ناقشوا الأخطاء لا الأكاذيب

ناقشوا الأخطاء لا الأكاذيب

ناقشوا الأخطاء لا الأكاذيب

 العراق اليوم -

ناقشوا الأخطاء لا الأكاذيب

بقلم - عمرو الشوبكي

أسوأ ما جرى فى مصر فى العقود الأربعة الأخيرة أن البعض صدق بعض الروايات الكاذبة عن جمال عبدالناصر وبدأ فى مناقشتها باعتبارها حقائق، ونسى الإيجابيات والسلبيات الحقيقية، حتى نستفيد من تاريخنا من أجل الحاضر وبناء المستقبل.

حين يرفض البعض السياسات الاشتراكية لعبدالناصر ويعتبر أن التأميم ذهب بعيدا حتى شمل قطاعات من الرأسمالية الوطنية المنتجة وليس الصناعات الكبرى والاحتكارية فنتفهم رأيه حتى لو اختلفنا معه، وحين توجه نقدا لغياب الديمقراطية والتعددية الحزبية واحترام حقوق الإنسان تقبله، حتى لو كانت كل دول العالم الثالث (باستثناء الهند) تبنت نظام الحزب الواحد وكانت الأولوية للتحرر من الاستعمار والاستقلال، وليس الديمقراطية مثل نظام عبدالناصر.

الأخطاء كثيرة وكلها لابد أن تطرح للنقاش العام، ولكن بكل أسف ماكينة ترويج الأكاذيب فى مصر لا تخص فقط عبدالناصر، إنما هى قادرة على الانحراف بأى نقاش جاد حول قضايا حقيقية إلى توافه وأكاذيب سابقة التجهيز لا علاقة لها بالواقع والحقيقة المجردة.

ولعل أحد أكبر هذه الأكاذيب هو تحميل عبدالناصر مسؤولية الحروب مع إسرائيل وتصويره فى صورة القائد المتهور الذى بحث عن «جر شكل» إسرائيل الوديعة، ويتناسى أن الجيش المصرى حارب فى فلسطين عام 1948 فى ظل النظام الملكى مع جيوش عربية أخرى عقب احتلال اليهود لأجزاء من فلسطين، وخسرنا المعركة، وفى حرب 56 أمم ناصر قناة السويس ولم يعلن الحرب على إسرائيل، ومع ذلك جاءت الأخيرة والتحقت بالعدوان الثلاثى على مصر مع بريطانيا وفرنسا.

أما 67 فكانت هزيمة عسكرية عربية أمام إسرائيل اعترف بها عبدالناصر، وتحمل مسؤوليتها، وقام بإعادة بناء الجيش وخاض حرب استنزاف لمدة 3 سنوات فتحت الطريق أمام انتصار أكتوبر.

أكذوبة أخرى رائجة يقولها البعض «بقالنا 65 سنة تحت الحكم العسكرى» والحقيقة، وبعيدا عن هؤلاء الذين لديهم عقدة نفسية من كل شخص ارتدى الزى العسكرى، فإن عبدالناصر، بكل المقاييس، لم يكن حاكما عسكريا، إنما كان رجلا ذا تكوين وثقافة مدنية ثورية وله خلفية عسكرية (شرف وليست عيبا) فعبدالناصر أسس تنظيما ثوريا اخترق به الجيش سماه الضباط الأحرار، فهل اعتاد الحكام العسكريون أن يؤسسوا تنظيمات سياسية فى داخل جيوشهم أم أنهم يصدرون الأوامر لجنودهم وضباطهم بالانقلاب والتحرك العسكرى وفق الأوامر العسكرية وليس النشاط التنظيمى والسياسى؟

عبدالناصر مثل السادات (رغم ما بينهما من خلاف وتباين جذرى) كانا أبناء التنظيمات السياسية ومتمردين على «التراتبية العسكرية»، فعبدالناصر كان ضابطا شابا فى منتصف الثلاثينيات وليس وزير الدفاع حين تحرك تنظيمه (الضباط الأحرار) ليلة 23 يوليو ليطيح بقيادته العسكرية ثم يهدم النظام الملكى ويؤسس الجمهورية.

يقينا فى الجيوش المهنية الحديثة، ومنها الجيش المصرى، لم يعد مقبولا ولا مسموحا أن يوجد بداخلها تنظيمات سياسية وإلا فقدت احترافيتها وحيادها وولاءها للشعب والدولة، لا لنظام أو حزب سياسى، ولذا فإن عبدالناصر كان نتاج بيئة فريدة واستثنائية أنتجت زعيما سياسيا أخطأ وأصاب، ولكنه فى النهاية صاحب مشروع مدنى اشتراكى وليس حاكما عسكريا.

المصدر : جريدة المصري اليوم

arabstoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

ناقشوا الأخطاء لا الأكاذيب ناقشوا الأخطاء لا الأكاذيب



GMT 09:29 2020 الثلاثاء ,08 أيلول / سبتمبر

حول التطبيع 2

GMT 05:19 2019 الجمعة ,22 آذار/ مارس

النصوص لا تصنع الإرهاب

GMT 05:33 2019 الخميس ,14 آذار/ مارس

الجزائر على طريق النجاح

GMT 08:31 2019 الخميس ,28 شباط / فبراير

هل نحتاج لمزيد من كليات الطب؟

GMT 04:38 2019 الأحد ,24 شباط / فبراير

مجلس الشورى

أبرز إطلالات شتوية رائعة من وحي هايلي بيبر

واشنطن - العراق اليوم

GMT 22:02 2021 الثلاثاء ,05 كانون الثاني / يناير

تنجح في عمل درسته جيداً وأخذ منك الكثير من الوقت

GMT 16:43 2018 الخميس ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

تعرفي على طريقة تصليح الخدوش في مفروشات المنزل الجلدية

GMT 01:03 2017 الثلاثاء ,10 تشرين الأول / أكتوبر

تجنب الصوت العالي من أتيكيت التحدث مع الآخرين

GMT 15:21 2013 الأربعاء ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

تنظيم "دولة الإسلام" يُزيل تمثال الحُريّة عن ساعة الرقة

GMT 19:39 2017 الجمعة ,07 تموز / يوليو

الكشف عن تفاصيل جريمة القتل التي هزت دمشق

GMT 15:05 2015 الثلاثاء ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

أمطار متوسطة على منطقة حائل السعودية

GMT 22:42 2013 الإثنين ,28 كانون الثاني / يناير

دولتشي آند غابانا تطرح عطرًا جديدًا للأطفال الرضع

GMT 16:45 2014 الأحد ,12 تشرين الأول / أكتوبر

أجمل فساتين السهرة للبدينات من تصميم نعمان الأحجر

GMT 21:25 2020 الأربعاء ,19 شباط / فبراير

أفكار مبتكرة ومميزة لوضع "سفرة" في شرفة المنزل

GMT 18:28 2019 الأحد ,08 كانون الأول / ديسمبر

نجوم احتفلوا بعيد ميلاد نجمة فوازير رمضان شريهان الـ55

GMT 02:59 2019 الأربعاء ,06 شباط / فبراير

تقرير أوروبي يحذر من مكون خطير في "نوتيلا"

GMT 06:14 2019 الثلاثاء ,15 كانون الثاني / يناير

مطعم في الإمارات يفرض غرامة على مَن لا يأكل طعامه كاملًا

GMT 00:02 2019 الثلاثاء ,15 كانون الثاني / يناير

هل تؤثر فترة الحضانة على سلوك الأطفال؟

GMT 23:47 2019 الخميس ,10 كانون الثاني / يناير

دراسة تؤكد ان كوكب الأرض كان عبارة عن "كرة ثلج"‬

GMT 11:09 2018 الخميس ,05 إبريل / نيسان

تألقِ بمجوهرات من "حجر الروبي"الأحمر القاني
 
Iraqtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Iraqtoday Iraqtoday Iraqtoday Iraqtoday
iraqtoday iraqtoday iraqtoday
iraqtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
iraq, iraq, iraq