رحيل أزهرى جليل

رحيل أزهرى جليل

رحيل أزهرى جليل

 العراق اليوم -

رحيل أزهرى جليل

يقلم : مصطفي الفقي

رحل «محمود عاشور» إلى عالم أبدى وانتقل واحد من أهم شيوخى من دار الفناء إلى دار البقاء، لقد كان «محمود عاشور» نسيج وحده علمًا وورعًا وخلقًا، عرفته فى سنوات الشباب المبكر إذ ننتمى إلى جيل واحد انضم إلى منظمة الشباب فى سنوات الحلم القومى بكل ما لها وما عليها، فقد كان الشباب نقيًا وصادقًا يجمع بين الوطنية المصرية والقومية العربية دون تعارض أو لبس أو ضبابية، عمل الشيخ «محمود عاشور» موجهًا سياسيًا فى منظمة الشباب العربى الاشتراكى، وكان هو ذلك الأزهرى الذى يحترمه الجميع ويقدره كل من التقى به لدماثة خلقه وبشاشة وجهه وإقباله على الناس، وعندما انفض (السامر) وذهب الرفاق كل فى طريقه مضى «محمود عاشور» إلى عمله فى الأزهر الشريف حيث كان مسؤولًا عن إدارة مكتب وزير شؤون الأزهر وتأثر كثيرًا فى تلك المرحلة بعالم جليل هو الشيخ «عبدالعزيز عيسى» وزير شؤون الأزهر حينذاك ثم واصل صديقى العزيز «محمود عاشور» مسيرته فى ثبات وثقة، وكان قريبًا من الإمام «الشعراوى» ومحلًا لثقته وأهلاً لصداقته، وعندما نعى الناعى منذ أيام رحيل «محمود عاشور» الذى وصل ذات يوم إلى منصب وكيل الأزهر الشريف تراءت أمامى مسيرة ذلك العالم الجليل، ولعلى استنبط منها مظاهر ثلاثة وهى:

أولاً: كان الشيخ «محمود عاشور» مؤمنا بوسطية الإسلام واعتدال الدعوة إليه بالحكمة والموعظة الحسنة لذلك استمع إليه مريدوه وهو يشرح أصول الدين فى سماحة وبساطة دون غلو أو تشدد أو تعصب، وكان معروفًا بسهولة الوصول إليه والتحدث معه من عامة الناس شأن علماء الإسلام الذين يتصفون بالتواضع واحترام الغير ونشر الفضيلة فى المحيط الذى يعيشون فيه.

ثانيًا: لقد كان «محمود عاشور» داعية للتقريب بين المذاهب الإسلامية الصحيحة مع ولاء لمذهب أهل السنة والجماعة، وقد حاول فى حياته أن يفتح أبواب الحوار البناء لتنقية المذاهب الإسلامية الكبرى من بعض الأفكار والممارسات التى تعتبر دخيلة على الدين الحنيف، وما أكثر ما كانت لقاءاتى به خصوصًا أننا ننتمى معًا إلى محافظة البحيرة الشهيرة برجال الدين الكبار من أمثال الشيوخ «محمد عبده» و«حمروش» و«شلتوت» و«عبدالعزيز عيسى» و«محمود حب الله» و«محمد المدنى» وغيرهم من الكوكبة المضيئة.

ثالثًا: لقد اتسم الشيخ الراحل بدرجة عالية من الوعى السياسى والرؤية الواضحة للفضاء الدولى حولنا والواقع الإقليمى بيننا، وكان يسعى جاهدًا للتوفيق بين مقاصد الشريعة وروح العصر وظل قابضًا على درجة عالية من الاستنارة طوال حياته الحافلة بكل ما ينفع الناس ويبقى فى الأرض.

إن رحيل «محمود عاشور» يذكرنا بواحد من أكثر شيوخ الأزهر الشريف صلاحًا فى الدنيا واستعدادًا للآخرة فضلًا عن إسهاماته المشهودة فى كل ما يتصل بتنظيم الأزهر الشريف وإدارة شؤونه، وتحضرنى الآن واقعة لا أنساها عندما سألت الرئيس الأسبق «مبارك»ــ وكان يحترم رجال الدين كثيرًاــ هل فكر فى تعيين الإمام الشعراوى شيخًا للأزهر؟ فقال لى: «لقد كلفت رئيس الوزراء الراحل د. فؤاد محيى الدين بعرض منصب شيخ الأزهر على الشعراوى بعد رحيل الشيخ عبدالرحمن بيصار ولكن الإمام الشعراوى اعتذر عن قبول المنصب!»، فأدهشنى الأمر واتصلت بالشيخ «محمود عاشور» الذى أبلغ «الشعراوى» بما حدث، فكان رده «إن فؤاد محيى الدين لم يعرض على المنصب إذ لم تكن علاقتى به طيبة فى معظم الأوقات» وتساءل الشيخ الشعراوى كيف يرفض مشيخة الأزهر، ولا يجلس على مقعد إمام المسلمين، ولعل الأمر الذى كان يلفت نظرى فى الشيخ «محمود عاشور»ــ وهو الآن فى رحاب ربـه ــ أنه كان خدومًا لكل من يقصده بلا تردد.. رحم الله الشيخ «عاشور» فى مقعد صدق عند مليك مقتدر.

المصدر: المصري اليوم
المقال يعبر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع

arabstoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

رحيل أزهرى جليل رحيل أزهرى جليل



GMT 04:55 2019 الخميس ,21 شباط / فبراير

السباق على استعمار القمر

GMT 04:46 2019 الخميس ,21 شباط / فبراير

نتانياهو متهم والولايات المتحدة تؤيده

GMT 04:40 2019 الخميس ,21 شباط / فبراير

فى حياته.. ومماته!

GMT 13:45 2019 الخميس ,31 كانون الثاني / يناير

الإعلام والدولة.. الصحافة الورقية تعاني فهل مِن منقذ؟!

أبرز إطلالات شتوية رائعة من وحي هايلي بيبر

واشنطن - العراق اليوم

GMT 09:45 2021 السبت ,20 شباط / فبراير

سياحة إفتراضية على متن مركب شراعي في أسوان

GMT 21:35 2021 الثلاثاء ,05 كانون الثاني / يناير

تطرأ مسؤوليات ملحّة ومهمّة تسلّط الأضواء على مهارتك

GMT 09:48 2017 الجمعة ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

انطلاق موقع مجلة الموروث العراقية الإلكترونية بحلّة جديدة

GMT 01:01 2018 الأربعاء ,20 حزيران / يونيو

نادين نسيب نجيم تقع في الفخ بسبب فيلم"الكرنك"

GMT 05:39 2018 الخميس ,18 كانون الثاني / يناير

سيدتان تكسران ذراع مراهقة آسيوية بدوافع عنصرية في لندن

GMT 14:44 2018 الثلاثاء ,09 كانون الثاني / يناير

الليبي مؤيد اللافي صانع ألعاب أهلي طرابلس ينضم إلى الشباب

GMT 14:00 2014 الأحد ,05 تشرين الأول / أكتوبر

وزارة الصحة الفرنسية تعلن شفاء أول سيدة من المرض

GMT 09:41 2017 الإثنين ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

"Ae Dil Hai Mushkil"على قناة "أم بي. سي" بوليوود

GMT 17:50 2017 الإثنين ,16 تشرين الأول / أكتوبر

القوات العراقية تعلن سيطرتها على مطار كركوك ومنشآت نفطية

GMT 06:35 2017 الإثنين ,16 تشرين الأول / أكتوبر

الدكتور أحمد بن محمد العيسى يدشن برنامج "بوابة المستقبل"

GMT 20:48 2020 الإثنين ,13 كانون الثاني / يناير

الملك سلمان يقدم واجب العزاء في وفاة السلطان قابوس

GMT 04:47 2019 الأربعاء ,02 كانون الثاني / يناير

تعرف على الفرق بين أعراض نزلات البرد وفيروس الانفلونزا

GMT 02:15 2018 الجمعة ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

وفاء عامر تستعدّ لتصوير مجموعة مِن الأعمال التلفزيونية

GMT 01:47 2018 الثلاثاء ,30 تشرين الأول / أكتوبر

600 ناسج في كيرالا الهندية يستعدّون لمهرجان "أونام" للحصاد

GMT 00:24 2018 الثلاثاء ,02 تشرين الأول / أكتوبر

هواوي ستكشف عن هاتفها "Enjoy 9 Plus" الجديد قريبا
 
Iraqtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Iraqtoday Iraqtoday Iraqtoday Iraqtoday
iraqtoday iraqtoday iraqtoday
iraqtoday
Pearl Bldg.4th floor
4931 Pierre Gemayel Chorniche,Achrafieh
Beirut- Lebanon
iraq, iraq, iraq