فوز الانقسام

فوز الانقسام

فوز الانقسام

 العراق اليوم -

فوز الانقسام

سمير عطا الله
بقلم : سمير عطا الله

لم يحدث مرة أن انقسمت أميركا على نفسها وانقسم حولها العالم، كما يحدث اليوم. كأنما خرج الأميركيون جميعاً للاقتراع. وكأنما العالم برمته جلس ينتظر النتائج. لم يترك دونالد ترمب أحداً من دون استنفار معه أو ضده. الحياد ممنوع.

هذه أكثر مرة يحضر فيها الشخص، لا البرنامج. والمرشح، لا الحزب. ولم يترك ترمب أحداً ينام حتى «جو النائم». قام وخطب وغنى ورقص وزعق وهدد وضحك. وكان الروائي فيليب روث يقول إن معرفة ترمب باللغة لا تتجاوز 97 كلمة. وقد استخدمها كلها، زائداً حركاته وإيماءاته و«لغة الجسد» الذي يشبه مصارعي «السومو» اليابانيين.

حتى «كورونا» حوَّله من مرض مرعب إلى جزء من العرض الانتخابي. ومقابل هذا الفوران الدائم، كان هناك سبعيني آخر يخوض معركته بهدوء، طارحاً شعاراً واحداً، هو سياسات ترمب. هذه المرة حوَّلت أميركا مهرجانها الانتخابي المألوف إلى مهرجان غير مسبوق كلفها 12 مليار دولار.

الرجل هو الأسلوب، يقول الفرنسيون. دونالد ترمب تجاوز كل الأساليب. رفض مصافحة سلفه ورئيس أميركا باراك أوباما، وخاطب منافسه مثل عامل الحديقة، وتعامل مع السياسة الأميركية كأنها مجرد لعبة غولف أخرى في نادي فلوريدا.

وكل ذلك كان يزيد عدداً كبيراً من الأميركيين إعجاباً به، ويزيد العالم أجمع ترقباً لخطوته التالية. ليلة الثلاثاء- الأربعاء، وعلى اختلاف جميع المواقيت في القارات، أبقى جميع المسؤولين في العالم قنواتهم مفتوحة، لا لكي يعرفوا نتائج الانتخابات؛ بل لكي يعرفوا نتائج ترمب. خسر أو ربح. أما السيناتور بايدن فلم يكن بالنسبة إلى العالم سوى عنصر شكلي لاستكمال العرض الذي أثار أهل الكرة، شاءوا أم أبوا. ليس في عاداته أن يستأذن أحداً فيما يريد أن يفعل.

كل الأشياء والمقاييس تغيرت معه، وصارت تشبهه بدل أن يشبهها. بينما كان نصف أميركا يستهجنه، كان نصفها الآخر يلحق به. وبينما كان رؤساء أميركا يلقون الخطب عن سياساتهم، حوَّل كل السياسات الداخلية والخارجية إلى تغريدات مقتضبة على «تويتر»، أحياناً بأخطاء إملائية.

لن تعود أميركا إلى ما قبل ترمب. لقد وضعها ووضع العالم معها، على رؤوس أصابعها. لا أحد يمكن أن يتوقع ما سيقول أو ما سيفعل. لا حزبه ولا خصومه. وذهب إلى ألد أعداء أميركا في كوريا الشمالية، وحيَّاه قائلاً: يا صديقي العزيز. صادق روسيا، وأعلن الحرب الاقتصادية على الصين. وقلب كل أسس وقواعد السياسة الخارجية كما هي معروفة منذ نصف قرن، بادئاً بتأنيب أقرب جارين إلى أميركا، كندا والمكسيك، رافعاً جداراً إسمنتياً مع الأخيرة.

لكن بينما عارضته النخبة، سار خلفه المؤيدون لسياساته بالملايين. ورقصوا معه. وهتفوا له. وحوَّلوا الانتخابات إلى أول حفل عالمي من نوعه في التاريخ.

arabstoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

فوز الانقسام فوز الانقسام



GMT 14:04 2021 السبت ,06 شباط / فبراير

ذهبت ولن تعود

GMT 11:55 2021 السبت ,06 شباط / فبراير

من شعر الكميت بن زيد والأعشى

GMT 07:10 2021 السبت ,06 شباط / فبراير

قتلوه... قتلوه... قتلوه لقمان محسن سليم شهيداً

GMT 22:33 2021 الخميس ,04 شباط / فبراير

كيم وكيا، فوردو وديمونا، نافالني وفاونسا؟

أبرز إطلالات شتوية رائعة من وحي هايلي بيبر

واشنطن - العراق اليوم

GMT 01:00 2015 الخميس ,08 تشرين الأول / أكتوبر

خيري يؤكد أن ربط عنق الرحم الحل الأمثل لتثبيت الحمل

GMT 01:40 2019 الثلاثاء ,19 شباط / فبراير

نساءٌ بدينات يتمرَّدن بوجه أسبوع الموضة في لندن

GMT 22:02 2019 الثلاثاء ,29 كانون الثاني / يناير

باحثون يؤكدون أن الرياضة والتغذية علاج طبيعي للزهايمر

GMT 14:39 2019 الخميس ,10 كانون الثاني / يناير

زكريا العامري يمثل عمان في رالي الإمارات للسيارات

GMT 07:00 2018 الثلاثاء ,16 تشرين الأول / أكتوبر

برلين تحظر مرور سيارات الديزل في بعض شوارعها

GMT 10:10 2018 الجمعة ,28 أيلول / سبتمبر

الكمالي يؤكّد أن حال المواطن وصل لمرحلة سيئة

GMT 14:07 2018 الأربعاء ,23 أيار / مايو

سعود آل سويلم يصف قرار ولي العهد بالتاريخي

GMT 15:08 2018 الخميس ,26 إبريل / نيسان

القماش المقطع صيحة جديدة في عالم الموضة

GMT 00:03 2018 الخميس ,08 آذار/ مارس

زيارة للبلد متعدد الأعراق ومتنوع الثقافات
 
Iraqtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Iraqtoday Iraqtoday Iraqtoday Iraqtoday
iraqtoday iraqtoday iraqtoday
iraqtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
iraq, iraq, iraq