حديث عِتاب لمصر مع اللواء نِزار عبد القادر

حديث عِتاب لمصر مع اللواء نِزار عبد القادر

حديث عِتاب لمصر مع اللواء نِزار عبد القادر

 العراق اليوم -

حديث عِتاب لمصر مع اللواء نِزار عبد القادر

بقلم : سعد الدين إبراهيم

اللواء نِزار عبد القادر هو ضابط لبنانى سُنّى مُسلم، وصل إلى أعلى المراتب فى جيش بلاده، إلا أن يكون رويس الأركان. فالتركيبة الطاوفية اللبنانية غير المكتوبة، تحفظ هذا الموقع لضابط لبنانى مسيحى مارونى.

ولكن مِثل كل العسكريين اللبنانيين فوق رُتبة عقيد، فإن اللواء نِزار عبد القادر تلقى دراسات عُليا فى أرقى الأكاديميات العسكرية الفرنسية والأمريكية، ويُجيد عدة لُغات، وعلى قدر وافر من الثقافة والإلمام بالشؤون العامة العربية، والشرق أوسطية، والدولية. ثم إنه فوق كل هذا وذاك، شخصية مرحة ودودة.

وكُنت قد التقيت اللواء نِزار عبد القادر، منذ عِدة سنوات، أثناء مؤتمر حاشد نظّمته قيادة أركان الجيش اللبنانى حول مُستقبل الشرق الأوسط بعد حرب الخليج الثانية (2000-2001). وكان الرجل لايزال فى الخدمة بالجيش اللبنانى، ثم التقيته عِدة مرات فى مؤتمرات وندوات أخرى، خلال العِقد التالى.

وكان آخر لقاء لى مع اللواء نِزار عبد القادر فى الأسبوع الثالث من يوليو 2017، بمُناسبة انعقاد المهرجان الدولى الثالث عشر للثقافة الأمازيغية، الذى استضافته مدينة فاس المغربية، وقام بتنظيمه باقتدار الدكتور موحى الناجى ود. فاطمة صديقى، أستاذا اللغة الإنجليزية وآدابها بجامعة فاس.

وقبل أن أستعرض عِتاب الجنرال اللبنانى لمصر، لابُد من كلمة حول المؤتمر الذى جمعنا، فقد اختار له المُنظمون عنواناً لافتاً، ألا وهو «الأمازيغية والتنوع الثقافى فى مواجهة التطرف».

فما هى الأمازيغية بداية؟

الأمازيغية هى حركة فكرية مُجتمعية لبعث والحفاظ على التُراث الأمازيغى فى المغرب العربى الكبير (موريتانيا، المملكة المغربية، الجزائر، تونس، ليبيا، وواحة سيوة المصرية).

والأمازيغ هم السُكان الأصليون الذين عاشوا، وما يزالون يعيشون فى ذلك الفضاء الجغرافى، الذى يمتد من غرب مصر، إلى سواحل المُحيط الأطلنطى. وهم نفس البشر الذين كانت كُتب التاريخ العربى الإسلامى تُطلق عليهم لفظ أو مُصطلح «البربر»، وهى تسمية أطلقها عليهم الرومان، عندما غزوا تلك البُلدان قبل ألفى وخمسمائة عام تقريباً. وكانت هى نفس التسمية التى أطلقها الرومان على كل من هم غير رومانيين.

المُهم لموضوعنا أنه كان بين المُشاركين فى المؤتمر إلى جانب الأمازيغ من بُلدان المغرب الكبير، عرب وأوروبيون وأمريكيون.

وكان أحد المُشاركين العرب الآخرين شخصية وقورة تُجيد العربية والفرنسية والإنجليزية من لبنان، وهو اللواء المُتقاعد نِزار عبد القادر. وكُنت قد التقيت به فى مطار الدار البيضاء، هو من بيروت، وأنا من القاهرة، وحيث كانت تنتظرنا سيارة خاصة لتقطع بنا رحلة أخرى إلى مدينة فاس، استغرقت ثلاث ساعات، على طريق دولى عريض، حيث صادفنا جِبالاً وسهولاً وأنهاراً، وغابات. وفى أجزاء منه كان يُحازى شاطئ المُحيط الأطلسى. وهى كلها مناظر خلابة تسُر الناظرين إليها.

ولكن الذى خفّف من عناء الرحلة هو الحديث المُمتع مع اللواء نِزار عبد القادر، الذى وجدته واسع القراءة والاطلاع، لا فقط فى مجاله العسكرى المُباشر، بُحكم مهنته السابقة، ولكن أيضاً فى الأدب والسياسة والاجتماع.

وبحُكم ما كان يحدث فى سوريا والعِراق، القريبين من لبنان، من صِراعات أهلية مُسلحة، تدخلت فيها أطراف خارجية، غير عربية، أهمها إيران وتركيا، وتحالف دولى بقيادة الولايات المتحدة، لمُحاربة تنظيم الدولة الإسلامية فى العِراق والشام، وهو داعش.

قال اللواء نِزار عبد القادر:

1- إن الحروب الأهلية فى بُلدان العالم الثالث إذا انفجرت فإنها تمتد لسنوات طويلة. فحروب الأخوّة هى أسوأ أنواع الحروب.

2- لتقارب كفّة القوة بين الأطراف المُتصارعة، فإن كل طرف سرعان ما يبحث عن حليف خارجى أو أكثر لترجيح كفّته.

3- وهنا، يجد الطامعون الإقليميون والدوليون فُرصتهم لتوسيع مناطق نفوذهم، ولترويج تجارة سلاحهم، ولنهب موارد الفُرقاء المُتصارعين، إن عاجلاً أو آجلاً.

4- المؤلم والمُحزن، هو أن إسرائيل تُراقب من بعيد، وهى فى قمّة الرضا، دون تدخل مُباشر. فالفُرقاء الإقليميون يستنزفون موارد بعضهم البعض، ويُعمّقون الكراهية والبغضاء، كل منهم للآخر، بعيداً عنها، وذلك لأول مرة فى العقود السبعة الأخيرة. وهى تُدرك أنه فى نهاية المطاف، ستلجأ إليها تلك الأطراف الأخرى المُنهكة، سِراً أو علناً، طلباً للمعونة المادية أو الاستخباراتية، أو الدعم الأمريكى من خلال اللوبى الصهيونى القوى فى الولايات المتحدة.

5- وما كان لكل تلك الفوضى أن تحدث وأن تستمر على ذلك المستوى من القسوة والبشاعة، إلا بسبب غياب الدور المصرى الفاعل. فمصر الرائد ومصر القائد، ومصر المُلهمة، تكاد تكون غائبة تماماً عن ذلك المشهد الإقليمى. والشرق الأوسط والعالم العربى يحتاج دائماً إلى قائد، أو رائد، أو ضابط إيقاع. وليس فى المنطقة من يقوم بهذا الدور إلا مصر، فهى الوحيدة المقبولة من الجميع شعوباً وحكومات.

وعند تلك النقطة، أى غياب مصر الفاعل عن المشهد الإقليمى العربى، ظهرت دمعة تترقرق فى عينى الجِنرال نِزار عبد القادر. ولكنا كنا قد وصلنا إلى مقصدنا فى مدينة فاس. وللحديث بقية.

وعلى الله قصد السبيل.

arabstoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

حديث عِتاب لمصر مع اللواء نِزار عبد القادر حديث عِتاب لمصر مع اللواء نِزار عبد القادر



GMT 08:37 2017 السبت ,16 أيلول / سبتمبر

من جيوب الأغنياء لا الفقراء

GMT 07:37 2017 الإثنين ,04 أيلول / سبتمبر

قتال فى الفضاء

GMT 07:34 2017 الإثنين ,04 أيلول / سبتمبر

حلقات مفقودة في خطاب حسن نصرالله

GMT 07:30 2017 الإثنين ,04 أيلول / سبتمبر

الغول يلد فأراً

GMT 07:15 2017 الإثنين ,04 أيلول / سبتمبر

ناجي العلي وتحقيق جديد في اغتياله

أبرز إطلالات شتوية رائعة من وحي هايلي بيبر

واشنطن - العراق اليوم

GMT 00:11 2017 الخميس ,28 كانون الأول / ديسمبر

إدارة ترامب تعلن قتل الطيور المهاجرة ليس جريمة

GMT 18:58 2017 الأحد ,10 كانون الأول / ديسمبر

عقد قران ابنة الحبيب علي الجفري بمهر 5 أوقيات فضة

GMT 22:38 2016 الجمعة ,03 حزيران / يونيو

تعليم الصلاة للأطفال مسؤولية الأمهات

GMT 13:27 2019 الخميس ,24 كانون الثاني / يناير

سيدات تحرضن على ممارسة الرذيلة في الهرم

GMT 18:03 2018 الأحد ,14 تشرين الأول / أكتوبر

إطلالات جريئة للفنانة مي سليم تلفت الأنظار إليها

GMT 10:49 2018 الأحد ,14 تشرين الأول / أكتوبر

بطولة اللاجئين

GMT 22:00 2018 السبت ,13 تشرين الأول / أكتوبر

تعرف على أفضل وجهات المغامرة لمحبي المغامرة والتجديد

GMT 20:26 2018 الأحد ,07 تشرين الأول / أكتوبر

السجن المؤبد على سوري قتل طليقته ببث مباشر على "فيسبوك"

GMT 12:08 2018 الإثنين ,17 أيلول / سبتمبر

وفاة "حسني مبارك" تتصدر "تويتر" في السعودية
 
Iraqtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Iraqtoday Iraqtoday Iraqtoday Iraqtoday
iraqtoday iraqtoday iraqtoday
iraqtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
iraq, iraq, iraq