ميشال عون هيَّا بنا إلى جهنَّم

ميشال عون... هيَّا بنا إلى جهنَّم

ميشال عون... هيَّا بنا إلى جهنَّم

 العراق اليوم -

ميشال عون هيَّا بنا إلى جهنَّم

مصطفي فحص
بقلم : مصطفي فحص

اختصر المقيم في قصر بعبدا الكلام وصارح اللبنانيين بحقيقة ما ينتظرهم... قالها بما تبقَّى له من عزيمة: «نحن ذاهبون إلى جهنم». لعل الصراحة راحة، ولكنها لا تجوز من شخص تقع على عاتقه المسؤولية الأولى، فما قاله ميشال عون في مؤتمره الصحافي الأخير اختصر في الشكل والوقت والمضمون على اللبنانيين تفسير ما تبقى من العهد والسلطة والطبقة الحاكمة، ولكن من جهة أخرى، فإنَّ من أعطى هذه الأجوبة يملك صفة رئيس الجمهورية، وقد جرى تعطيل المؤسسات الدستورية والتشريعية 28 شهراً من أجل فرض انتخابه رئيساً للجمهورية، ومن مسؤولياته حماية المواطنين وتأمين سلامة واستقرار البلاد التي يحكمها بوصفه أباً للأمة، فهو منذ انتخابه أعطى نفسه لقب «بَي الكِّل» في استعادة فاشلة لثقافة المجتمعات الشمولية من عهد الحرب الباردة، التي استخدمتها أنظمة استبدادية في يوغوسلافيا خلال عهد الجنرال تيتو وفي رومانيا في زمن الديكتاتور تشاوتشيسكو.

لكن الجنرال بدا في إطلالته الأخيرة أشبه بالجنرالات في قصص الأديب الروسي أنطون تشيخوف، أولئك الذين بعد تقاعدهم ينشغلون بتلبية المناسبات ويسعدهم الجلوس في الصفوف الأمامية مطرزين بنياشين وأوسمة عن حروب خاضوها وأخرى لم يخوضوها، ومن الممكن أن يكونوا قد خسروها، وفي مُعضلة جنرالنا الذي قاد قبل تقاعده حروباً خاسرة توهم أنَّه ربحها، وأخرى افتراضية اعتقد أنَّه كسبها، أنه لم يزل يتوهم انتصاراً أو يستجديه من زائر فرنسي أو وصيّ إيراني، وكأنَّه يرفض أنْ يتعلم من تجارب سابقة خاضها، أضرت بالمسيحيين وتسببت في تراجع دورهم وموقعهم في التركيبة اللبنانية.
ظُهر يوم الاثنين الماضي أيقن اللبنانيون أنه لا مخرج من أزمتهم مع هذه الطبقة الحاكمة، فرئيسهم الذي يتعامل مع كارثة 4 أغسطس (آب) الماضي على أنها حادث نتيجة الإهمال، يحاول القفز من مركب أيقن الجميع أنه على شفير الغرق، ولكن قفزته فقط لإنقاذ ما تبقى من عهده، هذا العهد الذي دفع باللبنانيين إلى حمل ما تبقى لهم من أمل على قوارب تاهت بهم في مياه المتوسط، بحثاً عن برّ آخر كما فعل من قبلهم السوريون والعراقيون والسودانيون، الذين خُيّروا بين الموت الجماعي في بلادهم وموت محتمل في مياه البحر.
لم يعد للجنرال ما «يقوله»؛ فقد تنصل من انهيار مقبل وعنف محتمل وفوضى هدامة وفتنة أيقظتها شروط الداخل وأطماع الخارج، فقد ترك للبنانيين خيارين؛ إما الحريق وإما الغريق... العهد خلفهم والبحر أمامهم، فاختاروا البحر هرباً من انفجار آخر، وحرب أهلية أخرى من زعيم طائفي جديد، من أو دستور جديد، في بلد لم يعد فيه جديد، غير شهوة القوة، وتحقيق الغلبة، وفاخوري يدير كما يشاء أذن الجرة.
تحت سيف العقوبات الأميركية وضغوط المبادرة الفرنسية عاد ميشال عون للبحث عن موقع وسطي، بعدما قامر بالمسيحيين وغامر باللبنانيين منذ خمسة عشر عاماً بمواقف أدَّت إلى تغيير طبيعة الدولة، وفرضت على المجتمع نموذجاً سياسياً يصعب التعايش معه. لكن عون المناور على حبال صراعات المنطقة، يحاول قدر الإمكان عدم خسارة الفرصة الفرنسية في انتظار انجلاء غبار المعركة الأميركية - الإيرانية، لكنَّه عالق بين إرضاء باريس ومراعاة واشنطن، فنجاح الأولى يضمن جزئياً استمراره حتى انتهاء ولايته، أما مواجهة الثانية فستؤدي إلى انقلاب مسيحي وطني كامل عليه قد يتسبب في تقصير عمر ولايته، وإخراج ورثته من المعادلة المسيحية والوطنية، بعد خسارته عمقه المسيحي، وتعرضه لانتقادات من جمهور حلفائه وإصرار «انتفاضة تشرين» على رحيله، لذلك لجأ إلى التمترس خلف خطوط حمر وضعها رأس الكنيسة المارونية البطريرك بشارة الراعي لحماية الموقع المسيحي الأول، لكن البطريركية في واد وعون في واد آخر، فهي تخوض معركة حماية الدستور وتفرض تأويلات واجتهادات تحت ذريعة الميثاقية، حيث تتعرض لهجمة قاسية تريد تمزيق ما أُنجز في 100 سنة سابقة، وانتزاع ما تبقى للمسيحيين من حضور وصلاحيات تحت حجة العرف تارة؛ والدولة المدنية تارة أخرى، وتحت ذريعة التوازن الطائفي في السلطة التنفيذية، وهي مطالب ومحاولات ستفتح على اللبنانيين أبواب جهنم.

arabstoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

ميشال عون هيَّا بنا إلى جهنَّم ميشال عون هيَّا بنا إلى جهنَّم



GMT 14:04 2021 السبت ,06 شباط / فبراير

ذهبت ولن تعود

GMT 11:55 2021 السبت ,06 شباط / فبراير

من شعر الكميت بن زيد والأعشى

GMT 07:10 2021 السبت ,06 شباط / فبراير

قتلوه... قتلوه... قتلوه لقمان محسن سليم شهيداً

GMT 22:33 2021 الخميس ,04 شباط / فبراير

كيم وكيا، فوردو وديمونا، نافالني وفاونسا؟

أبرز إطلالات شتوية رائعة من وحي هايلي بيبر

واشنطن - العراق اليوم

GMT 21:12 2020 الثلاثاء ,05 أيار / مايو

تنسيقات كاجوال من رانيا شهاب

GMT 07:29 2018 الإثنين ,29 كانون الثاني / يناير

دراسة تكشف أن ألعاب الأطفال فيها مواد خطيرة

GMT 23:20 2018 الأحد ,28 كانون الثاني / يناير

سعر الريال السعودي مقابل دولار أمريكي الاثنين

GMT 05:48 2017 الأربعاء ,27 كانون الأول / ديسمبر

5 رحلات سياحية لا ينبغي عليك تفويتها العام المقبل

GMT 09:28 2017 الجمعة ,08 كانون الأول / ديسمبر

شاكيرا تنفي انفصالها عن جيرارد بيكيه بطريقتها الخاصة

GMT 18:51 2017 الخميس ,07 كانون الأول / ديسمبر

منتخب سيدات تونس يتلقى الهزيمة الرابعة في مونديال اليد

GMT 05:38 2014 الإثنين ,22 كانون الأول / ديسمبر

طبيب سعودي ينجح في زراعة سماعة من نوع "باها"

GMT 02:57 2017 الأربعاء ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

لبنى عسل تؤكد أن برنامجها الجديد على "أون لايف " سيكون مفاجأة

GMT 05:11 2017 الثلاثاء ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

تعرفي على طرق الوقاية من "الصدفية" فى الشتاء

GMT 06:34 2017 الأحد ,15 تشرين الأول / أكتوبر

زوزو نبيل التي لا يعرفها أحد

GMT 08:13 2016 الأربعاء ,06 كانون الثاني / يناير

عسير تودع فراشة الإعلام أم كلثوم عن 42 عامًا

GMT 00:57 2017 الأربعاء ,19 إبريل / نيسان

سهير رمزي تؤكد أنها فوجئت بدورها في "قصر العشاق"

GMT 16:36 2014 السبت ,01 آذار/ مارس

اللفت يساعد في علاج الحساسية

GMT 11:20 2015 الأربعاء ,08 إبريل / نيسان

حمام أمونة الدمشقي يجمع بين التراث والحداثة

GMT 03:42 2017 الثلاثاء ,28 شباط / فبراير

ريهام حجاج حبيبة عمرو سعد في "وضع أمني"

GMT 21:56 2019 الثلاثاء ,11 حزيران / يونيو

دنيا النشار تحيي ذكرى رحيل والدها بكلمات مُبكية

GMT 12:19 2018 الجمعة ,07 كانون الأول / ديسمبر

حكم إرتداء النقاب على النساء في غير الحج والعمرة

GMT 13:25 2018 الخميس ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

الاتحاد للطيران تضاعف حصتها في “جيت ايروايز”

GMT 11:21 2018 الأربعاء ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

سيدة مغربية تذبح عشيقها في الأمارات وتقدم أعضاءه وجبة للعمال
 
Iraqtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Iraqtoday Iraqtoday Iraqtoday Iraqtoday
iraqtoday iraqtoday iraqtoday
iraqtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
iraq, iraq, iraq