زهد موريتانيا ومنظومة الأمونيوم اللبنانية

زهد موريتانيا ومنظومة الأمونيوم اللبنانية

زهد موريتانيا ومنظومة الأمونيوم اللبنانية

 العراق اليوم -

زهد موريتانيا ومنظومة الأمونيوم اللبنانية

علي شندب
بقلم : علي شندب

كثير من الحبر والتقارير والتحليلات ستنصب لزمن غير قصير حول انفجار بيروت الهيروشيمي، وجديدها ما أوردته صحيفة "فيلت" الألمانية من أن حزب الله كان يخزن كميات كبيرة من نترات الأمونيوم تزامنا مع وصول شحنة الموت الى مرفأ بيروت والتي انفجرت في 4 آب، ما يعني أن رأس جبل جليد الأمونيوم الحقيقي قد بدأ يتكشف خلافا لما تسير به عجلة التحقيقات القضائية في لبنان.

كما سال ويسيل الكثير من الحبر والتقارير والتحليلات حول الانفجار وضحاياه وجرحاه ومفقوديه ومشرديه، كما حول الأضرار المليارية في الاقتصاد وحجم الدمار وإعادة البناء وأعمال الترميم، وأيضا المساعدات الخارجية سواء تلك الاغاثية الإنسانية الطارئة، او تلك المرتبطة بإعادة تركيب حكومة جديدة بمواصفات ماكرونيةلصيغة سياسية جديدة، تحظى بثقة الناس وتؤمن تسييل المساعدات المالية للدولة لإعادة ترميم الاقتصاد سواء تلك الموعودة من مؤتمر سدر،أو من صندوق النقد الدولي والجهات المانحة العربية والدولية.
وفي حين انهمكالقنوات التلفزية اللبنانية، بتسليط الضوء على مساعدات الدول العربية والأجنبية وأيضا مؤسسات الأمم المتحدة وبرنامج الغذاء العالمي. فقد كان شحيحا وخجولا وبخيلا في تغطية المساعدات المقدمة من موريتانيا الى لبنان. فلم تنل قسطها من البث الحي للفضائيات اللبنانية فضلا عن نشرات الأخبار التي تضج للمفارقة بمطولات وعواجل عن مساعدات الدول النافذة أو الدسمة، وهي المطولات التي تستظهر ولا تستبطن نفوذا سياسيا في لبنان، أكثر مما هو إضاءة على مبلسمي جراح الانفجار المشؤوم.
وقد أرادت موريتانيا من خلال طائرتيها المحملتين بمساعدات مختلفة بينها 13 طن من الأسماك ذات الجودة العالمية، والتي يزخر بها شاطئ موريتانيا الأطلسي، توجيه رسالة تضامن حقيقية تعبر عن "تقاسم اللقمة" مع الشعب اللبناني المنكوب جراء الانفجار الهيروشيمي.
ولمن لا يعرف، فالشعب الموريتاني متمسك لأبعد الحدود بعادات وتقاليد متأصلة فيه بأبعادها الروحية والايمانية. والموريتانيون في إطار فعل الخير والمساعدات يتأسّون بما ورد في الحديث النبوي: "ورجل تصدق بصدقة فأخفاها، حتى لا تعلم شماله ما تنفق يمينه".
ويرجح أن يكون للزهد دورا بارزا في ذلك، فموريتانيا غائبة عن الإعلام اللبناني والعربي منذ زمن بعيد، وحضورها الإعلامي غالبا ما يرتبط بتطوراتها السياسية والأمنية الكبيرة.
لكن موريتانيا المظلومة إعلاميا، في زمن يسود فيه الرياء والنفاق والتخادم، ولا تنفع فيه قيم الاصالة لوحدها.وهي تظلم نفسها بنفسها بسبب عدم إيلائها الإعلام الأهمية المناسبة، فهي لا تسوّق نفسها ولا مشروعاتها التنموية أو معالمها السياحية وقدراتها وإمكانياتها الاستثمارية الواعدة والكبيرة.
ربما هو التصوّف، الذي له في موريتانيا مشيخات صوفية عريقة، من بينها مشيخة الطريقة "الغظفية" التي ينحدر منها الرئيس الموريتاني محمد ولد الغزواني المعروف بتصوفه وزهده العام. هذا التصوف والزهد ربما يكون سببا في عدم تسويق المساعدات الموريتانية السخية إلى لبنان. فبخلاف غالبية الدول لم تعط موريتانيا الاهتمام المناسب للإعلام فلم ترسل مع طائرتيها أي من اعلاميها هو صحفييها الكبار العارفين بخرائط لبنان الجغرافية والسياسية والديموغرافية.
وربما أيضا انشغال الاعلام الموريتاني بحدث جلل، وهو اعتقال الرئيس الموريتاني السابق محمد ولد عبدالعزيز واستجوابه بتهم الفساد. بينها منح أمير قطر السابق جزيرة بمنطقة "حوض ارغين" التي تعتبر من أكبر المحميات الطبيعية في العالم، انه الفساد الموازي في القانون الموريتاني للتنازل عن السيادة، ما يسمح بإدانة ولد عبدالعزيز بتهمة الخيانة العظمى.
انه الحدث غير العادي الذي تميزت به موريتانيا، وعجز عنه لبنان الذي ورغم انتفاضة 17 تشرين لم يتمكن من توقيف فاسد واحد في وقت يدعي فيه كل طغمة الفساد استلال سيوفهم لمحاربة الفساد.
إنه الفساد الذي لن يضع حدا له،وبحسب ما تشي به المعطيات الأميركية،سوى قانون "ماغنيتسكي"المسلول والذي ستستهدف عقوباته الوشيكة عددا من رموز منظومة الأمونيوم وبينها جبران باسيل الذي رفض وكيل الخارجية الأميركية ديفيد هيل مقابلته، وقد بدا باسيل في تصريحاته الأخيرة بعد تجاهله من قبل ديفيد هيل، كمن يستسلم لقدره المشؤوم على لبنان، فيسلّم روحه السياسية لمقصلة العقوبات الأميركية بتهمة الفساد.
لكن هل يبرّر تصوّف موريتانيا وزهدها، تقصير الإعلام اللبناني حيالها، وكيف سيكون سلوك هذا الإعلام ونخبه عندما يعلموا أن موريتانيا تحتل المرتبة السادسة بين 24 دولة ضمن المشاريع الجديدة لإنتاج الغاز، بقدرة إنتاجية عن طريق المنصّات العائمة، تصل لنحو 5 ملايين طن سنويا؟.
فالاكتشافات الجديدة تؤهل موريتانيا إلى صدارة الدول المصدرة للغاز، كما ان المؤشرات الواعدة أسالت لعاب شركات النفط العالمية، في مقدمها بريتيش بتروليوم، أكسون موبيل، شل وتوتال الذين يتنافسون على حقول التنقيب الموريتانية البرية والبحرية.
فهل ستسيل بعض هذه المعطيات الطاقوية والاستثمارية الأخرى ومنها الثروة السمكية التي تعتبر الثانية في العالم، لعاب رجال الأعمال والاقتصاد والمال والإعلام في لبنان فييمّموا وجوههم شطر موريتانيا بحثا عن فرصة عمل تمنع شركاتهم من السقوط، كما وتساهم في إنعاش لبنان، في وقت يحتضر فيه اقتصاده الذي لاينقذه سوى المشروعات الإنتاجية والاستثمارية الكبرى داخليا وخارجيا، وليس المساعدات التسوّلية التي باتت نهجا وحيدا ثابتا لدى منظومة الألمنيوم وميليشيا المال والسلطة والسلاح اياها.

arabstoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

زهد موريتانيا ومنظومة الأمونيوم اللبنانية زهد موريتانيا ومنظومة الأمونيوم اللبنانية



GMT 14:04 2021 السبت ,06 شباط / فبراير

ذهبت ولن تعود

GMT 11:55 2021 السبت ,06 شباط / فبراير

من شعر الكميت بن زيد والأعشى

GMT 07:10 2021 السبت ,06 شباط / فبراير

قتلوه... قتلوه... قتلوه لقمان محسن سليم شهيداً

GMT 22:33 2021 الخميس ,04 شباط / فبراير

كيم وكيا، فوردو وديمونا، نافالني وفاونسا؟

أبرز إطلالات شتوية رائعة من وحي هايلي بيبر

واشنطن - العراق اليوم

GMT 07:11 2019 الخميس ,23 أيار / مايو

تعرَّف على مميزات " زوتي Z100 " و"سوزوكي ألتو"

GMT 19:36 2017 السبت ,16 كانون الأول / ديسمبر

مقتل أم حامل بعد اتهامها أهل زوجها باغتصابها في الحسكة

GMT 12:15 2017 الأربعاء ,20 أيلول / سبتمبر

فيلم "الخلية" تركيبة فنية متكاملة

GMT 14:13 2014 الإثنين ,20 كانون الثاني / يناير

إفتتاح حديقة "الكلاكلات" الكبرى في السودان نيسان المقبل

GMT 08:00 2016 الخميس ,15 كانون الأول / ديسمبر

الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني يقدم مليون يورو لبلدة فرنسية

GMT 20:15 2016 الثلاثاء ,01 آذار/ مارس

حركات يعتبرها الزوج مثيرة ولكنها تزعج المرأة

GMT 00:33 2019 الإثنين ,21 كانون الثاني / يناير

تعرفي على أفكار لحديقة الزهور ولمسة من الجمال

GMT 16:30 2018 الجمعة ,21 كانون الأول / ديسمبر

ضبط هارب من 102سنة سجن و5ملايين جنيه بالقاهرة

GMT 23:39 2018 الثلاثاء ,23 تشرين الأول / أكتوبر

أمطار غزيرة تحول جسرًا إلى شلال مذهل في إيطاليا

GMT 01:59 2018 السبت ,20 تشرين الأول / أكتوبر

أزمة السيولة في السودان تنعش الدفع الإلكتروني

GMT 01:00 2018 الثلاثاء ,04 أيلول / سبتمبر

جدة لا تزال تمارس "الجمباز" بعمر 84 عامًا

GMT 18:56 2018 الثلاثاء ,13 شباط / فبراير

لوريس كاريوس يُفسّر أسباب تطور مستواه مع ليفربول

GMT 13:35 2017 الأحد ,17 أيلول / سبتمبر

سقوط طائرة قرب مدينة البوليل شرق دير الزور
 
Iraqtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Iraqtoday Iraqtoday Iraqtoday Iraqtoday
iraqtoday iraqtoday iraqtoday
iraqtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
iraq, iraq, iraq