زيارة السعودية تحدّ آخر للكاظمي

زيارة السعودية.. تحدّ آخر للكاظمي

زيارة السعودية.. تحدّ آخر للكاظمي

 العراق اليوم -

زيارة السعودية تحدّ آخر للكاظمي

خيرالله خيرالله
بقلم : خيرالله خيرالله

لا تزال إيران قويّة في العراق ولا تزال لديها مناطق نفوذ خاصة بها.. ولا تزال قادرة على تحدّي مصطفى الكاظمي على الرغم من أن الجو الشعبي، بما في ذلك الجوّ الشيعي، معاد لها ولما تريد أن تفرضه على العراق.

في الطريق الطويل إلى استعادة العراقيين للعراق تشكّل زيارة مصطفى الكاظمي للمملكة العربيّة السعودية خطوة مهمّة في هذا الاتجاه، خصوصا بعد اختياره أن تكون المملكة البلد الأول الذي يذهب إليه، وذلك منذ تشكيل حكومته منتصف نيسان – أبريل الماضي.

ما يعطي هذه الخطوة أهمّيتها أن السعودية والعراق يسيران للمرّة الأولى نحو إقامة علاقات طبيعية مبنية على المصالح المشتركة بعيدا عن الشعارات والأوهام والكلام الفارغ عن التضامن العربي وما شابه ذلك.

ما يعنيه ذلك أن الزيارة ستسفر عن توقيع اتفاقات ذات طابع اقتصادي مهّدت لها في الماضي زيارات لوفود سعودية للعراق كانت أبرزها في العام 2019 عندما كان عادل عبدالمهدي لا يزال في موقع رئيس الوزراء. لم تؤد تلك الزيارة إلى النتائج المرجوّة، ذلك أن عادل عبدالمهدي كان أسير علاقته الإيرانية أكثر بكثير من مصطفى الكاظمي الذي يحاول، وإن بصعوبة كبيرة، أن يكون مختلفا.

إلى أيّ حدّ سيتمكّن من ذلك؟ هذا هو السؤال الكبير الذي يطرح نفسه في وقت هناك خلفية أخرى للزيارة. تتمثّل هذه الخلفية في المواجهة الأميركية – الإيرانية التي تريد طهران أن يكون الجار العراقي إحدى ساحاتها تلافيا لأي صدام مباشر مع الأميركيين على أرض “الجمهورية الإسلامية”.

تبدو فكرة التقارب السعودي – العراقي مهمّة على غير صعيد، خصوصا في ضوء الاحتلال الأميركي للعراق في العام 2003 تمهيدا لتسليمه على صحن من فضّة إلى إيران. أخلّ ذلك بالتوازن القائم في المنطقة كلّها. أزالت إيران الحدود بينها وبين العراق.

يحاول مصطفى الكاظمي إعادة هذه الحدود إلى ما كانت عليه، أي إلى حدود بين دولتين لكلّ منهما السيادة على أراضيها. من هذا المنطلق تشكّل إعادة الحدود العراقية – الإيرانية إلى حدود بين دولتين سيّدتين أمرا بالغ الأهمّية نظرا إلى أن هذه الحدود ليست مجرّد حدود بين بلدين. هذه الحدود، حسب ما كان يقوله الرئيس الفرنسي فرنسوا ميتران في ثمانينات القرن الماضي، حدود عمرها مئات السنين بين حضارتين كبيرتين (الحضارة العربية والحضارة الفارسية).

كان ميتران يعتبر أن إزالة هذه الحدود سيخلّ بالتوازن الإقليمي كلّه، وهذا ما جعل فرنسا تدعم العراق عسكريا وسياسيا عندما بات العراق مهددا من إيران في السنة الثانية من حرب الخليج الأولى التي استمرّت بين 1980 و1988.

ليس مطلوبا أن يكون الكاظمي معاديا لإيران، وهو يعرف أنّه ليس قادرا على ذلك. العداء لإيران لا يخدم العراق. أكثر من ذلك، لا يستطيع رئيس الوزراء العراقي تغيير الوضع في الداخل العراقي بين ليلة وضحاها.

هناك توازنات لا يمتلك القدرة على تجاهلها. ظهر ذلك واضحا عندما اضطر إلى إطلاق عناصر “كتائب حزب الله” التي اعتقلها الأمن العراقي مع منصتين لإطلاق صواريخ. لم يستسلم التابعون لإيران للكاظمي في أيّ وقت. تحداه قيس الخزعلي الذي يقف على رأس إحدى الميليشيات المذهبية التابعة لإيران مباشرة. نزل متظاهرون من “كتائب حزب الله” إلى أحد شوارع بغداد وداسوا على صور رئيس الوزراء من دون أن يجدوا من يتجرّأ على اعتراضهم.

لا تزال إيران قويّة في العراق ولا تزال لديها مناطق نفوذ خاصة بها.. ولا تزال قادرة على تحدّي مصطفى الكاظمي على الرغم من أن الجو الشعبي، بما في ذلك الجوّ الشيعي، معاد لها ولما تريد أن تفرضه على العراق.

لكنّ ذلك كلّه لا يمنع التفاؤل بأن تحقق زيارته للسعودية نتائج إيجابية، خصوصا أن المدخل الاقتصادي مريح للجانبين في حال استطاع الكاظمي تأمين حدّ أدنى من الاستقرار الأمني في العراق وعلى طول الحدود العراقية – السعودية التي هي نقطة ضعف للبلدين بسبب طولها من جهة وطبيعتها الجغرافية وصعوبة حمايتها أمنيا وعسكريا بشكل فعّال من جهة أخرى.

سيزيد النجاح في إقامة علاقات طبيعية بين العراق والسعودية من التحديات الكثيرة التي تواجه مصطفى الكاظمي الذي تسلّم بلدا مفلسا نهبته الأحزاب المذهبية منذ العام 2003. لا شكّ أن النجاح في إقامة مثل هذه العلاقات الطبيعية سيخدم البلدين. لدى السعودية ما تقدّمه إلى العراق، خصوصا إذا وجد القطاع الخاص فيها مناخا يسمح بالاستثمار فيه في مجالات كثيرة. من بين هذه المجالات المساعدة في تطوير صناعة النفط العراقية.. والزراعة والاتصالات والإعمار. في المقابل، إن العراق الآمن الذي يعيش في ظروف طبيعية، المنفتح غربا وليس شرقا، يمكن أن يساهم في إعادة التوازن الذي فقدته المنطقة بعد العام 2003 والذي تظهر نتائجه الكارثية يوما بعد يوم. مثل هذا العراق الآمن القادر على الحدّ من الفساد سيعيد بعض الأمل إلى العراقيين بأن هناك مستقبلا أفضل لهم ولأبنائهم وأن هناك خيارا آخر أمام العراق، غير أن يكون منطقة نفوذ إيرانية يتحكّم بها “الحشد الشعبي”.

لا يمكن عزل التقارب السعودي – العراقي عن الجهود الأميركية من أجل الربط بين دول مجلس التعاون الخليجي والعراق. هذا ما ظهر من خلال بيان مشترك أميركي – خليجي – عراقي يركّز على ربط كهرباء الخليج بكهرباء العراق بمساعدة أميركية.

في النهاية، ماذا لدى إيران تقدّمه إلى العراق؟ هل هناك نموذج اقتصادي أو سياسي إيراني قابل للتصدير. لدى إيران ميليشيات مذهبية تصدّرها وتعمل على رعايتها في هذا البلد العربي أو ذاك. لا نتيجة لما تفعله إيران سوى نشر البؤس والفقر والجهل والتعصّب المذهبي.. وهذا آخر ما يحتاج إليه العراق.

يحتاج العراق إلى السعودية وتحتاج السعودية إلى العراق. المهمّ أن يكون العراق مهيّأً للمرحلة الجديدة في وقت ليس فيه ما يشير إلى أن المواجهة بين مصطفى الكاظمي والميليشيات الموالية لإيران ستكون سهلة، خصوصا بعدما أظهرت هذه الميليشيات أنيابها واغتالت أخيرا الباحث هشام الهاشمي الذي ينتمي إلى الحلقة الضيّقة المحيطة برئيس الوزراء. اغتيل الهاشمي بدم بارد في بغداد، في منطقة يفترض أن تكون آمنة. لم يظهر إلى الآن أن الأمن العراقي قادر على الذهاب بعيدا في كشف الجناة والقبض عليهم، أو أقلّه تسميتهم.

تبقى الطريق أمام استعادة العراقيين للعراق طويلة. ليس نجاح مصطُفى الكاظمي في ذلك مضمونا، لكنّ الواضح أن عليه أن يحاول في ظلّ ظروف عربية وأميركية يمكن أن تساعده في ذلك.

arabstoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

زيارة السعودية تحدّ آخر للكاظمي زيارة السعودية تحدّ آخر للكاظمي



GMT 14:04 2021 السبت ,06 شباط / فبراير

ذهبت ولن تعود

GMT 11:55 2021 السبت ,06 شباط / فبراير

من شعر الكميت بن زيد والأعشى

GMT 07:10 2021 السبت ,06 شباط / فبراير

قتلوه... قتلوه... قتلوه لقمان محسن سليم شهيداً

GMT 22:33 2021 الخميس ,04 شباط / فبراير

كيم وكيا، فوردو وديمونا، نافالني وفاونسا؟

أبرز إطلالات شتوية رائعة من وحي هايلي بيبر

واشنطن - العراق اليوم

GMT 01:01 2018 السبت ,18 آب / أغسطس

تعرف على موعد طرح Oppo F9 Pro

GMT 17:03 2017 الثلاثاء ,12 كانون الأول / ديسمبر

الحب أساس الاحتياجات الأسرية

GMT 03:46 2015 الأحد ,13 كانون الأول / ديسمبر

إيناس النجار تكشف عن تفاصيل أعمالها الفنية المقبلة

GMT 03:44 2016 الأحد ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

الفنانة إيمي آدامز تتألق في فستان أسود طويل وأنيق

GMT 15:20 2017 الجمعة ,02 حزيران / يونيو

بَدء عروض مسرحية "زواج سعيد" في الأردن

GMT 02:35 2017 الثلاثاء ,31 كانون الثاني / يناير

فندق فرنسي يتيح قضاء ليلة تحت النجوم بدون خيمة

GMT 10:04 2018 الأحد ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

دراسة تكشف فائدة جديدة لخلط حليب الثدي مع لعاب الرضيع

GMT 18:11 2018 الأربعاء ,31 تشرين الأول / أكتوبر

عادل الأعصر يقترب من انتهاء تصوير فيلم "خلي بالك من اللي جاي"

GMT 15:32 2018 الأربعاء ,03 تشرين الأول / أكتوبر

5 خطوات للحصول على رموش جميلة وكثيفة

GMT 18:32 2018 الجمعة ,19 كانون الثاني / يناير

الفنان هاني سلامة يستكمل تصوير مسلسل " فوق السحاب"

GMT 12:41 2018 الأربعاء ,03 كانون الثاني / يناير

سعر الدينار الكويتي مقابل ليرة سورية الأربعاء

GMT 23:59 2017 الجمعة ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

سعر الريال السعودي مقابل الدينار العراقي الجمعة
 
Iraqtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Iraqtoday Iraqtoday Iraqtoday Iraqtoday
iraqtoday iraqtoday iraqtoday
iraqtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
iraq, iraq, iraq