ليسوا كلهم ملحدين

ليسوا كلهم ملحدين

ليسوا كلهم ملحدين

 العراق اليوم -

ليسوا كلهم ملحدين

بقلم : د. وحيد عبدالمجيد

فى حوار مع داعية وعالم مستنير، لم أستأذنه فى النشر، بدا مقتنعاً بفكرة أن المفكرين والعلماء الذين يُطلق عليهم تنويريون لابد أن يكونوا مؤمنين بأن المعرفة لا يمكن إلا أن تكون حسية، أى أننا نصل إليها عن طريق حواسنا فقط. لم يتسع الوقت لنقاش مستفيض فى موضوع عميق بطابعه. ولأن هذا الاعتقاد شائع، لابد من توضيح خطأ التعميم فى هذا المجال، كما فى أى مجال. خذ مثلاً المفكر الألمانى عمانويل كانط (1724-1804)، الذى لا يُعد واحداً فقط ممن يُساء فهمهم، بل يُعتبر عُمدة مفكرى عصر التنوير.
  فقد اختار أن يكون كتابه الأول، فى ثلاثيته التى كانت نقلة كبرى فى الفكر الإنسانى، عن العقل المجرد، أى العقل الذى نكتسب المعرفة عن طريقه، وليس عبر حواسنا فقط. فالحواس، عند كانط، لا تؤدى إلى معرفة صحيحة فى كل الأحوال، ولا تستطيع الإلمام بكل جوانب العالم الذى لا نهاية له، أو إدراك ما يقع خارجه. العالم، إذن، بهذا المعنى, يتجاوز قدرات حواسنا، ولا يمكن إدراكه دون استخدام العقل الذى ينبغى تحريره من أى قيود تُكبله.

واستخدم كانط تعبيراً بالغ الدلالة فى هذا السياق، وهو أننا نحتاج إلى عيننا الباطنة، أى إلى ما نراه بعقولنا، أكثر فى بعض الأحيان من العين التى نرى بها الأشياء. وعندما أعطى معظم مفكرى التنوير أولوية متقدمة لتحرير العقل، وإطلاقه ليفكر ويُبدع ويبتكر ويُجدد، كانوا مؤمنين بدوره الجوهرى فى الحصول على المعرفة. وهذا هو الأصل التاريخى لمبدأ حرية التفكير والاعتقاد، الذى لم يهدف إلى الحد من سلطان الكنيسة فى أوروبا وتحكم رجالها فى تفكير الناس فقط، بل إلى فتح الباب الذى كان مغلقاً أمام العقل لاكتساب المعرفة التى يتعذر الحصول عليها بواسطة الحواس.

ولا يخفى أن كل ما وراء الطبيعة، أو الميتافيزيقا، يتجاوز قدرات الحواس، بما فى ذلك الأديان بطبيعة الحال. ولأن ثلاثية كانط مترابطة، لا يكتمل فهم مقصده إلا عبر الإطلاع على الكتاب الثانى فيها نقد العقل العملى، الذى يخلص فيه إلى عدم إمكان تحديد الموقف تجاه الدين على أساس العلم.

arabstoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

ليسوا كلهم ملحدين ليسوا كلهم ملحدين



GMT 14:27 2019 الجمعة ,21 حزيران / يونيو

وفاة الحلم الياباني لدى إيران

GMT 14:24 2019 الجمعة ,21 حزيران / يونيو

المواجهة الأميركية مع إيران (١)

GMT 05:35 2019 الخميس ,20 حزيران / يونيو

موسكو في "ورطة" بين "حليفين"

GMT 05:32 2019 الخميس ,20 حزيران / يونيو

(رحيل محمد مرسي)

GMT 05:28 2019 الخميس ,20 حزيران / يونيو

ضرب ناقلات النفط لن يغلق مضيق هرمز

أبرز إطلالات شتوية رائعة من وحي هايلي بيبر

واشنطن - العراق اليوم

GMT 18:47 2021 الأربعاء ,27 كانون الثاني / يناير

ديكورات حمامات تتباهى بجاذبية اللون الأسود تعرف عليها

GMT 22:39 2019 الخميس ,11 إبريل / نيسان

انتشار سريع ومثمر في جميع الأصعدة

GMT 11:52 2019 الخميس ,24 كانون الثاني / يناير

"الزمالك" يأمل في تحقيق البطولة الغائبة أمام "بيراميدز"

GMT 14:44 2018 الخميس ,20 كانون الأول / ديسمبر

فيريرو يؤمن بقدرة زفيريف على التطور في الجراند سلام

GMT 23:34 2018 الإثنين ,15 تشرين الأول / أكتوبر

شيبة يكشف عن عمل غنائي مشترك مع إيهاب توفيق

GMT 06:56 2018 الجمعة ,05 تشرين الأول / أكتوبر

تعرفي على أبرز صيحات ألوان حقائب ربيع 2019

GMT 10:38 2018 الثلاثاء ,25 أيلول / سبتمبر

"جوجل" تضيف موجز أخبار إلى الصفحة الرئيسية للجوال

GMT 13:44 2018 السبت ,30 حزيران / يونيو

ضبط 7 كيلوغرامات من "الكيف" في غليزان و الوادي

GMT 19:00 2013 الخميس ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

حفل تأبين للشاعر رضا رجب في المركز الثقافي في مصياف

GMT 04:13 2017 الأربعاء ,11 كانون الثاني / يناير

هند حسين تعلن تصميمها لمكملات أناقة من الجلد الطبيعي
 
Iraqtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Iraqtoday Iraqtoday Iraqtoday Iraqtoday
iraqtoday iraqtoday iraqtoday
iraqtoday
Pearl Bldg.4th floor
4931 Pierre Gemayel Chorniche,Achrafieh
Beirut- Lebanon
iraq, iraq, iraq