الحكومة لا تكذب

الحكومة لا تكذب!

الحكومة لا تكذب!

 العراق اليوم -

الحكومة لا تكذب

بقلم : إنعام كجه جي
بقلم : إنعام كجه جي

تجتمع العائلة حول التلفزيون، تستمع إلى النشرة الجوية. تبتسم المذيعة ببراءة وتعلن أن الحرارة في بغداد 44 درجة مئوية. يصيح رب العائلة: «يعني 50». وتهز الزوجة رأسها موافقة ومثلها يفعل الأولاد والبنات والأصهار والكنّات. حتى قطط الحديقة تموء مؤيدة ما قاله الأب. لا أحد يصدّق التلفزيون المحلي. إنه يكذب لكي يخفف بلاء القيظ عن كاهل العباد. والثقة مفقودة بين الشعب وإعلامه الرسمي. وهي ظاهرة تكاد تكون في معظم الدول العربية، بل عالمثالثية. لا يصدق المواطنون نشرة الطقس ولا يأخذون الأخبار على محمل الجد. يقولون إنها نشرة الحكومة. والحكومة لا يمكن أن تصدق معهم لأن الصدق فضيحة. لذلك يأخذون الأخبار من القنوات الأجنبية. وفي صباها كانت البنت تعتبر أباها رجعياً لأنه يفتتح صباحه بالاستماع إلى إذاعة لندن.
اليوم نحن في محنة «كورونا». ومهما كانت أرقام الإصابات التي تعلنها الحكومات فإن الشعوب، شرقاً وغرباً، لا تثق بها. تقول المذيعة إن عدد الوفيات بلغ كذا فتلعب الفئران في أعباب المستمعين ويهجسون بأن الرقم الحقيقي هو أضعاف ذلك. نتصور أن بلادنا هي وحدها المتخصصة في تمويه الأرقام. ولدينا نكتة تقول إن أنواع الكذب ثلاثة: الأسود، والأبيض، والإحصائيات. وقد سمعتها من مسؤول كبير في الجهاز المركزي للإحصاء. لذلك فإننا، تاريخياً، لا نصدق نتائج الانتخابات، ونسخر من تسعير الشلغم، أي اللفت، ونشكك حتى في نتائج كرة القدم. نتصور القضية خلّة محلية في حين أن الرياء مرض عالمي. كذب المسؤولون ولو صدقوا.
نسمع الأميركيين والبريطانيين والفرنسيين والصينيين يتهمون كبارهم بالخداع فيما يخص التعاطي مع «كورونا». ويطلع الصحافي الفرنسي المخضرم آلان دوهاميل على الشاشة ليقول إن الديمقراطيات الكبرى فوجئت بالوباء وتخبطت في مواجهته. والمسيو دوهاميل هو عضو معتّق في أكاديمية علوم الأخلاق والسياسة. نعم هناك أكاديمية فرنسية بهذا الاسم. وقبل أيام وقف الرئيس ماكرون يدافع عن نفسه قائلاً إن على الجميع، حالياً، العمل يداً واحدة في مواجهة الداء. «وعندما ننتهي منه تعالوا وحاسبوني». هي الحرب التي لم يشهد أحد ما يشبهها. وفي الحروب تحتشم المعارضة وتؤجل مناكفاتها. وهو ما فعله رؤساء الأحزاب في فرنسا حين خففوا من النبرة وأعلنوا مساندة جيش الأطباء والمسعفين والممرضات.
منذ عشر سنوات تخرج آلاف الممرضات للتظاهر في شوارع باريس وغيرها من المدن، يطالبن بتحسين مرتباتهن. إنها قليلة ولا تتناسب ومشقّات المهنة، الجسدية منها والنفسية. وبعد «كورونا» لا بد أن يختلف الأمر. لا أظنهن مضطرات للنزول إلى الشارع والهتاف ورفع اللافتات والصراخ بالصوت العالي. لقد سمعنا الرئيس يقدّم لهن الوعود بلسانه: غاليات والطلب رخيص.
هل تتغير علاقات التجاذب وسوء الظن بين الشعوب وحكوماتها بعد زلزال الفيروس اللعين؟ نتفرج على تعليقات وتخمينات وقراءة فناجين عن وزارات ستسقط، ووجوه ستسوَدّ، ومسؤولين سيوضعون على الرف. لكن لا أحد يحلم بأن يتوقف التلفزيون في معظم بلادنا عن محاباته، ليس لأن حبل الكذب قصير، ولا لأن الكذاب يذهب إلى النار، وإنما لأن هناك، دائماً، نفوساً أمّارة بالسوء والمداهنة والانتهازية ومسح الجوخ. هناك دائماً من يحب أن يتسلق النخلة بلمح البصر وغناء «مدّاح القمر».

arabstoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الحكومة لا تكذب الحكومة لا تكذب



GMT 14:04 2021 السبت ,06 شباط / فبراير

ذهبت ولن تعود

GMT 11:55 2021 السبت ,06 شباط / فبراير

من شعر الكميت بن زيد والأعشى

GMT 07:10 2021 السبت ,06 شباط / فبراير

قتلوه... قتلوه... قتلوه لقمان محسن سليم شهيداً

GMT 22:33 2021 الخميس ,04 شباط / فبراير

كيم وكيا، فوردو وديمونا، نافالني وفاونسا؟

أبرز إطلالات شتوية رائعة من وحي هايلي بيبر

واشنطن - العراق اليوم

GMT 00:11 2017 الخميس ,28 كانون الأول / ديسمبر

إدارة ترامب تعلن قتل الطيور المهاجرة ليس جريمة

GMT 18:58 2017 الأحد ,10 كانون الأول / ديسمبر

عقد قران ابنة الحبيب علي الجفري بمهر 5 أوقيات فضة

GMT 22:38 2016 الجمعة ,03 حزيران / يونيو

تعليم الصلاة للأطفال مسؤولية الأمهات

GMT 13:27 2019 الخميس ,24 كانون الثاني / يناير

سيدات تحرضن على ممارسة الرذيلة في الهرم

GMT 18:03 2018 الأحد ,14 تشرين الأول / أكتوبر

إطلالات جريئة للفنانة مي سليم تلفت الأنظار إليها

GMT 10:49 2018 الأحد ,14 تشرين الأول / أكتوبر

بطولة اللاجئين

GMT 22:00 2018 السبت ,13 تشرين الأول / أكتوبر

تعرف على أفضل وجهات المغامرة لمحبي المغامرة والتجديد

GMT 20:26 2018 الأحد ,07 تشرين الأول / أكتوبر

السجن المؤبد على سوري قتل طليقته ببث مباشر على "فيسبوك"

GMT 12:08 2018 الإثنين ,17 أيلول / سبتمبر

وفاة "حسني مبارك" تتصدر "تويتر" في السعودية
 
Iraqtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Iraqtoday Iraqtoday Iraqtoday Iraqtoday
iraqtoday iraqtoday iraqtoday
iraqtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
iraq, iraq, iraq