البولنديون قادمون

البولنديون قادمون

البولنديون قادمون

 العراق اليوم -

البولنديون قادمون

سمير عطا الله
بقلم: سمير عطا الله

منذ انهيار الشيوعية وخروج بولندا من المنظومة السوفياتية لكي تنضم مرة واحدة إلى أوروبا الغربية، بدأ العالم يتعرف من خلال الترجمة والسينما، إلى الآداب والفنون البولندية الرائعة. وكان فوز الروائية أولغا توكارتشوك بنوبل الآداب هذا العام خطوة أخرى في «تدويل» ذلك النساج الفكري الذي كان مهملاً وراء ما سمّي خلال الحرب الباردة بـ«الستار الحديدي».

الدلالة الأهم في هذا الفوز هي اللغة. وغالباً ما تظلم اللغات الثانوية الأعمال الأدبية الكبرى. ولأنه كتب بالإنجليزية مباشرة، استطاع البولندي جوزيف كونراد أن يصبح أحد أشهر روائيي القرن العشرين وأهمهم. ومثل عدد كبير من أدباء العالم كانت سيرة كونراد هي الرواية الأكثر أهمية وإثارة. وقد غادر هذا اليتيم اليافع بلاده إلى مرسيليا، الميناء الفرنسي الكبير في تلك الأيام، من أجل أن يعثر لنفسه على عمل في السفن المُبحرة. ومن ثم أصبحت حياته كلها في البحار حيث ترقّى إلى مساعد قبطان قبل أن يصبح قبطاناً على البواخر التجارية العائمة ما بين مرافئ العالم في آسيا وأفريقيا.

في هذه المهنة القاسية والمليئة بالتجارب والمشاهدات والمفاجآت، قرر كونراد جعل هذه الثروة الحياتية أعمالاً روائية. وعندما جاء إلى لندن للاستقرار فيها والانصراف إلى الكتابة، لم يكن مهماً على ما يبدو، أنه لا يعرف شيئاً من اللغة الإنجليزية. سرعان ما راح يعامل اللغة كما عامل البحر من قبل. تحدّاها وأبحر فيها وبحث في أعماقها عن اللآلئ، وفي غروبها عن الألوان. ولم يهتم للحاجة المادية أيضاً. فالروائع التي وضعها، وأشهرها «قلب الظلام» لم تنل الانتشار الكافي في حياته. لكن بعد وفاته 1924. اكتشف النقّاد، ومعهم القراء بجميع اللغات، أن هذا الرجل الذي غاب وهو لا يجيد تماماً التحدث باللغة الإنجليزية، كتب بأجمل الأساليب وأغنى التعابير. وأصبح كونراد مدرسة فريدة قائمة بذاتها ينافس عمالقة الأدب الإنجليزي الحديث في عقر دارهم وقلب مدينة شكسبير.

ماذا لو أن كونراد كتب أوائل القرن الماضي باللغة البولندية؟ ربما لكان لا يزال مجهولاً إلى اليوم إلا بالنسبة إلى أهل بلاده. حتى اللغة الروسية، اللغة الألمانية، ليستا كافيتين لإدراج أدبائهما في «العالمية». مثال على ذلك أعمال الألماني غونتر غراس، والروسي بوريس باسترناك، صاحب «دكتور جيفاغو». حتى لغة عالمية مثل الإسبانية، لم تعطِ عمالقتها الأفق الكوني لولا ترجمتهم إلى الإنجليزية، وما لحق ذلك من لغات عالمية. ونقصد هنا أسماء مثل غبريال غارسيا ماركيز، وخورخي لويس بورخيس، وبابلو نيرودا. هكذا فعلت الترجمة بمرتبة نجيب محفوظ. أما أمين معلوف، فقد كتب مباشرة بالفرنسية، وكانت رحلته إلى الشهرة أقل أمداً وصعوبة.

arabstoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

البولنديون قادمون البولنديون قادمون



GMT 14:04 2021 السبت ,06 شباط / فبراير

ذهبت ولن تعود

GMT 11:55 2021 السبت ,06 شباط / فبراير

من شعر الكميت بن زيد والأعشى

GMT 07:10 2021 السبت ,06 شباط / فبراير

قتلوه... قتلوه... قتلوه لقمان محسن سليم شهيداً

GMT 22:33 2021 الخميس ,04 شباط / فبراير

كيم وكيا، فوردو وديمونا، نافالني وفاونسا؟

أبرز إطلالات شتوية رائعة من وحي هايلي بيبر

واشنطن - العراق اليوم

GMT 21:28 2021 الثلاثاء ,05 كانون الثاني / يناير

أمامك فرص مهنية جديدة غير معلنة

GMT 09:19 2021 الثلاثاء ,16 شباط / فبراير

ليونيل ميسي يجرد كريستيانو رونالدو من رقم قياسي

GMT 17:09 2019 الثلاثاء ,03 أيلول / سبتمبر

الوضع العام لا يسمح ببدء أي مشروع جديد على الإطلاق

GMT 14:28 2019 الإثنين ,01 إبريل / نيسان

تشعر بالعزلة وتحتاج الى من يرفع من معنوياتك

GMT 14:27 2019 الإثنين ,08 إبريل / نيسان

بترجي يكشف بعض الأمور الشائكة داخل أهلي جدة

GMT 22:02 2021 الثلاثاء ,05 كانون الثاني / يناير

تنجح في عمل درسته جيداً وأخذ منك الكثير من الوقت

GMT 06:49 2019 الثلاثاء ,12 آذار/ مارس

مؤرّخ يُلمِّح لوجود "مخبأ سري" أسفل "أبو الهول"

GMT 05:55 2017 الأحد ,16 إبريل / نيسان

روسيا تدافع عن نفسها لا الأسد

GMT 07:47 2019 الثلاثاء ,10 كانون الأول / ديسمبر

اكتشفي القطعة التي يُتوقع أن تحل محل الفساتين في صيف2020

GMT 11:50 2019 الإثنين ,14 كانون الثاني / يناير

زاهي حواس يقترب مِن معرفة مكان قبر الملكة كليوباترا

GMT 13:11 2018 الإثنين ,31 كانون الأول / ديسمبر

المنتخب السعودي يطمح لاستعادة الأمجاد في بطولة كأس آسيا

GMT 10:51 2018 الإثنين ,31 كانون الأول / ديسمبر

حبس دوللي شاهين لتهربها من دفع 200 ألف جنيه ضرائب

GMT 11:51 2018 الإثنين ,06 آب / أغسطس

انفجار ضخم يهز مقر "الحشد الشعبي" في كربلاء

GMT 06:42 2017 الخميس ,07 كانون الأول / ديسمبر

ساندرا منصور ترفع شعار البساطة والأناقة المعاصرة

GMT 01:12 2017 الخميس ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

رجل أعمال سعودي يتكفل بتوفير حافلات لنقل جماهير "الهلال"

GMT 11:58 2016 السبت ,02 تموز / يوليو

طرح ألبوم تامر حسني "عمري ابتدا" في الأسواق

GMT 22:45 2021 الخميس ,18 شباط / فبراير

عن دلالات «واقعة أربيل» وتداعياتها

GMT 14:36 2021 الثلاثاء ,16 شباط / فبراير

أبيات من شعر أبو الطيب المتنبي - ١

GMT 02:37 2020 الثلاثاء ,19 أيار / مايو

فساتين خطوبة مطرزة لإطلالة إستثنائية فخمة
 
Iraqtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Iraqtoday Iraqtoday Iraqtoday Iraqtoday
iraqtoday iraqtoday iraqtoday
iraqtoday
Pearl Bldg.4th floor
4931 Pierre Gemayel Chorniche,Achrafieh
Beirut- Lebanon
iraq, iraq, iraq