الخيار الذي حصرت إيران فيه نفسها

الخيار الذي حصرت إيران فيه نفسها

الخيار الذي حصرت إيران فيه نفسها

 العراق اليوم -

الخيار الذي حصرت إيران فيه نفسها

خيرالله خيرالله
بقلم : خيرالله خيرالله

إيران تبدو بصدد تقديم أوراق اعتمادها إلى إدارة ديمقراطية لم تبصر النور بعد برئاسة جو بايدن مستخدمة العصا والجزرة في الوقت ذاته، العصا في العراق واليمن، والجزرة في لبنان.
في ظلّ اقتراب موعد الانتخابات الرئاسية الأميركية في الثالث من تشرين الثاني – نوفمبر المقبل، يبدو الرهان الإيراني على تغيير كبير في واشنطن قائما أكثر من أيّ وقت. ليس ما يوحي بوجود خيار آخر لدى “الجمهورية الإسلامية” التي اكتشفت أخيرا مدى فعاليّة العقوبات الأميركية، خصوصا عندما تكون هناك إدارة جدّية تعرف تماما كيف تستخدم هذه العقوبات.

تبدو إيران بصدد تقديم أوراق اعتمادها إلى إدارة ديمقراطية، لم تبصر النور بعد، برئاسة جو بايدن مستخدمة العصا والجزرة في الوقت ذاته. العصا في العراق واليمن والجزرة في لبنان. تقوم بعراضات في بغداد وترسل سفيرا إلى دولة الحوثيين في صنعاء.. وتوفّر ضوءا أخضر لـ”حزب الله” كي يسمح بمفاوضات لبنانية – إسرائيلية في شأن الحدود البحرية.

كانت لافتة في الأيّام القليلة الماضية تلك الهجمة الإيرانية في العراق. كانت هجمة على كلّ الجبهات استهدفت تأكيد أن القرار العراقي في طهران وليس في أي مكان آخر وأن بغداد تحت السيطرة الكاملة لـ”الجمهورية الإسلامية”.

لذلك، استهدف “الحشد الشعبي”، الذي ليس سوى تكتل للميليشيات المذهبية العراقية التابعة لإيران، مقرا للحزب الديمقراطي الكردستاني. لم يكتف “الحشد” بالعبث بالمقر، بل رفع علم “الحشد” عليه. تبدو الرسالة واضحة كلّ الوضوح. ممنوع أن تكون في بغداد قوة مهيمنة غير قوّة “الحشد”، الذي يعتبر الممثل الشرعي لإيران وتجربتها المرتكزة على “الحرس الثوري”، أداة “المرشد” في السيطرة، عبر شركاته وعسكره، على الاقتصاد الإيراني وبالتالي على القرار السياسي.

كلّ الأمور الأخرى في إيران ليست سوى تفاصيل، بما في ذلك الانتخابات التشريعية أو انتخاب رئيس للجمهورية مرّة كلّ أربع سنوات.

لم تكتف إيران بإبداء رغبتها في إخراج الأكراد من بغداد سياسيا، بل أرسلت في الوقت ذاته رسالة واضحة أخرى إلى رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي. فحوى الرسالة أن اتفاق سنجار الذي عقده مع الأكراد غير مقبول إيرانيا، وعندما يتعلّق الأمر بقرارات كبيرة في مستوى اتفاق سنجار بين الحكومة العراقية والقيادة الكردية في أربيل، لا بدّ من العودة إلى طهران.

لم تقتصر الهجمة الإيرانية على الوجود الكردي في بغداد. تعدّت ذلك إلى تهديد مقرات البعثات الدبلوماسية، بما في ذلك السفارة الأميركية، في “المنطقة الخضراء” في العاصمة. أحرج ذلك حكومة مصطفى الكاظمي التي باتت تجد أمامها في كلّ وقت “عناصر غير منضبطة”، تنتمي إلى “الحشد الشعبي” من دون أن تنتمي إليه. هناك مجموعات مسلّحة مستعدة لقصف أهداف أميركية في العراق وذلك بغية تأكيد الحضور الإيراني. أكثر من ذلك، جاءت المجزرة التي وقعت في محافظة صلاح الدين ذات الأكثرية السنّية لتعطي فكرة عن تمدّد “الحشد” في كلّ أنحاء العراق وقدرته على فرض الأمن على طريقته في كلّ محافظة من المحافظات العراقية بغض النظر عن تركيبتها السكانية.
في اليمن، كان تبادل للأسرى بين الحوثيين (أنصار الله) و”الشرعية”، التي على رأسها رئيس انتقالي اسمه عبدربّه منصور هادي، دليلا على وجود كيانين سياسيين في هذا البلد. أحد الكيانين تابع لإيران، يسيطر على صنعاء ومحيطها وعلى الحديدة ومينائها وعلى جزء من تعز، وهو في غاية التماسك. أمّا الكيان الآخر، فهو كيان مضعضع مخترق من الإخوان المسلمين لا مكان له حتّى في عدن التي كان يفترض أن تكون عاصمة مؤقتة لليمن في ظلّ إمساك الحوثيين بصنعاء. فوق ذلك كلّه، أرسلت إيران سفيرا إلى صنعاء يدعى حسن إيرلو. سيقدّم إيرلو، المعروف بأنه من “الحرس الثوري” ومن “فيلق القدس” تحديدا، أوراق اعتماده إلى من يعتبره الحوثيون رئيسا للدولة، أي لمهدي المشّاط بصفة كونه “رئيس المجلس السياسي الأعلى”.

تستخدم إيران العصا في العراق واليمن، فيما تكشف في لبنان وجها آخر يتمثّل في المفاوضات مع إسرائيل. صحيح أنّه لا يمكن الفصل بين ما يجري في لبنان وبين الانهيار الاقتصادي والسياسي الذي يعاني منه البلد، وهو انهيار زاد طينه بلّة بعد تفجير مرفأ بيروت، لكن الصحيح أيضا أنّ قرار الذهاب إلى التفاوض مع إسرائيل لم يكن ممكنا لو لم تدفع إيران في اتجاهه. أظهرت إيران بكلّ بساطة أن “الثنائي الشيعي” في لبنان يستطيع القيام مقام كلّ لبنان، وأنّه الطرف الوحيد القادر على الذهاب إلى مفاوضات مع إسرائيل بغطاء منها وليس من أيّ طرف آخر عربي أو غير عربي.إلى أي حدّ تبدو الحسابات الإيرانية في محلّها؟ قبل كلّ شيء، هل هناك ما يضمن هزيمة دونالد ترامب أمام جو بايدن؟ لم يفقد ترامب نهائيا الأمل في التغلّب على بايدن. هناك سؤال آخر لا يقلّ أهمّية. حتّى لو فاز جو بايدن، هل ستعود أيّام باراك أوباما الذي اعتبر أن الملفّ النووي الإيراني يختزل كلّ مشاكل الشرق الأوسط وأزماته؟

ما يغيب عن إيران في كلّ حساباتها أنّ عالم ما بعد هبوط سعر برميل النفط ووباء كورونا تغيّر وأن الخليج العربي نفسه تغيّر. ما لم يتغيّر هو موقف الكونغرس الأميركي منها ومن العقوبات التي أقرّت في عهد دونالد ترامب. كذلك، لم يتغيّر نفوذ إسرائيل في الكونغرس.

لا شكّ أن لعبة العصا والجزرة التي تمارسها إيران حاليا في غاية الذكاء والدهاء. ما يمكن أن يعطلها ويجعل منها غير ذات فائدة كونها لعبة قديمة في عالم تغيّر. ترفض إيران الاعتراف بأن العراق نفسه تغيّر، بمن في ذلك شيعة العراق الذين تبدّل موقف أكثريتهم منها ومن غطرستها!

arabstoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الخيار الذي حصرت إيران فيه نفسها الخيار الذي حصرت إيران فيه نفسها



GMT 14:04 2021 السبت ,06 شباط / فبراير

ذهبت ولن تعود

GMT 11:55 2021 السبت ,06 شباط / فبراير

من شعر الكميت بن زيد والأعشى

GMT 07:10 2021 السبت ,06 شباط / فبراير

قتلوه... قتلوه... قتلوه لقمان محسن سليم شهيداً

GMT 22:33 2021 الخميس ,04 شباط / فبراير

كيم وكيا، فوردو وديمونا، نافالني وفاونسا؟

أبرز إطلالات شتوية رائعة من وحي هايلي بيبر

واشنطن - العراق اليوم

GMT 09:45 2021 السبت ,20 شباط / فبراير

سياحة إفتراضية على متن مركب شراعي في أسوان

GMT 21:35 2021 الثلاثاء ,05 كانون الثاني / يناير

تطرأ مسؤوليات ملحّة ومهمّة تسلّط الأضواء على مهارتك

GMT 09:48 2017 الجمعة ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

انطلاق موقع مجلة الموروث العراقية الإلكترونية بحلّة جديدة

GMT 01:01 2018 الأربعاء ,20 حزيران / يونيو

نادين نسيب نجيم تقع في الفخ بسبب فيلم"الكرنك"

GMT 05:39 2018 الخميس ,18 كانون الثاني / يناير

سيدتان تكسران ذراع مراهقة آسيوية بدوافع عنصرية في لندن

GMT 14:44 2018 الثلاثاء ,09 كانون الثاني / يناير

الليبي مؤيد اللافي صانع ألعاب أهلي طرابلس ينضم إلى الشباب

GMT 14:00 2014 الأحد ,05 تشرين الأول / أكتوبر

وزارة الصحة الفرنسية تعلن شفاء أول سيدة من المرض

GMT 09:41 2017 الإثنين ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

"Ae Dil Hai Mushkil"على قناة "أم بي. سي" بوليوود

GMT 17:50 2017 الإثنين ,16 تشرين الأول / أكتوبر

القوات العراقية تعلن سيطرتها على مطار كركوك ومنشآت نفطية

GMT 06:35 2017 الإثنين ,16 تشرين الأول / أكتوبر

الدكتور أحمد بن محمد العيسى يدشن برنامج "بوابة المستقبل"

GMT 20:48 2020 الإثنين ,13 كانون الثاني / يناير

الملك سلمان يقدم واجب العزاء في وفاة السلطان قابوس

GMT 04:47 2019 الأربعاء ,02 كانون الثاني / يناير

تعرف على الفرق بين أعراض نزلات البرد وفيروس الانفلونزا

GMT 02:15 2018 الجمعة ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

وفاء عامر تستعدّ لتصوير مجموعة مِن الأعمال التلفزيونية

GMT 01:47 2018 الثلاثاء ,30 تشرين الأول / أكتوبر

600 ناسج في كيرالا الهندية يستعدّون لمهرجان "أونام" للحصاد

GMT 00:24 2018 الثلاثاء ,02 تشرين الأول / أكتوبر

هواوي ستكشف عن هاتفها "Enjoy 9 Plus" الجديد قريبا

GMT 11:41 2018 الأربعاء ,27 حزيران / يونيو

المبعوث الأممي لقضية الصحراء يزور المغرب

GMT 12:44 2018 السبت ,23 حزيران / يونيو

تعرفي على وصفات من المنزل لـ تقوية الأظافر

GMT 21:42 2018 الجمعة ,08 حزيران / يونيو

طريقة لتحسين البويضات وزيادة الإخصاب
 
Iraqtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Iraqtoday Iraqtoday Iraqtoday Iraqtoday
iraqtoday iraqtoday iraqtoday
iraqtoday
Pearl Bldg.4th floor
4931 Pierre Gemayel Chorniche,Achrafieh
Beirut- Lebanon
iraq, iraq, iraq