الكاظمي وخامنئي وما بينهما رواية الفتنة

الكاظمي وخامنئي وما بينهما رواية الفتنة

الكاظمي وخامنئي وما بينهما رواية الفتنة

 العراق اليوم -

الكاظمي وخامنئي وما بينهما رواية الفتنة

مصطفي فحص
بقلم - مصطفي فحص

يتمسك المرشد الإيراني آية الله علي خامنئي بمعاييره المعرفية والثقافية التي شكلت جزءاً أساسياً من انتماءاته العقائدية السياسية، إضافة إلى تطلعاته الاستراتيجية. فمما لا شك فيه أن قراءته المبكرة لروائع الأدب الروسي من دستويفسكي وتولستوي إلى تشيخوف وشلوخوف، سهَّلت أمامه خيارات التقارب مع روسيا، ولأنه من خراسان، فقد ارتبط تكوينه الشخصي وتكوينه الاجتماعي بخصوصيات المكان، الذي كان له التأثير الأهم في نظرته لموقع إيران الجيوسياسي، حيث شهدت إيران في عهده علاقة شبه تحالفية مع الجار الروسي شبيهة بعلاقة روسيا القيصرية وفارس القاجارية.

من المعروف عن المرشد إتقانه التام للغة العربية، وأنه قام مبكراً بترجمة كتب عدة إلى الفارسية؛ كان من أبرزها أعمال سيد قُطب، ففي بداية مسيرته الحوزوية والثورية، كان واضحاً تأثره عقائدياً وفكرياً بالأفكار الدعوية والسياسية لقُطب، التي كونت نواة انتمائه الحركي للإسلام السياسي الشيعي الإيراني، الذي تميز عن نظيره العربي الذي تبلور في «حزب الدعوة الإسلامية العراقي»، وهو النسخة الشيعية العربية من الإخوان المسلمين.
المرشد الذي استمر في مشروع تصدير الثورة، وضعت بلاده في عهده يدها على 4 عواصم عربية؛ هذا النفوذ عزَّز حرصه على الطبيعة الجيوعقائدية للنظام الإيراني، التي برزت بشكلها الأقرب إلى الكولونيالية عند تطبيقها الوصاية على العراق، الذي اعتاد المرشد أن يستقبل قادته، خصوصاً الشيعة الذين ينتمي أغلبهم إلى أحزاب الإسلام السياسي الشيعي، وبخاصة «حزب الدعوة»، باستثناء ضيفه الأخير، الذي جاء من خارج السياقات التي فرضتها طهران على العراقيين من خلال ما كان يعرف بـ«البيت السياسي الشيعي»، الذي صدَّعت ثورة «الأول من تشرين» أساساته.
في لقاء طهران الأخير كانت الهوة واضحة بينهما رغم المجاملات الكلامية، فما حاول المرشد إملاءه على الكاظمي لم يجد قبولاً لديه، كما كان يحدث مع أسلافه. فمن الصعب أن يعثر المرشد في شخصية الكاظمي وفي تكوينه، على الصفات التي اعتادت أن تفرضها إيران عند اختيار رئيس الوزراء العراقي، وعلى الأرجح أن المرشد الذي يتقن العربية قد اكتشف مبكراً خلفية ضيفه، وليس مستبعداً أن يكون المرشد قد اطلع على رواية «الفتنة» للكاتب العراقي المثير للجدل كنعان مكية، وإذا لم يكن قد اطَّلع، فمن الممكن أن وشاية وصلت إليه بأن مكية أهدى الرواية إلى مصطفى الكاظمي، وهي وشاية تختصر الطريق عليه ليعرف صعوبة الانسجام بينه وبين زائره، والإزعاج الذي سيسببه بقاؤه مدة طويلة على رأس الحكومة في بغداد. لذلك ودّعه المرشد بتغريدة وضع فيها صورة قاسم سليماني وأبو مهدي المهندس وكتب عليها: «إيران والعراق لا فراق»، مطالباً بالانتقام من قتلتهما وبطرد الأميركيين من العراق.
بين الكاظمي ومكية علاقة متينة؛ فالأول لا يخفي تأثره به، فمكية الذي لعب دوراً رئيسياً في إسقاط نظام البعث، لم يتردد في انتقاد إيران ومخاصمتها وتحميلها المسؤولية عمَّا وصل إليه العراق، وعن رعاية طبقة سياسية طائفية مسلحة دمرت العراق لصالح وهم.
في ملحق الرواية التي تحمل عنوان «هوامش على الفتنة» يعترف مكية بأنه أصرَّ مع صديقه حسن منيمنة على مصطفى الكاظمي لمغادرة العراق، ويضيف: «لكن مصطفى غير قادر على القيام بذلك، كنت أعلم، أعطى توسلاتنا أذناً طرشاء، لأن مصطفى كعمار الشاهبندر من بين القلائل الباقين الذين ما زالوا يمنحون لكلمة الوطني التعبانة والمُستغلة حد الإفلاس صدق ما المفروض أن تعنيه».
على ما يبدو أن الكاظمي استخدم أذنه الطرشاء في طهران، ففي الوقت الذي تحدث فيه الجانب الإيراني عن امتيازاته السياسية والاقتصادية والأمنية في العراق، أصر الكاظمي على الحديث عن سيادة الدولة وحصر التعامل مع المؤسسات الرسمية بعيداً عن هيمنة الأفراد، وعدم التدخل في الشؤون الداخلية، وهذا ما يثير إيران ويدفعها إلى تحريك وكلائها من أجل الضغط على الكاظمي وتحريض الشارع عليه بهدف إسقاطه. فالشارع الذي خوّنه المرشد في بداية الانتفاضة، بات وسيلة طهران للتخلص من عبء الكاظمي، فهي تراهن على الصدام بينه وبين شباب «تشرين»، بهدف الانتقام من الانتفاضة لأنها السبب المباشر في سقوط حكومة أتباعها، ومن الكاظمي لأنه قطع الطريق على عودتهم إلى السلطة.
وعليه؛ فإن اللقاء الذي جمعهما يكفي خامنئي ليكوّن انطباعاته عن التكوين الشخصي والاجتماعي لضيفه، فللمجتمع العراقي، حسب المفكر علي الوردي؛ «خصائص ومميزات تجعله ينتج في أبنائه نموذجاً معيناً من الشخصية لا يشاركه فيها أبناء المجتمعات الأخرى»، فالليبرالي المدني المحافظ، الذي قدم للمرشد عباءة نجفية هدية، تحمل تأويلات كثيرة، يواجه الآن تداعيات زيارته الفاترة التي بدأت تتشكل في شوارع وساحات العراق، فالشارع الغاضب يطالبه إما بالتحدي وإما بالتنحي.

arabstoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الكاظمي وخامنئي وما بينهما رواية الفتنة الكاظمي وخامنئي وما بينهما رواية الفتنة



GMT 14:04 2021 السبت ,06 شباط / فبراير

ذهبت ولن تعود

GMT 11:55 2021 السبت ,06 شباط / فبراير

من شعر الكميت بن زيد والأعشى

GMT 07:10 2021 السبت ,06 شباط / فبراير

قتلوه... قتلوه... قتلوه لقمان محسن سليم شهيداً

GMT 22:33 2021 الخميس ,04 شباط / فبراير

كيم وكيا، فوردو وديمونا، نافالني وفاونسا؟

أبرز إطلالات شتوية رائعة من وحي هايلي بيبر

واشنطن - العراق اليوم

GMT 01:07 2018 الإثنين ,13 آب / أغسطس

بوسي تكشف أسرارًا جديدة في حياة نور الشريف

GMT 04:38 2018 الأربعاء ,29 آب / أغسطس

مجموعة من أفضل العطور الجذابة للرجال

GMT 01:01 2018 الثلاثاء ,31 تموز / يوليو

ملك بدوي تؤكد أنها سعيدة بمشاركتها في "الطوفان"

GMT 15:28 2018 الإثنين ,29 كانون الثاني / يناير

تعرف على سعر اليورو مقابل الدينار العراقي الإثنين

GMT 00:35 2017 السبت ,09 كانون الأول / ديسمبر

ريهام عبدالغفور تنتهي من تصوير مشاهدها في "سوق الجمعة"

GMT 02:04 2017 الثلاثاء ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

دراسة حديثة تكشف تأثير انقراض الديناصورات على الثدييات

GMT 09:49 2017 الإثنين ,02 تشرين الأول / أكتوبر

20 معلومة مهمة عن سيارة "تسلا إكس" الكهربائية

GMT 06:30 2015 الثلاثاء ,16 حزيران / يونيو

حفل زفاف جماعي لـ250 مقاتلًا من الحشد الشعبي العراقي

GMT 21:34 2014 الخميس ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

غادة عبد الرازق بطلة فيلم خالد يوسف الجديد

GMT 21:37 2015 الخميس ,24 كانون الأول / ديسمبر

البرازيلي برونو لوبيز ينضم لنادي "هجر" رسميًا

GMT 07:47 2021 الأحد ,21 شباط / فبراير

أبرز إطلالات اللبنانية جيسي عبدو للفتيات
 
Iraqtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Iraqtoday Iraqtoday Iraqtoday Iraqtoday
iraqtoday iraqtoday iraqtoday
iraqtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
iraq, iraq, iraq