سعادة السفيرة

سعادة السفيرة

سعادة السفيرة

 العراق اليوم -

سعادة السفيرة

بقلم : إنعام كجه جي
بقلم : إنعام كجه جي

لماذا تأخذ كوارث الطبيعة أسماء نساء؟ كان من اللائق بالأعاصير والأوبئة أن تتنكر بأسماء رجال في اليوم العالمي للمرأة، على الأقل. ليس من المناسب في هذا التاريخ أن يكون «كورونا» امرأة. وقد حاول العلماء بالفعل إعطاءه رمزاً آخر؛ لكن اسمه الشائع التصق بألسنة الناس مهما كانت لغاتهم ولهجاتهم. هو «كورونا» بالإنجليزي والياباني والألماني والعربي والفارسي والصيني. تبحث عن معناه فتجد أنه ينتمي إلى عائلة كبيرة من الفيروسات التي تتسبب في أعراض رشح عادية في الغالب، مميتة في بعض الأحيان. وهو يبدو، تحت المجهر، على شكل كتلة تنبثق عنها نتوءات تشبه التاج، أو القرون. باللاتينية «كورونا».
يبدو لي أن مناسبة يوم المرأة تبهت عاماً بعد عام. تتسطح وتتيه عن غايتها، وتكتفي بمظاهر احتفالية وباقات ورد. تأخذ المحتفى بها هديتها وتشمها من وراء قناع واقٍ. خرجت النساء من عصور ربات البيوت والخدور، ودخلن القرن الحادي والعشرين. نلن حقوقاً طيبة في بلاد، وأقل طيبة في بلاد أخرى. وهناك في تلك البلاد الأخرى ضرورة لتخصيص يوم عالمي للرجل. إنه مقهور ومسلوب الحقوق ومنتوف الريش. إي والله. يأكل ويسكت ويخاف.
تطورت، مع الزمن، أحوال النساء. عقدن مؤتمرات، ورفعن شعارات تطالب بـ«تمكين» المرأة، وبحصص في «مراكز القرار». لم يعد الرجل وحده من يمسك بالزمام. صارت لدينا، في بلادنا، المديرة والخبيرة والوزيرة والسفيرة. وتبقى المشكلة في أن هناك من يتقدم «إلى الوراء دُرْ». فالمديرة والسفيرة والوزيرة لسن من بنات الأمس القريب. من يصدِّق أن بديعة أفنان، الموظفة في الخارجية العراقية، كانت تمثل بلدها في عصبة الأمم، منتصف ثلاثينات القرن الماضي، قبل تأسيس الأمم المتحدة؟
في أوروبا، لم تشغل المرأة منصب السفيرة إلا في وقت متأخر نسبياً. كانت ديانا أبغار قنصلاً فخرياً لأرمينيا لدى اليابان، عام 1920، في الفترة التي تصدَّعت فيها الإمبراطورية الروسية. لكن ألكسندرا كولونتاي، المولودة في سان بطرسبرغ، تعتبر أول سفيرة في العالم، مثَّلت الاتحاد السوفياتي لدى النرويج عام 1924، وهي لم تكتسب قيمتها من المنصب؛ بل من نشاطها الاستثنائي. ابنة وحيدة لجنرال في جيش القيصر، تتحول من الأرستقراطية إلى الشيوعية. تسافر للدراسة في زيورخ، وتتخصص في الاقتصاد السياسي. تجوب أوروبا وتقيم في برلين وباريس وروما وجنيف. تحمل لقب «نسوية» قبل الأوان. تتعرف على لينين في المنفى، وتعود إلى موسكو للمشاركة في الثورة الروسية. كانت «الأنثى» الوحيدة في اللجنة المركزية البلشفية. أول امرأة تدخل الحكومة في العصر الحديث. لها صورة تبدو فيها جالسة بين لينين وستالين.
توترت علاقة ألكسندرا كولونتاي بالقيادة؛ لأنها عارضت الحرب العالمية الأولى. لم تكن تؤمن بالحدود القومية؛ بل بعالم منقسم بين فريقين: مُستغِل ومُستغَل، بكسر الغين الأولى وفتح الثانية. اعترضت على تضييق الحريات، وأزعجت لينين بآرائها حول الزواج والعائلة. وهي عادة قديمة، أن يجري التخلص من الرفاق المزعجين بنفيهم سفراء. هاجمتها صحف موسكو بسبب حياتها العاطفية، ووصفتها بالمرأة الفضيحة؛ لكن وجودها في الخارج أنقذها من التصفيات التي نفذها ستالين ضد قدامى الرفاق. وهي قد حققت نصرها الخاص حين استعادت من فنلندا الذهب الذي كان قد نقله رئيس الحكومة الروسية المؤقتة. أنهت حياتها الدبلوماسية بالتفاوض لتحقيق الهدنة مع رومانيا، عام 1944. بهذا رُشِّحت لنيل «نوبل» للسلام.
احتفلت السفيرة الأولى بآخر عيد للمرأة في 8 مارس (آذار) 1952، وماتت في اليوم التالي. كان اسمها كولونتاي، لا «كورونا».

 

arabstoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

سعادة السفيرة سعادة السفيرة



GMT 14:04 2021 السبت ,06 شباط / فبراير

ذهبت ولن تعود

GMT 11:55 2021 السبت ,06 شباط / فبراير

من شعر الكميت بن زيد والأعشى

GMT 07:10 2021 السبت ,06 شباط / فبراير

قتلوه... قتلوه... قتلوه لقمان محسن سليم شهيداً

GMT 22:33 2021 الخميس ,04 شباط / فبراير

كيم وكيا، فوردو وديمونا، نافالني وفاونسا؟

أبرز إطلالات شتوية رائعة من وحي هايلي بيبر

واشنطن - العراق اليوم

GMT 04:26 2017 الجمعة ,01 كانون الأول / ديسمبر

مفاجآت مذهلة في معرض لوس أنجلوس لعام 2017

GMT 06:06 2019 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

أفضل وقت لزيارة النرويج من حيث الطقس والمعالم السياحية

GMT 05:53 2019 الثلاثاء ,26 شباط / فبراير

إليكِ أبرز الطرق لمعرفة نوع الجنين

GMT 10:39 2018 السبت ,06 تشرين الأول / أكتوبر

تفاصيل مثيرة عن ليلة "الاغتصاب" المتهم بها رونالدو

GMT 02:46 2018 الجمعة ,05 تشرين الأول / أكتوبر

افتتاح معرض"باريس للسيارات 2018"بمشاركة الشركات العالمية

GMT 05:30 2018 الأربعاء ,12 أيلول / سبتمبر

كيندال جينر تتألق بفستان جذاب باللون الأبيض

GMT 14:28 2018 الخميس ,05 تموز / يوليو

مفاجآت بطولة ويمبلدون تصدم نجمات عالم التنس

GMT 09:34 2018 الإثنين ,25 حزيران / يونيو

الاسقف الملوّنة تعزز من جمال ديكور منزلك الداخلي

GMT 13:51 2018 الثلاثاء ,05 حزيران / يونيو

روسيا تتوّج بذهبية الفرق في كأس العالم للمبارزة

GMT 02:46 2017 الثلاثاء ,26 كانون الأول / ديسمبر

إيمان العاصي تخطف أنظار الجمهور بإطلالة "غير متوقعة"

GMT 07:10 2017 الأربعاء ,06 كانون الأول / ديسمبر

"نايكي" تطرح الحجاب الرياضي التقني الذي طال انتظاره كثيرًا

GMT 02:48 2017 الثلاثاء ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

مرشدة سياحية تخاطر بحياتها لالتقاط صور لذوبان نهر جليدي

GMT 09:55 2015 السبت ,10 كانون الثاني / يناير

فوائد القرنفل للقلب والكبد
 
Iraqtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Iraqtoday Iraqtoday Iraqtoday Iraqtoday
iraqtoday iraqtoday iraqtoday
iraqtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
iraq, iraq, iraq