حوار الطرشان بين طهران وواشنطن

حوار الطرشان بين طهران وواشنطن!

حوار الطرشان بين طهران وواشنطن!

 العراق اليوم -

حوار الطرشان بين طهران وواشنطن

بقلم : مكرم محمد أحمد

إذا صح أن ضغوط الولايات المتحدة يمكن أن تمنع دول العالم من شراء أغلبية البترول الإيرانى ليمتنع وصول أغلب عوائد النفط إلى طهران، فربما تُقدم طهران على تنفيذ تهديدات رئيسها حسن روحانى وتغلق مضيق هرمز ليمتنع وصول بترول الخليج إلى العالم شرقاً وغرباً، خاصة أن المرشد الأعلى للثورة على خامنئى يساند إجراءات روحانى ويعتبرها السياسة الرسمية لدولة إيران، غير أن تهديدات إيران العديدة السابقة على عهد الرئيسين هاشمى رافسنجابى وأحمدى نجاد لم تخرج أبداً إلى حيز التنفيذ، لأن غلق مضيق هرمز ربما يكون عملاً عسكرياً سهلاً وممكناً، لا يتطلب أكثر من إغراق ناقلة بترول فى المجرى الملاحى للمضيق، لكنه عمل أحمق ضد العالم أجمع، سوف يؤدى بالضرورة إلى حرب ضروس قد تصل لأن تكون حرباً نووية الخاسر الأكبر فيها إيران التى يمكن أن تفقد فيها كل مقدراتها، البترول والقدرة العسكرية والثورة الإسلامية التى قاربت أن تكون عبئاً على الشعب الإيرانى تكلفه فوق طاقته، وعلى منطقة الشرق الأوسط التى تعانى حماقات آيات الله وإصرارهم على تصدير الثورة الإسلامية إلى المنطقة وإثارة القلاقل والفتن وضرب الاستقرار لتمديد نفوذ فارس وتلبية طموحاتها فى التمدد على حساب أمن العرب واستقرارهم.

وأظن أن جزءاً من مشكلة إيران هو عنجهية قادتها الذين ورطوا الشعب الإيرانى فى سياسة خائبة أدت إلى إفقار إيران، الدولة والشعب وعزلتها السياسية بينما تضخمت ثروات آيات الله وأشياعهم لكثرة الفساد، ولا تقل عنجهية إدارة الرئيس الأمريكى ترامب عن عنجهية قادة إيران، اللذين يتبادلان التهديدات الآن بصورة غير مسبوقة، حسن روحانى يحذر ترامب من اللعب بالنار مستعيراً لغة صدام حسين، لأن الحرب مع إيران ستكون أم الحروب ولا تعبث بذيل الأسد لأن ذلك لن يؤدى إلا للندم، بينما وجه الرئيس الأمريكى تحذيراً لحسن روحاني: إياك وتهديد الولايات المتحدة مرة ثانية وإلا ستواجه تداعيات لم يشهدها سوى قلة قليلة عبر التاريخ.

ومن المؤكد أن تهديدات ترامب الزاعقة يمكن أن تساعد قادة إيران على محاولة تجييش الداخل تحت علم الدولة الإيرانية رغم احتقان غضب الإيرانيين وإحباطهم المتزايد بسبب حماقات آيات الله، وسوء الأوضاع الاقتصادية والقمع السياسى المستمر، لكن أيا كان الوضع ومهما يكن حجم التفوق العسكرى الأمريكى فإن الحرب بين أمريكا وإيران سوف تكون أكثر دموية وفتكاً من حرب العراق التى كلفت الاقتصاد الأمريكى خسائر هائلة كان يمكن أن تؤدى إلى إفلاس الخزانة الأمريكية، رغم أن عملية الغزو تمثلت فى طابور مدرع اخترق البلاد دون معارك ضخمة!، لكن العراق فقد مليون مواطن فى مقاومة الاحتلال الأمريكي، ولأن الرئيس ترامب ربما تحكمه بعض الدوافع الخاصة، فضلاً عن مشاكله الداخلية بسبب سوء أدائه فى قمة هلسنكى يتحفظ كثير من الأمريكيين على حرب جديدة مع إيران وإن كانوا يشددون على ضرورة استهداف إيران بعقوبات اقتصادية قاسية دون الإنجرار إلى حرب جديدة فى الشرق الأوسط، نستثنى من ذلك بنيامين نتنياهو رئيس وزراء إسرائيل الذى يقرع طبول الحرب فى الشرق الأوسط.

وما ينبغى الحذر منه أمران أساسيان أولهما استخدام القوة العسكرية بهدف تغيير نظام الحكم الإيرانى تحت إغراء بعض الشواهد التى تؤكد تعاظم غضب الشعب الإيرانى لأن التدخل العسكرى الأجنبى من الخارج سوف يكون عامل إضعاف لثورة الداخل، وربما يساعد النظام الإيرانى على تجييش وحشد قوى الداخل، والأفضل والأكثر فاعلية ترك الداخل يتفاعل بتأثير أزمته الداخلية دون تدخل خارجى مباشر، وحذر بعض أعضاء الكونجرس من إعطاء الرئيس ترامب أى إشارة خضراء بالموافقة على الحرب، لأن الرئيس قد يكون بحاجة لاصطناع أزمة خارج الحدود تصرف أنظار الجميع عن أزمة الموقف الداخلي، ويرى الخبير النووى سيرانيونى أن تهديدات ترامب تحمل إشارات واضحة بإمكان استخدامه للحرب النووية ضد إيران.

وثمة من يعتقدون أن جوهر ما تريده طهران هو الجلوس إلى مائدة التفاوض لأن سلاماً مع إيران، كما قال حسن روحانى هو السلام الحقيقي، لكن العنجهية الفارسية ضيعت بسوء اختيارها للكلمات الهدف الحقيقي، على حين تتطلب عنجهية الرئيس الأمريكى ترامب أن يرى العالم أجمع المفاوض الإيرانى فى حالة ضعف ومذلة, وبسبب هذه المفارقة الصعبة، تحول حوار واشنطن وطهران إلى نوع جديد من حوار الطرشان.

المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع
المصدر: الأهرام

arabstoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

حوار الطرشان بين طهران وواشنطن حوار الطرشان بين طهران وواشنطن



GMT 04:55 2019 الخميس ,21 شباط / فبراير

السباق على استعمار القمر

GMT 04:46 2019 الخميس ,21 شباط / فبراير

نتانياهو متهم والولايات المتحدة تؤيده

GMT 04:40 2019 الخميس ,21 شباط / فبراير

فى حياته.. ومماته!

GMT 13:45 2019 الخميس ,31 كانون الثاني / يناير

الإعلام والدولة.. الصحافة الورقية تعاني فهل مِن منقذ؟!

أبرز إطلالات شتوية رائعة من وحي هايلي بيبر

واشنطن - العراق اليوم

GMT 20:55 2021 الأربعاء ,06 كانون الثاني / يناير

أعد النظر في طريقة تعاطيك مع الزملاء في العمل

GMT 16:31 2019 الأربعاء ,01 أيار / مايو

فرص جيدة واحتفالات تسيطر عليك خلال هذا الشهر

GMT 14:50 2019 الثلاثاء ,02 إبريل / نيسان

حافظ على رباطة جأشك حتى لو تعرضت للاستفزاز

GMT 02:30 2017 الخميس ,19 تشرين الأول / أكتوبر

شيري عادل تشترط أن يكون زوجها المستقبلي فنانًا

GMT 17:38 2019 الجمعة ,06 كانون الأول / ديسمبر

حصيلة قتلى الاحتجاجات في العراق تلامس الـ500

GMT 16:33 2018 الإثنين ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

صاحب ورشة يقتل زوجته في "إمبابة" خنقًا صباح عيد "الأضحى"

GMT 13:25 2018 الخميس ,04 تشرين الأول / أكتوبر

غطاسة إيطالية تتمكن من الوصول إلى عمق بحري غير مسبوق

GMT 02:47 2018 الإثنين ,04 حزيران / يونيو

"فولكس فاغن" تستعد لطرح سيارتها T-Roc عام 2020

GMT 06:16 2017 الأحد ,24 كانون الأول / ديسمبر

إبنة الرئيس دونالد ترامب تحتفل بأعياد الميلاد

GMT 23:29 2017 الثلاثاء ,03 تشرين الأول / أكتوبر

حاتم العقيل يصمم عباءة نسائية بوحي من زهرة الزنبق

GMT 17:37 2019 السبت ,02 شباط / فبراير

سامي الجابر يشيد باللاعب هتان باهبري

GMT 20:30 2019 الخميس ,31 كانون الثاني / يناير

"المستقبل" اللبنانية تتوقف عن الصدور بنسختها الورقية
 
Iraqtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Iraqtoday Iraqtoday Iraqtoday Iraqtoday
iraqtoday iraqtoday iraqtoday
iraqtoday
Pearl Bldg.4th floor
4931 Pierre Gemayel Chorniche,Achrafieh
Beirut- Lebanon
iraq, iraq, iraq