أميركا فازت على الصين وروسيا في انتخابات البرازيل

أميركا فازت على الصين وروسيا في انتخابات البرازيل!

أميركا فازت على الصين وروسيا في انتخابات البرازيل!

 العراق اليوم -

أميركا فازت على الصين وروسيا في انتخابات البرازيل

بقلم - هدى الحسيني

أدى جايير بولسونارو اليمين الدستورية رئيساً للبرازيل، معلناً تحولاً حاسماً إلى اليمين بعد سنوات من الحكومات اليسارية. لكن انتخابه لا يتعلق فقط بالسياسة الداخلية للبرازيل، بل ستكون له تداعيات في المجال الدولي. على وجه الخصوص يمكننا بالذات توقع إقامة البرازيل أوثق علاقات مع أميركا، وكانت أول إشارة من بولسونارو الإعلان عن ترحيبه بإقامة قواعد عسكرية أميركية في البرازيل، ما قد يكون أخباراً سيئة للاستراتيجية الإقليمية لقوى أخرى مثل الصين وروسيا.
يبلغ عدد سكان البرازيل 200 مليون نسمة مع ناتج قومي إجمالي يبلغ 3.24 تريليون دولار (المرتبة السابعة في العالم)، ومساحة 8.5 مليون كلم مربع، ولا شك أنها القوة المهيمنة في أميركا الجنوبية، فهي تسيطر على الموارد الطبيعية الوفيرة مثل النفط والمعادن والأخشاب، رغم أنها حقل كبير للإنتاج الزراعي ولديها جيش قوي أيضاً.
البرازيل عضو في مجموعة «البريكس» التي تجمع القوى الناشئة في العالم. الدول الأخرى هي روسيا والصين والهند وجنوب أفريقيا. ثم إن البرازيل توسع نفوذها خارج منطقتها، وأصبح هذا التوسع أسهل من خلال الجغرافيا، إذ لدى البرازيل وصول إلى المحيط الأطلسي، وبالتالي إلى مناطق غنية مثل أوروبا والولايات المتحدة، وأيضاً إلى أفريقيا والشرق الأوسط، كما أن في البرازيل مساحات شاسعة من أراضي القارة، بما في ذلك معظم حوض الأمازون، ولديها وصول إلى «ريو دو لابلاتا» في الجنوب.
وكي تستفيد من هذه الميزات الجغرافية، للبرازيل أهداف جيوسياسية محددة أبرزها تأكيد نفوذها على منطقة «أورابابول» - أوروغواي وباراغواي وبوليفيا - وربط المحيط الأطلسي والمحيط الهادي للتجارة مع الولايات المتحدة وأوروبا وشرق آسيا، ولهذه الأسباب تقوم بتوسيع نفوذها في البحر من خلال بناء قوتها البحرية.
على الرغم من الاضطرابات الاقتصادية والأمنية والسياسية الأخيرة، تبقى البرازيل القوة الأكثر أهمية في أميركا الجنوبية، وبالتالي يمكن اعتبارها المحور الجغرافي - السياسي للقارة. وهذا هو السبب الذي يجعل من سياسة البرازيل الخارجية مسألة مهمة جداً، خصوصاً بالنسبة إلى الولايات المتحدة وإلى منافسيها مثل الصين وروسيا.
يقول محدثي: يمكن لبرازيل قوية وحازمة أن تتحول إلى منافس وتتحدى الولايات المتحدة في القارة، وقد تشكل تهديداً أمنياً في أكثر الحالات تطرفاً، لا سيما إذا قررت الوقوف إلى جانب منافسي أميركا.
وفي واقع الأمر تنظر الصين وروسيا إلى صعود البرازيل بشكل إيجابي، لأنها تمثل خطوة أخرى نحو ظهور النظام متعدد الأطياف الذي يأملان بأنه سيتفوق على الهيمنة الأميركية. ومن هذا المفهوم فإن رئاسة بولسونارو تعتبر تطوراً إيجابياً لأميركا (دونالد ترمب) والسبب موجود على المستوى الفردي للسياسة الخارجية وفي شخصيتي ومعتقدات الرئيسين. كلاهما يقدم نفسه قائداً قوياً يتعهد باستعادة عظمة بلاده ويلتقي على ضرورة حماية بلده ومجتمعاته من عوامل مزعزعة للاستقرار مثل الجريمة والهجرة.
يدعم بولسونارو وترمب السياسات الاقتصادية للسوق الحرة مثل رفع القيود والخصخصة، وكلاهما مدعوم بمجموعات قوة (صناعة النفط والغاز لترمب) و(الأعمال التجارية - الزراعية لبولسونارو)، والاثنان يدافعان عن حقوق امتلاك السلاح للأفراد بهدف الدفاع عن النفس، ويفضلان دعم الأعمال المربحة على حماية البيئة أو الحفاظ على حقوق الشعوب الأصلية. لكن التشابه يمتد أيضاً إلى السياسة الخارجية، فالاثنان لديهما رؤية تتعلق بالحفاظ على مصالحهما الوطنية، وغير متحمسين للمنظمات الدولية، فنهجهما موجه أساساً للاقتصاد، كما أنهما ينتقدان الدول الاستبدادية مثل إيران وفنزويلا. ومع فوز بولسونارو قررت 10 دول من أميركا الجنوبية عدم الاعتراف بنيكولاس مادورو رئيساً شرعياً لفنزويلا، وهو الذي سيقسم اليمين الدستورية اليوم (الخميس). أما بولسونارو فإنه مؤيد للأميركيين بشكل علني، ويريد تعزيز العلاقات مع أميركا وحلفائها، خصوصاً الآسيويين مثل اليابان وكوريا الجنوبية وتايوان.
على هذا النحو، وجد ترمب حليفاً مفيداً لمتابعة أجندة سياسته الخارجية وإعادة توسيع نفوذ واشنطن في أميركا الجنوبية.
يوضح محدثي: على الرغم من إعلان جون كيري وزير الخارجية الأميركي السابق عام 2013 أن «مبدأ مونرو» قد انتهى، فإن منطقه الأساسي لا يزال في الواقع قائماً بالنظر إلى دور البرازيل البارز في المنطقة، وبالتالي فإن وجود علاقات إيجابية مع برازيليا هو ضمان فعلي لتحقيق الهدف الجيوسياسي الرئيسي لواشنطن في جنوب أميركا، حيث تحافظ أميركا على هيمنتها وتحول دون وجود قوى خارجية تنشر نفوذها على القارة، في الوقت نفسه، من الممكن أن تكون هذه نكسة كبيرة لبكين وموسكو. لقد كانت الصين تبني وجودها القوي في أميركا الجنوبية في العقد الماضي، بما في ذلك البرازيل، لكن الآن يحكم البرازيل رجل/ ضابط لا يثق بالصين.
من المؤكد أن بولسونارو وترمب سيعمقان علاقاتهما الاقتصادية والسياسية خلال العامين المقبلين، حيث يضمن كل منهما بقاءه في السلطة، وهما كافيتان لتعزيز العلاقات الثنائية القائمة منذ فترة طويلة، والأهم من ذلك إزالة كثير من الاختراق الذي حققته الصين في أميركا الجنوبية حتى الآن، وإلى حد أقل، روسيا. من هنا، فإن برازيل بولسونارو ستمكن أميركا من توسيع نفوذها بسهولة عبر القارة، ودفع نفوذ القوى المنافسة.
من جانبهما، ستشهد بكين وموسكو أن كل النجاحات التي حققتاها في المنطقة في خطر، لأن برازيليا، على الأقل في السنوات المقبلة، لن تصبح قطباً بديلاً للقوة في القارة الأميركية لمواجهة واشنطن، كما سيعاني تماسك مجموعة «البريكس» التي تشكو بالفعل من التوترات الصينية - الهندية. وعلى هذا النحو، قد تنظر الصين وروسيا إلى قوى إقليمية أخرى لسد الفجوة، لكن الخيارات محدودة، وقد يكون البديل الأفضل الأرجنتين، لكن الحصول عليها، إذا نجحا في ذلك، لن يعوض خسارة البرازيل. فوضع الأرجنتين ليس جيداً وقوتها أقل أهمية، والأهم من ذلك أنها تواجه عدم استقرار مالي ضاغط، وقد تكون المكسيك خياراً مثيراً للاهتمام بسبب موقعها، لكن لديها أيضاً مشكلات محلية معقدة تحتاج إلى حل.
من جهة أخرى، قد تستفيد بعض القوى الإقليمية من انتخاب بولسونارو خصوصاً الأرجنتين، وقد أعرب بولسونارو عن دعمه موريسيو ماكري الرئيس الأرجنتيني، وهذا تطور إيجابي، لأنه قد يساعد في إنعاش اقتصاد الأرجنتين من خلال الشراكة مع البرازيل. أيضاً، وبطريقة غير مباشرة، يمكن لماكري الاستفادة من تداعيات الصداقة الأميركية - البرازيلية، ومن حقيقة أن الصين وروسيا قد تستثمران مواردهما في الأرجنتين للتعويض عن النكسات الأخيرة في البرازيل.
في النهاية، ليس انتخاب بولسونارو مسألة مهمة للبرازيل فقط، بل لبقية دول أميركا الجنوبية أيضاً. رئاسته أخبار سارة للولايات المتحدة، وأخبار سيئة للصين وروسيا.

 

arabstoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

أميركا فازت على الصين وروسيا في انتخابات البرازيل أميركا فازت على الصين وروسيا في انتخابات البرازيل



GMT 14:27 2019 الجمعة ,21 حزيران / يونيو

وفاة الحلم الياباني لدى إيران

GMT 14:24 2019 الجمعة ,21 حزيران / يونيو

المواجهة الأميركية مع إيران (١)

GMT 05:35 2019 الخميس ,20 حزيران / يونيو

موسكو في "ورطة" بين "حليفين"

GMT 05:32 2019 الخميس ,20 حزيران / يونيو

(رحيل محمد مرسي)

GMT 05:28 2019 الخميس ,20 حزيران / يونيو

ضرب ناقلات النفط لن يغلق مضيق هرمز

أبرز إطلالات شتوية رائعة من وحي هايلي بيبر

واشنطن - العراق اليوم

GMT 00:56 2018 الخميس ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

كوميكس تعرض 4 إصدارات في الشارقة للكتاب

GMT 10:15 2018 الأربعاء ,10 تشرين الأول / أكتوبر

أفكار مبدعة ومميزة لبوابات الحدائق الصغيرة

GMT 03:00 2020 الثلاثاء ,07 كانون الثاني / يناير

تعرف على أبرز تصاميم جبس بورد لأسقف غرف نوم مميزة

GMT 14:53 2018 الأحد ,09 كانون الأول / ديسمبر

مستندات تكشف أخطاء إدارية داخل اتحاد الجمباز المصري

GMT 03:52 2018 السبت ,08 كانون الأول / ديسمبر

سبع نصائح لتنظيف دواخل خزائن المطبخ بسهولة

GMT 02:59 2018 الثلاثاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

تعرف على أكبر البحيرات في العالم

GMT 09:36 2018 الأربعاء ,31 كانون الثاني / يناير

تعرفي على فوائد وضع خل التفاح على الشعر

GMT 13:38 2018 الإثنين ,08 كانون الثاني / يناير

الصدريين يعلنون عن إقالة سليم الجبوري

GMT 08:05 2017 الثلاثاء ,12 كانون الأول / ديسمبر

ضابط روسي يمنع بشار الأسد من اللحاق ببوتن

GMT 02:40 2017 الأربعاء ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

أول غطاسة في الأرجنتين حذرت من مشاكل الميكانيكية في الغواصة

GMT 06:36 2017 الأربعاء ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

محشي ورق العنب اللذيذ

GMT 14:44 2014 الأربعاء ,01 تشرين الأول / أكتوبر

التراجع عن عرض فيلم "واحد صعيدي" الأربعاء

GMT 03:41 2016 الإثنين ,22 شباط / فبراير

انطلاق مهرجان زهور ينبع بمشاركة 150 شركة
 
Iraqtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Iraqtoday Iraqtoday Iraqtoday Iraqtoday
iraqtoday iraqtoday iraqtoday
iraqtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
iraq, iraq, iraq