رث ومرقّع ومرتّق

رث ومرقّع ومرتّق

رث ومرقّع ومرتّق

 العراق اليوم -

رث ومرقّع ومرتّق

سمير عطا الله
بقلم :سمير عطا الله

ما زالت السلطة في لبنان تبحث عن بقائها، والناس تبحث عن رحيلها. السلطة في العراق تعطي المتظاهرين الرصاص، والمتظاهرون يقدمون لرفاقهم الطعام والنقل المجاني. ويقدم الأهالي في لبنان للمتظاهرين الحلوى وفطائر الصعتر. والسلطة ترى أن هذه مساعدات مشبوهة للانقلاب على أنجح طبقة سياسية في تاريخ لبنان: الازدهار، مثل القمامة، حتى الركبتين.

للمرة الأولى في حياتي أتعرف إلى خريطة لبنان. قرى ودساكر وبلدات لم أسمع بها من قبل. كل يوم مظاهرة أخرى في مكان آخر. لعبة استغماية لا نهاية لها بين الثوار والسلطة. بدأت ببضع ساحات معروفة، وامتدت إلى الجرود والمناطق المعزولة. والسلطة غير قادرة على تشكيل حكومة وغير عابئة بالكارثة المتربصة على حافة الهاوية، وجبران باسيل أطل ليعطي درساً في قانون العفو.

لا أعرف عدد، أو نسبة اللبنانيين الذين يضربون رؤوسهم في الحائط يتساءلون ماذا تنتظر السلطة، وبأي عقل، أو قلب، أو إدراك، أو مسؤولية، تداعب هذا الانهيار المعلن، تماماً كما في رواية غابرييل ماركيز «مدونة موت معلن سلفاً» عندما تعرف البلدة برمّتها، أنها تعرف القتلة والقتيل وموعد القتل، ومع ذلك لا أحد يفعل أي شيء للحؤول دون وقوع الجريمة.

كأنما هناك في اللاوعي من يريد أن يقتل لبنان وإنهاء أسطورة قدرته على النهوض من جديد. ولن يكون أحد مسؤولاً عن ذلك في هذه المتاهة المريعة من الصمت والسكوت والخوف.

غريب هذا المشهد التاريخي: الناس يداً واحدة وقلباً واحداً، والسلطة السياسية في ثوبها الرث والمرقّع والمرتّق والمهترئ. كأنما هي سلطة لشعب يعرفها جيداً، ولا تعرفه أبداً. هو من رحم الشجاعة والصدق، وهي من خارج الرحم.

بل هي من خارج الرحمة. ومن خارج البلد، وإلاّ كيف تسمح لنفسها أن تتركه معلقاً مثل محكوم بالموت شنقاً حتى الوفاة؟ أكرر كثيراً القول «إنني لم أشهد في حياتي شيئاً مثل هذا»، ليس لأنني نسيت أنني ذكرتها من قبل، بل لكي أذكر الأجيال بأن لبنان لم يشهد مثل هذا الفخ الأخلاقي حتى في الحرب والقتال. سابقتان لا مثيل لهما: الرفعة التي بلغتها الثورة، والسقوط الذي بلغته السلطة السياسية. أو بالأحرى الطبقة السياسية. كان الروائي الأميركي فيليب روث يقول إن الرفاهية ممنوعة في العمل السياسي. لم يقل إن الذوق ممنوع هو أيضاً.

arabstoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

رث ومرقّع ومرتّق رث ومرقّع ومرتّق



GMT 14:04 2021 السبت ,06 شباط / فبراير

ذهبت ولن تعود

GMT 11:55 2021 السبت ,06 شباط / فبراير

من شعر الكميت بن زيد والأعشى

GMT 07:10 2021 السبت ,06 شباط / فبراير

قتلوه... قتلوه... قتلوه لقمان محسن سليم شهيداً

GMT 22:33 2021 الخميس ,04 شباط / فبراير

كيم وكيا، فوردو وديمونا، نافالني وفاونسا؟

أبرز إطلالات شتوية رائعة من وحي هايلي بيبر

واشنطن - العراق اليوم

GMT 23:13 2018 الجمعة ,15 حزيران / يونيو

ريم البارودي بإطلالة جريئة تشبه "مارلين مونرو"

GMT 00:30 2018 السبت ,24 شباط / فبراير

سيمون تكشف كواليس تحضير "الكبريت الأحمر"

GMT 17:34 2018 الثلاثاء ,06 شباط / فبراير

مخرج فيلم "العفاريت" يكشف عن بنت "ماما مديحة"

GMT 13:32 2018 السبت ,03 شباط / فبراير

مجتمع لا يعرف الخوف!!!

GMT 03:48 2018 الثلاثاء ,02 كانون الثاني / يناير

شابة في أستراليا تشعل مواقع التواصل بصور مغامراتها

GMT 12:36 2017 السبت ,16 كانون الأول / ديسمبر

"سيلفى مع الموت" يشارك في مهرجان أربيل الدولي في العراق

GMT 23:44 2017 الجمعة ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

منة فضالي تغضب جمهورها بسبب صورة بدون بنطلون

GMT 16:38 2017 الجمعة ,29 أيلول / سبتمبر

شاهيناز بلعيد تتألق في فستان أسود كلاسيكي وبسيط

GMT 16:16 2013 الأربعاء ,30 تشرين الأول / أكتوبر

العلاج بالتغذية صيدليَّة متكاملة لشفاء حقيقيٍّ

GMT 22:25 2015 الجمعة ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

يوسف الخال في دمشق بطل من ابطال خاتون

GMT 21:02 2017 الإثنين ,05 حزيران / يونيو

رونالدو على غلاف لعبة "فيفا" 2018 للمرة الأولى

GMT 02:12 2019 الخميس ,24 كانون الثاني / يناير

سمكة قرش عملاقة تسبح بسلام مع غواصين في هاواي

GMT 19:03 2019 الأربعاء ,09 كانون الثاني / يناير

مضمار جبل علي يُنظّم سباقًا للخيول يحمل اسم "ديرة"

GMT 02:34 2018 الخميس ,13 كانون الأول / ديسمبر

ندى عادل "سعيدة" بانضمامها إلى أسرة "أبوالعروسة 2"

GMT 18:30 2018 الثلاثاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

ربة منزل تقتل زوجها وتحرق جثته لتهديدها بصور عارية

GMT 17:34 2018 الإثنين ,08 تشرين الأول / أكتوبر

تعرفي على موضة ألوان "الأرضيات الباركيه" المتعددة لعام 2018

GMT 12:34 2018 الأربعاء ,20 حزيران / يونيو

جمارك السيارة "كيا ريو" الواردة من السعودية

GMT 13:50 2018 الإثنين ,11 حزيران / يونيو

5 نصائح مهمة تساعدك في الحصول على أظافر جميلة
 
Iraqtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Iraqtoday Iraqtoday Iraqtoday Iraqtoday
iraqtoday iraqtoday iraqtoday
iraqtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
iraq, iraq, iraq