عاشا لكي يسافرا

عاشا لكي يسافرا

عاشا لكي يسافرا

 العراق اليوم -

عاشا لكي يسافرا

سمير عطا الله
بقلم : سمير عطا الله

يولد البريطاني لكي يسافر. أول ما يراه عندما يعي الحياة شمساً غائبة أو غائمة، فيروح يبحث عن شمس أخرى، إن لم تكن ساطعة، فمشرقة، على الأقل. ولذاك ركب البحر ساعياً خلفها، وكلما خُيل إليه أنه اقترب، اكتشف أنها لا تزال تبعد شموساً وأقماراً ومجرات.
هكذا بنى «إمبراطورية لا تغيب عنها الشمس». ومن هذه الإمبراطورية خرج الرحالة والمسافرون والمستكشفون. وتراكم في بريطانيا أدب ممتع هو أدب الرحلات. ولم يسافر الرجل وحده، بل المرأة أيضاً، متحدية تقاليد بلادها وبلاد الآخرين. وبالنسبة إليّ، كانت فريا ستارك (1893 - 1993) أفضل الرحالات والرحالين الذين عاشوا في الجزيرة العربية. وكانت جان موريس (1926 - 2020) ألمع كاتبة سفر في آداب العالم. غابت موريس قبل أيام عن 94 عاماً، تاركة 40 كتاباً في السفر والتأريخ والرواية، منها ما كتبته عن مصر وفلسطين وعُمان، يوم كانت الضابط جيمس موريس. وبعد الجيش والمخابرات عمل في الصحافة، ولمع في الوصول إلى قمة إيفرست. وبعد زواج نتج عنه 5 أبناء وبنات، قرر إجراء عملية التحول (1972) إلى امرأة، وبقي مع زوجته إليزابيث طوال 70 عاماً. زواج بين رجل وامرأة، أصبح زواجاً بين رجل وامرأة وامرأة.
بقيت جان موريس تعيش في كارديف، عاصمة ويلز، التي عرفها العرب ببلاد الغال. ومن هناك تنقلت حول العالم. ومن كل بلد كتاب، الأول «من الساحل إلى الساحل» عن الولايات المتحدة. الثلث الأول بتوقيع جيمس، والثلثان الأخيران بتوقيع جان. لكن موريس، في الحالتين، رفضت أن تعتبر نفسها كاتبة سفر. إنها المؤرخة التي وضعت ثلاثية الإمبراطورية، أو تاريخ مدينة البندقية، أو تلك اللوحة الممتعة لانطباعاتها عن إسبانيا، التي عبرتها كلها في سيارة «فولكس فاغن» قديمة.
قال أحد أبنائها عند وفاتها: «لقد بدأت الآن الرحلة الأطول والأبعد، تاركة خلفها على الشاطئ، رفيقة عمرها، إليزابيث».
لا أدري لماذا كان اهتمام موريس بالعالم العربي قليلاً، بعكس زملائها وأندادها. وقد عاشت في القاهرة عامين. وقالت في مقابلة مع «باريس ريفيو» إنها أحبت كثيراً ما كتبه الرحالة البريطانيون عن الجزيرة العربية، خصوصاً كتاب تشارلز دوتي «الصحراء العربية».
ما بين جيمس موريس ضابط المخابرات، ثم الصحافي، ثم الكاتبة جان موريس، حياة حافلة. يتذكر العربي الصحافي جيمس الذي كشف تورط فرنسا في العدوان الثلاثي على السويس عام 1956. كما يذكرون له خلافه مع «التايمز» وذهابه للعمل مع «الغارديان» بسبب دور رئيس الوزراء أنطوني إيدن في العدوان بعد تأميم القناة. كرجل وامرأة، عاش لكي يسافر، أو عاشت كي تسافر. أو عاشا لكي يسافرا.
 
 

arabstoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

عاشا لكي يسافرا عاشا لكي يسافرا



GMT 14:04 2021 السبت ,06 شباط / فبراير

ذهبت ولن تعود

GMT 11:55 2021 السبت ,06 شباط / فبراير

من شعر الكميت بن زيد والأعشى

GMT 07:10 2021 السبت ,06 شباط / فبراير

قتلوه... قتلوه... قتلوه لقمان محسن سليم شهيداً

GMT 22:33 2021 الخميس ,04 شباط / فبراير

كيم وكيا، فوردو وديمونا، نافالني وفاونسا؟

أبرز إطلالات شتوية رائعة من وحي هايلي بيبر

واشنطن - العراق اليوم

GMT 01:32 2018 الثلاثاء ,09 تشرين الأول / أكتوبر

أفكار مختلفة لتنسيق "التوبات الصوفية" مع بداية فصل الشتاء

GMT 08:47 2018 الإثنين ,22 تشرين الأول / أكتوبر

ربة منزل تتعرض للاغتصاب على يد سباك في الجيزة

GMT 02:14 2018 الثلاثاء ,02 تشرين الأول / أكتوبر

بيجو تكشف عن موعد طرح موديلات هايبرد من الطرازين 508 و3008

GMT 02:00 2018 الثلاثاء ,26 حزيران / يونيو

تعرف على أسعار "كيا سبورتاج 2019" في مصر

GMT 05:48 2017 الخميس ,19 تشرين الأول / أكتوبر

تعرف على طرق الحج المقدسة في أوروبا القديمة

GMT 13:33 2017 الأربعاء ,04 تشرين الأول / أكتوبر

عرض مسلسل الليل والقمر لعمر فتحي على ماسبيرو زمان
 
Iraqtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Iraqtoday Iraqtoday Iraqtoday Iraqtoday
iraqtoday iraqtoday iraqtoday
iraqtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
iraq, iraq, iraq