قصة خيط

قصة خيط

قصة خيط

 العراق اليوم -

قصة خيط

خالد القشطيني
بقلم : خالد القشطيني

كانت المغفور لها الملكة عالية، والدة الشهيد فيصل الثاني، تستحق تماماً اللقب الذي أطلقه العراقيون عليها، الملكة القديسة. كذلك كانت في صبرها وحشمتها وإيمانها في تكريس وقتها للخدمة. شاركت في أعمال جمعية الهلال الأحمر وحماية الأطفال وغيرها من الجمعيات الخيرية الأخرى. لم تكن لتعتذر عن أي مهمة أو خدمة تُطلب منها في مساعدة الضعفاء. كانت تذهب بنفسها وتشترك مع النساء الأخريات في أداء العمل المطلوب، وعلى الأخص الخياطة التي كانت تجيدها. في بعض الأحيان كانت تأتي بالقماش إلى بيتها، قصر الزهور، وتشتغل لساعات طويلة في تفصيل القماش وخياطة ملابس للأطفال من اليتامى والمعوزين...

انصرفت بصورة خاصة في هذه الفعاليات بعد وفاة زوجها الملك غازي، رحمه الله. كان ابنها فيصل الثاني طفلاً في الرابعة من عمره. ومن شأن الأطفال أنهم غالباً ما يفسرون الكلام بمعناه الحرفي. لا يختلف في ذلك ابن الملوك وابن عامة الناس. الأطفال أطفال ويعيشون على براءتهم. كان جالساً بقربها وهي تقوم بعمليات الخياطة. سألها: ماذا تفعلين؟ قالت: أخيط ملابس لليتامى. ظل يحدق فيها تعمل ثم سمعها تنادي على من يأتيها ببكرة خيوط. سألها: شنو هذا؟ فأجابته وقالت: هذا خيط يا حبيبي.

تهللت أسارير الملك الطفل. فاقتطع قطعة من الخيط وراح يجري بها. لم تدرك الملكة عالية سر هذا الاهتمام المفاجئ لوليدها بالخيط والخيوط. حمل فيصل الثاني قطعة الخيط وخرج بها من القصر وراح يبحث عن أحد الجنود من الحرس الملكي حتى عثر عليه. قال له: خذ! جبت لك خيط! فغص الجندي بالضحك. قبّل رأسه وشكره على حسن صنيعته. وراح ذلك الجندي يطوف بالخيط بين زملائه من جنود الحرس الآخرين. يروي لهم قصة هذا المقلب الظريف.

قبل عدة أيام، وبينما كان ذلك الجندي البسيط موكلاً بحراسة الملك، داعبه وتبسط معه بالحديث ثم قال له: «اعمل لي معروفاً. قلها لأمك أن تعطيني خيطاً». ما كان يقصده ذلك الجندي هو الترقية. الجندي العادي يكون من دون خيط على ذراعه. الجندي الأول يحمل خيطاً واحداً. ونائب العريف يحمل خيطين على ذراعه، والعريف يحمل ثلاثة خيوط، ورئيس العريفين يحمل أربعة خيوط، مع ما يترتب على ذلك من الرواتب. كان ذلك الجندي الشاب جندياً عادياً من دون خيط. ولا شك أنه كان يحلم بنيل خيط واحد على الأقل يؤهله لتسلم زيادة في راتبه. ربما مائتان أو ثلاثمائة فلس في الشهر.

كان الملك الطفل قد نسي الموضوع كلياً كما يحصل لسائر الأولاد. يتذكرون الآيس كريم والشوكولاته ولا ينسونها. ولكن، ما يحملهم على تذكر قطعة خيط لجندي؟ نسي الموضوع غير أن مشاهدته لوالدته وهي تستعمل الخيط ذكّره بطلب الجندي. وكان طفلاً باراً فراح يركض به فرحاً مستبشراً لذلك الجندي البسيط. «خذ جبت لك خيط»! ودارت القصة في عموم فوج الحرس الملكي.

arabstoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

قصة خيط قصة خيط



GMT 14:04 2021 السبت ,06 شباط / فبراير

ذهبت ولن تعود

GMT 11:55 2021 السبت ,06 شباط / فبراير

من شعر الكميت بن زيد والأعشى

GMT 07:10 2021 السبت ,06 شباط / فبراير

قتلوه... قتلوه... قتلوه لقمان محسن سليم شهيداً

GMT 22:33 2021 الخميس ,04 شباط / فبراير

كيم وكيا، فوردو وديمونا، نافالني وفاونسا؟

أبرز إطلالات شتوية رائعة من وحي هايلي بيبر

واشنطن - العراق اليوم

GMT 20:47 2021 الأربعاء ,06 كانون الثاني / يناير

لا تتسرّع في خوض مغامرة مهنية قبل أن تتأكد من دقة معلوماتك

GMT 21:21 2021 الثلاثاء ,05 كانون الثاني / يناير

تتيح أمامك بداية السنة اجواء ايجابية

GMT 21:00 2018 الأربعاء ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

إصدار جديد للروائية أحلام مستغانمي في "الشارقة الدولي للكتاب"

GMT 12:47 2018 الإثنين ,29 تشرين الأول / أكتوبر

برنامج طبي خاص للاعب طائرة الأهلي عبدالحليم عبو

GMT 23:23 2019 الإثنين ,07 كانون الثاني / يناير

"زايد للكتاب" تعلن القائمة الطويلة لفرع "الترجمة"

GMT 19:30 2018 الجمعة ,12 تشرين الأول / أكتوبر

نصائح لاختيار عطور تتناسب مع برودة فصل الشتاء

GMT 23:07 2018 الإثنين ,06 آب / أغسطس

محمود مرغنى موسى يكتب" دعوة للتفاؤل"

GMT 07:08 2015 الثلاثاء ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

كاريس بشار تظهر بفستان زفاف أبيض مع باسم ياخور

GMT 02:54 2016 الإثنين ,26 كانون الأول / ديسمبر

المصارعة ليف مورغان تشجّع مصر في "كأس الأمم الإفريقية"

GMT 01:13 2018 الثلاثاء ,04 كانون الأول / ديسمبر

مجدي بدران يكشف فوائد الفجل ودوره في الوقاية من الأمراض

GMT 03:16 2018 الجمعة ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

"فيكتوريا سيكرت" تبيع أنواع خاطئة من حمالات الصدر

GMT 20:55 2018 الأربعاء ,05 أيلول / سبتمبر

حسبو يؤكد أهمية الإعلام في المشروعات الإنتاجية

GMT 02:05 2018 الجمعة ,22 حزيران / يونيو

أجمل مكياج للسهرات والمناسبات للمرأة المحجبة

GMT 18:04 2018 الجمعة ,30 آذار/ مارس

توماس أوكسيلى يبتكر جهاز جديد لمرضي الشلل
 
Iraqtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Iraqtoday Iraqtoday Iraqtoday Iraqtoday
iraqtoday iraqtoday iraqtoday
iraqtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
iraq, iraq, iraq