجي، وليست ذهابا نحو الفرجة والاستمتاع والبهجة.

فماذا يعني أن يبيت الناس في العراء لليال ليحصلوا على تذكرة ملعب؟ ثم ماذا يعني أن يشتري بعض الناس تذاكر بأضعاف أضعاف ثمنها الأصلي؟ وماذا يعني أن يغادر الناس بلدهم نحو بلد آخر ليجدوا أنفسهم في المجهول؟ وماذا يعني أن يدخل الناس ملعبا في العاشرة أو الثانية عشرة لمشاهدة مباراة ستنطلق في الرابعة أو الخامسة؟ وماذا يعني، في الأخير، أن يظهر في شاشات التلفزيون من كان وراء كل هذا البؤس، وهو يبتسم، ويقول:"كل شيء مر في ظروف جيدة، تبعث على الاطمئنان"؟؟؟ وماذا يعني، أخيرا، أن يصفق لكل هذا البؤس من يفترض فيهم أن يثيروا إليه الانتباه، ويلحوا في المطالبة بمحاسبة ومعاقبة من كان وراءه؟؟

لقد عانت الجماهير المغربية لسنوات طويلة في كل الملاعب، وبخاصة في ملعب مجمع محمد الخامس بالدار البيضاء. ويذكر محبو الوداد والرجاء أنهم ظلوا "يأكلون الزرواطة" كلما هموا بدخول ملعبهم لتشجيع هذا الفريق أو ذاك، من أبواب الكادحين. كما يذكر هؤلاء أن مجيء حركات الإلترات لم يغير شيئا إلا للأسوأ، حتى صارت الجماهير عبارة عن حشود مطاردة باستمرار، بفعل الخوف من "أنشطتها"، ذات الصيت المدوي.

والغريب في الأمر أن تغيير المسيرين في الجامعة، وفي المجموعة الوطنية، وفي ما يسمى "العصبة الاحترافية"، لم يستدع أيا من هؤلاء كي يثير الانتباه ولو لمرة إلى معاناة الجماهير. فظل حالها يسوء ويسوء. ويكفي دليلا على ذلك أن كل الملاعب الجديدة، باستثناء ملعب مراكش، غطي منها الجزء الذي يجلس فيه "الوجهاء"، في حين بقي سقف الجماهير "المحكورة" هو السماء، شتاء وصيفا، بما قد تفرغه على الرؤوس من "أشعة قاسية" ومن "زخات صاعقة"، لا يزول أثرها حتى موعد المباراة المقبلة. لتتكرر المأساة.

إن من يفتخرون، و"يفشرون، كاع"، بالأوراش، والتشاركية، وبالعشب الصناعي مرة، وأخرى بالعشب الطبيعي، ودون ذلك من كلمات "غليظة"، ينبغي أن يشعروا بالخجل والجمهور، الذي هو الشعب، يقاسي كلما قرر الذهاب إلى الملعب ليتابع مباراة في الكرة.
"هادشي كلو، بلا ما نتكلمو على سوء التنظيم.. راه كارثة".

iraqtoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الجمهور المحكور الجمهور المحكور



GMT 10:04 2018 السبت ,03 تشرين الثاني / نوفمبر

تشويش البنزرتي

GMT 09:33 2018 الثلاثاء ,02 تشرين الأول / أكتوبر

العبث الإداري

GMT 08:29 2018 الثلاثاء ,11 أيلول / سبتمبر

قدسية كرة القدم

GMT 12:09 2018 الإثنين ,03 أيلول / سبتمبر

الكوكب وقاعدة الجاذبية

GMT 08:46 2018 السبت ,02 حزيران / يونيو

لا تراجع ولا استسلام

أبرز إطلالات شتوية رائعة من وحي هايلي بيبر

واشنطن - العراق اليوم

GMT 17:51 2019 الثلاثاء ,03 أيلول / سبتمبر

تنتظرك أحداث مهمة وسعيدة

GMT 11:05 2019 الثلاثاء ,04 حزيران / يونيو

وفاة والد لاعب الكرة المصري أكرم توفيق

GMT 09:34 2021 الإثنين ,15 شباط / فبراير

سيق إطلالة عصرية بنقشة النمر من وحي مايا دياب

GMT 15:47 2020 الخميس ,31 كانون الأول / ديسمبر

اطلالات رأس السنة بوحي من فساتين هدى القطّان

GMT 09:17 2019 الأربعاء ,16 كانون الثاني / يناير

أسود تقتحم شارعًا مكتظًا بالسيارات في جنوب أفريقيا

GMT 06:39 2017 الأربعاء ,27 كانون الأول / ديسمبر

أرقى تصاميم المجوهرات من وحي ثلوج الشتاء في 2018

GMT 07:21 2017 الأربعاء ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

مطعم "الغردقة الطائر" تجربة طريفة في الجونة

GMT 06:42 2017 الجمعة ,03 تشرين الثاني / نوفمبر

سينما "جومانجي" للنجم روبين ويليامز تعود من جديد

GMT 20:49 2017 الأحد ,08 تشرين الأول / أكتوبر

أبو ريدة يؤكد أنه لم يفقد الثقة في المنتخب المصري

GMT 07:38 2017 الجمعة ,02 حزيران / يونيو

لا تنجح مؤامرة متآمر إلا بتقصير مقصر

GMT 04:13 2017 الثلاثاء ,24 كانون الثاني / يناير

حساء "البيصارة" المغذي بالطريقة المغربية
 
Iraqtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Iraqtoday Iraqtoday Iraqtoday Iraqtoday
iraqtoday iraqtoday iraqtoday
iraqtoday
Pearl Bldg.4th floor
4931 Pierre Gemayel Chorniche,Achrafieh
Beirut- Lebanon
iraq, iraq, iraq