اليوم ننعى إليكم لغتنا يا تلاميذ فعزونا

اليوم ننعى إليكم لغتنا يا تلاميذ فعزونا

اليوم ننعى إليكم لغتنا يا تلاميذ فعزونا

 العراق اليوم -

اليوم ننعى إليكم لغتنا يا تلاميذ فعزونا

بقلم : الحبيب عكي

اليوم ننعى إليكم لغتنا العربية الجميلة يا تلاميذ فعزونا، بهذا الخبر بدأ الأستاذ حصته الأولى في علوم الحياة والأرض في الصف الأول الإعدادي، من الآن فصاعدًا غير مسموح لنا أن نتحدث وندرس بالعربية لغتنا القومية الجميلة، من هذه السنة وعلى غير المعتاد سنكف عن تدريس كل المواد العلمية من رياضيات وفيزياء وعلوم الحياة والأرض والتكنولوجيا والإعلاميات بالعربية، وسندرسها فقط بالفرنسية، لغة الآخرين، اندهش التلاميذ وهم يتساءلون عن حيثيات الخبر القرار ويقولون ولكن العربية سهلة وجميلة يا أستاذ، والفرنسية صعبة ومعقدة ولا نحسن نطقها ولا كتابتها، نعم نحن نفهم جيدًا بالعربية ونتحدث بها أفضل، اليوم ننعى إليكم لغتنا العربية الجميلة يا تلاميذ فعزونا،أجاب الأستاذ بعد سلسلة من تساؤلات التلاميذ، ولكن في الحقيقة ربما أنتم ألفتم فقط لهجتكم المحلية ولا تحبون الحديث بالعربية؟، قال التلاميذ بالعكس، وربما ستفهمون جيدًا بالفرنسية؟، وربما آباؤكم اشتكوا من العربية إلى المؤسسة وطالبوا بـ"فرنستها"؟، وربما المؤسسة أصبحت خصوصية لبعثة ما "مُفرنسة" ولم تعد عمومية معربة؟، وربما بعض المفتشين التربويين؟، وربما بعض الأحزاب والنقابات؟، وطوال أسئلة الأستاذ كان التلاميذ يجيبون صادقين  لا، لا، بالعكس، بالعكس. وأردف الأستاذ يضيف أو ربما أصبحنا ملحقة من ملاحق فرنسا وإن لم نكن على أرضها، وربما فقط عقدنا معها شراكة وتوأمة سنستفيد منها ماديًا لتغطية بعض مصاريف تعليمنا الباهظ، وإن كانت كل تكاليف تعليمنا والحمد لله على البلد المقاوم المسكين، ولكن بعض المسؤولين يأبون إلا تقديم خدمات مجانية لماما فرنسا دون جزاء ولا شكور.

اليوم ننعى إليكم لغتنا العربية الجميلة يا تلاميذ فعزونا، لا تذهبوا بعيدا يا أبنائي الأعزاء، فكل ما في الأمر إذن هو أن السيد المدير قد قرر، لأن السيد النائب قد قرر، لأن السيد الأكاديمي قد قرر، لأن السيد الوزير قد قرر، و أمر وأرغد وأرعد و أزبد، لأن المجلس الأعلى وقيامًا بدوره الاستشاري قد قرر، وإن لم يأمر فقد أشار، لأن التقارير الدولية قد قررت وضمنيًا ربما قد أمرت، وإن كانت تنفي على الدوام التدخل في الشأن الداخلي لأي بلد، ولا أدل على ذلك من أن كل بلدان العالم تدرس بلغاتها القومية وإن كانت "بيزنطية"، ولهذا ربما لا ينبغي الإكثار من لأن ولأن ولأن، فقط لأن ما لا نعرف من التماسيح وما لا نرى من العفاريت هي التي قررت وصممت عن قصد وإصرار على إهانة لغتنا العربية الجميلة في عقر دارها وبين أهلها، فأرادت باسم الانفتاح وتعلم لغة الآخرين وغيرها من المسميات استبدال تأثيث مستقبل أجيالنا بلغة فرنسية ترتب عالميًا في الرتبة 7 وراء لغتنا العربية التي تتقدمها في الرتبة 5.

اليوم ننعى إليكم لغتنا العربية الجميلة يا تلاميذ فعزونا، فالمهم يبقى الرأي حرًا والقرار ملزمًا، ولا خيار لنا جميعًا إلا أن نجرب وإن كان الأمر لم يعد في إطار التجريب، بل تعداه إلى إطار الإلزام والتعميم على كل المواد العلمية وعلى كل المؤسسات التعليمية الإعدادية والثانوية وعلى كل الخيارات وروافد الباكالوريا الدولية وغير الدولية، بل حتى المسالك الإنجليزية والشرق أسيوية، ولكن السادة المسؤولون ربما قد رأوا في "الفرنسة" الحل السحري لإصلاح التعليم وتحقيق مصلحة التلميذ والانطلاق من مبدأ المبادئ التربوية الأصيلة بيئة التلميذ ومستواه ولغته الوطنية الهوية والمرجعية والكونية، ربما أدركوا كل هذا فقالو فقط جربوا ثم احكموا، وكأننا لم نجرب شيئا قبل 30 سنة مضت، أو كأنهم قد قيموا العربية تقييمًا موضوعيًا فخلصوا إلى ضرورة إعادة التجريب و"الفرنسة" فقالوا من جديد جربوها وسترون أن الأمر مفيد وممتع، جربوا وسترون أن الأمر مبدع ومجدد، مغامرة وليست مقامرة، جربوا وعلى الأقل يبقى لنا ولكم شرف التجربة والمغامرة.

اليوم ننعى إليكم لغتنا العربية الجميلة يا تلاميذ فعزونا، اليوم أحبتي التلاميذ إذا قيل لكم جربوا فجربوا، وقد قيل لنا الكلام فلنجرب فلنجرب، اليوم والآن، وبدأ الأستاذ مقدمة درسه يعلن فيها بعض الأهداف العامة والمفاهيم البسيطة، فلا سؤال ولا جواب ولا مشاركة ولا معرفة الكتابة، قال الأستاذ: "ما بكم يا تلاميذ أليس فيكم جاك الصغير أوجاكلين، أليس فيكم ميشال أوميشلانة، لا تقولوا هذا فنحن الأساتذة أيضًا لم تندرب على الموضوع، ولكن كما ترون نتحدث فرنسي وعرنسي على كل حال"، ورغم تشجيع الأستاذ وتبسيطه للأمر فلا زال الصمت الرهيب هو السائد في الفصل ولا سؤال ولا جواب ولا مشاركة ولا معرفة الكتابة، ولا شيء غير تمتمة الأستاذ المسكين إذ يقول:"كنت أقول كل هذا في نفسي، ولكن أعمال العابثين غير منزهة عن العبث".

اليوم ننعي إليكم لغتنا العربية الجميلة يا تلاميذ فعزونا، ويبقى الإشكال والمعضلة اللغوية مطرحة وبشكل حاد على مؤسستنا التعليمية إلى درجة أن التلميذ قد يحصل على شهادة البكالوريا بعد ما لا يقل عن 18 أو 20 سنة دراسة، ولا يتقن مع الأسف أي لغة بما فيها اللغة العربية، لذا لا ينبغي بحال من الأحوال دعم اللغة الأجنبية على حساب اللغة الوطنية، بقدر ما ينبغي إعادة النظر في تنظيم تعلم اللغات عامة وتركها على قدم المساواة، إن لم يكن تفضيل اللغة الإنجليزية، لغة البحث العالمي والتواصل العالمي وغيرها من اللغات الحية ولغات المستقبل للسوق الأفريقي والشرق الأسيوي والنمور والتنانين الصاعدة، ودعم كل هذا عبر تكثيف دروس التعبير والتواصل وأنشطة القراءة والكتابة والأندية التربوية، وأكثر من ذلك ربط تعلم اللغة، أي لغة، بالمشروع الخاص، فوحده ما يجعل الطلبة يتعلمون لغة أي بلد في ستة أشهر،لا لشيء إلا لأن بلدها يحمل مستقبل دراساتهم الجامعية وربما حياتهم المهنية.

iraqtoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

اليوم ننعى إليكم لغتنا يا تلاميذ فعزونا اليوم ننعى إليكم لغتنا يا تلاميذ فعزونا



GMT 06:35 2017 السبت ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

اداب استخدام التراسل عبر الواتس اب

GMT 09:55 2017 الخميس ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

وسخرت لها القباب ابوابا ,, الجامعة الاردنية

GMT 09:49 2017 الثلاثاء ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

الشرق والازداوجية البلهاء

GMT 12:35 2017 الجمعة ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

بين الريسوني وبنكيران من يكسب الرهان؟

GMT 05:53 2017 الخميس ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

الاستهانة

أبرز إطلالات شتوية رائعة من وحي هايلي بيبر

واشنطن - العراق اليوم

GMT 22:02 2021 الثلاثاء ,05 كانون الثاني / يناير

تنجح في عمل درسته جيداً وأخذ منك الكثير من الوقت

GMT 16:43 2018 الخميس ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

تعرفي على طريقة تصليح الخدوش في مفروشات المنزل الجلدية

GMT 01:03 2017 الثلاثاء ,10 تشرين الأول / أكتوبر

تجنب الصوت العالي من أتيكيت التحدث مع الآخرين

GMT 15:21 2013 الأربعاء ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

تنظيم "دولة الإسلام" يُزيل تمثال الحُريّة عن ساعة الرقة

GMT 19:39 2017 الجمعة ,07 تموز / يوليو

الكشف عن تفاصيل جريمة القتل التي هزت دمشق

GMT 15:05 2015 الثلاثاء ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

أمطار متوسطة على منطقة حائل السعودية

GMT 22:42 2013 الإثنين ,28 كانون الثاني / يناير

دولتشي آند غابانا تطرح عطرًا جديدًا للأطفال الرضع

GMT 16:45 2014 الأحد ,12 تشرين الأول / أكتوبر

أجمل فساتين السهرة للبدينات من تصميم نعمان الأحجر

GMT 21:25 2020 الأربعاء ,19 شباط / فبراير

أفكار مبتكرة ومميزة لوضع "سفرة" في شرفة المنزل

GMT 18:28 2019 الأحد ,08 كانون الأول / ديسمبر

نجوم احتفلوا بعيد ميلاد نجمة فوازير رمضان شريهان الـ55
 
Iraqtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Iraqtoday Iraqtoday Iraqtoday Iraqtoday
iraqtoday iraqtoday iraqtoday
iraqtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
iraq, iraq, iraq