حزب الله يجرؤ حيث لا يجرؤ الآخرون

"حزب الله" يجرؤ حيث لا يجرؤ الآخرون

"حزب الله" يجرؤ حيث لا يجرؤ الآخرون

 العراق اليوم -

حزب الله يجرؤ حيث لا يجرؤ الآخرون

خيرالله خيرالله
بقلم : خيرالله خيرالله

حزب الله أظهر بالملموس أنّه الطرف اللبناني الوحيد القادر على اتخاذ قرار كبير في حجم ترسيم الحدود البحرية مع إسرائيل من دون أن يوجد من يقول كلمة أو إبداء أي ملاحظة على ما فعله.

هناك احتمالان لا ثالث لهما. إمّا أن “حزب الله”، أي إيران، غطّى الرئيس نبيه برّي، رئيس مجلس النوّاب اللبناني لدى إعلانه عن إطار للتفاوض بين لبنان وإسرائيل في شأن ترسيم الحدود… أم لا؟

من يعرف ولو قليل القليل في السياسة اللبنانية والوضع اللبناني، لا يمكن أن يرى سوى غطاء لنبيه برّي وفّره الحزب. يمكن القول أيضا إن “حزب الله” كان في حاجة بدوره إلى غطاء نبيه برّي ليس بصفته الشخصية الشيعية الأبرز في السلطة فحسب، بل بصفته مؤسس عملية الانتقال إلى الشيعية السياسية أيضا في السادس من شباط – فبراير 1984، وهي انتفاضة على عهد الرئيس أمين الجميّل غيرت عمليا وجه العاصمة اللبنانية، خصوصا المنطقة الغربية فيها.

ليس لدى الحزب، الذي ليس سوى لواء في “الحرس الثوري” الإيراني، في هذه الأيّام من هدف غير تأكيد أن القرار في لبنان صار قراره. إنّه يتجرّأ حيث لا يتجرّأ الآخرون. يمكن فقط تخيّل ردّ فعل الحزب وتوابعه لو كانت حكومة فيها أكثرية تنتمي إلى التيّار السيادي في لبنان مهّدت لمفاوضات تتعلّق بترسيم الحدود مع إسرائيل…

تشكلّ “أمل” مع “حزب الله” ما يسمّى “الثنائي الشيعي” الذي يصرّ على احتكار التمثيل الشيعي على كل المستويات. يستخدم “حزب الله” هذا “الثنائي” لتبرير تصرفاته بطريقة تظهر أن أي مسّ بها هو مس بالشيعة في لبنان، علما أن الطائفة تضمّ الكثير من الكفاءات التي ترفض أن تكون مجرّد أدوات لإيران. هذه تبدو المعطيات القريبة من الحقيقة التي يمكن أن تساعد في فهم الإعلان عن دخول لبنان وإسرائيل مفاوضات ترسيم الحدود بإشراف أميركي وتحت علم الأمم المتحدة.

يمكن اختزال هذه المعطيات بإعلان “حزب الله” بالفم الملآن لكلّ من يعنيه الأمر أن لبنان انتقل نهائيا إلى الشيعية السياسية بامتدادها الإيراني وليس العربي واللبناني. أظهر بالملموس أنّه الطرف اللبناني الوحيد القادر على اتخاذ قرار كبير في حجم ترسيم الحدود البحرية مع إسرائيل من دون أن يوجد من يقول كلمة أو إبداء أي ملاحظة على ما فعله.

هل ذلك يكفي كي يقدّم الحزب أوراق اعتماده إلى “الشيطان الأكبر” الأميركي ويصبح مقبولا وضع يده على البلد؟

كان لافتا في كلام الرئيس نبيه برّي الإصرار على الربط بين ترسيم الحدود البحرية وترسيم الحدود البرّية. هذا الربط موجود، وإنْ بخجل، وقد تحدّث عنه وزير الخارجية الأميركي بومبيو في الفقرة الأخيرة من البيان الذي أصدره في مناسبة الإعلان عن الاتفاق على إطار المفاوضات اللبنانية – الإسرائيلية. الثابت أن التركيز سيكون على الحدود البحرية، وذلك من أجل تمكين لبنان من الاستفادة من الغاز الموجود في بلوك 9 الذي يفترض أن يتقاسمه لبنان مع إسرائيل.

دخل لبنان مع تمهيد الرئيس برّي لمفاوضات مع إسرائيل، مرحلة جديدة. ما الذي تعنيه هذه المرحلة التي يصلح فيها طرح عدد كبير من الأسئلة من نوع لماذا اختار لبنان دخول مفاوضات من هذا النوع في هذا الوقت بالذات، أي بعدما أصبح بلدا مفلسا على كلّ صعيد؟ إنّها تعني قبل كلّ شيء أن ميزان القوى الداخلي تغيّر نهائيا ولو على حساب البلد واقتصاده ومؤسساته.
كان ممنوعا في الماضي على لبنان، لأسباب سوريّة، الإقدام على أيّ خطوة في أي اتجاه كان من أجل ترتيب وضع الجنوب. لم يكن مسموحا حتّى للجيش بأي وجود في الجنوب. تغيّرت الأمور بعد صدور القرار 1701 الذي أنهى حرب صيف العام 2006، وهي حرب لم يكن الهدف منها سوى استكمال سيطرة “حزب الله” على البلد، وهي سيطرة توّجت بانتخاب مرشّح الحزب رئيسا للجمهورية في 31 تشرين الأوّل – أكتوبر 2016.

في جانب من قرار “حزب الله” القاضي بالسماح للبنان بفتح باب المفاوضات مع إسرائيل، دفن للمبادرة الفرنسية التي حملها الرئيس إيمانويل ماكرون. أكّد الأمين العام لـ”حزب الله” حسن نصرالله في خطابه الأخير أن هذه المبادرة انتهت نظرا إلى أنّها لا تتضمن مشاركة للحزب في الحكومة الجديدة التي كان مفترضا أن يشكّلها مصطفى أديب. سيجعل نصرالله من مشاركة الحزب في أيّ حكومة جديدة ضمانة لاستكمال المفاوضات في شأن ترسيم الحدود مع إسرائيل.

تبيّن أخيرا بكل وضوح أن سلاح “حزب الله” لم يكن في يوم من الأيّام سوى سلاح موجّه إلى الداخل اللبناني. لو لم يكن الأمر كذلك، لما كان هذا السلاح قد بقي حيّا يرزق بعد انسحاب إسرائيل من الجنوب في أيّار – مايو 2000. ما بدأ بأخذ الطائفة الشيعية رهينة لدى إيران بعد تغيير طبيعة المجتمع الشيعي، تحوّل إلى أخذ لبنان كلّه رهينة والاستيلاء على قراره السياسي بما يخدم “الجمهورية الإسلامية”، في وقت تراهن فيه طهران على حلول جو بايدن مكان دونالد ترامب في البيت الأبيض.

ما بدأ، أيضا، برحلة من أجل الصلاة في القدس انتهى برحلة اسمها مفاوضات من أجل تقاسم الغاز الموجود في بلوك رقم 9 مع إسرائيل. إلى أيّ حد تبدو حسابات إيران في لبنان دقيقة… أم أن الهدف الإيراني شراء الوقت وتجنيب “حزب الله” ضربات إسرائيلية في وقت تبدو تهديدات بيبي نتنياهو جدّية، خصوصا بعد إشارته إلى تخزين صواريخ في منطقة الجناح الملاصقة لبيروت والقريبة من الضاحية الجنوبية، تحديدا؟

كشف التمهيد الذي قام به رئيس مجلس النواب للمفاوضات مع إسرائيل أنها أمر في غاية الجدّية. الدليل أنّه تحدّث عن إسرائيل وليس عن “الكيان الصهيوني” أو “الاحتلال” أو ما شابه ذلك. الأهمّ من ذلك كلّه، هل تكافئ الإدارة الأميركية “حزب الله” بما هو ملموس، أي بالامتناع عن فرض عقوبات جديدة على مرتبطين به وعلى شخصيات ومؤسسات إيرانية؟

في النهاية، لم يكن الوصول إلى تقارب مع فرنسا هدفا إيرانيا في أيّ يوم من الأيّام. كان البحث دائما عن صفقة مع “الشيطان الأكبر”. وحده الوقت سيقول ما إذا كان الهدف من وراء التفاوض في ترسيم الحدود بين لبنان وإسرائيل خطوة في هذا الاتجاه أم أنّه مجرد خطوة على طريق تأكيد أن عهد الشيعية السياسية تكرّس في لبنان حتّى لو كان ذلك على بقايا هيكل عظمي هو كلّ ما بقي من جمهورية لم تعد تشبه سوى رئيس الجمهورية!

arabstoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

حزب الله يجرؤ حيث لا يجرؤ الآخرون حزب الله يجرؤ حيث لا يجرؤ الآخرون



GMT 14:04 2021 السبت ,06 شباط / فبراير

ذهبت ولن تعود

GMT 11:55 2021 السبت ,06 شباط / فبراير

من شعر الكميت بن زيد والأعشى

GMT 07:10 2021 السبت ,06 شباط / فبراير

قتلوه... قتلوه... قتلوه لقمان محسن سليم شهيداً

GMT 22:33 2021 الخميس ,04 شباط / فبراير

كيم وكيا، فوردو وديمونا، نافالني وفاونسا؟

أبرز إطلالات شتوية رائعة من وحي هايلي بيبر

واشنطن - العراق اليوم

GMT 21:12 2020 الثلاثاء ,05 أيار / مايو

تنسيقات كاجوال من رانيا شهاب

GMT 07:29 2018 الإثنين ,29 كانون الثاني / يناير

دراسة تكشف أن ألعاب الأطفال فيها مواد خطيرة

GMT 23:20 2018 الأحد ,28 كانون الثاني / يناير

سعر الريال السعودي مقابل دولار أمريكي الاثنين

GMT 05:48 2017 الأربعاء ,27 كانون الأول / ديسمبر

5 رحلات سياحية لا ينبغي عليك تفويتها العام المقبل

GMT 09:28 2017 الجمعة ,08 كانون الأول / ديسمبر

شاكيرا تنفي انفصالها عن جيرارد بيكيه بطريقتها الخاصة

GMT 18:51 2017 الخميس ,07 كانون الأول / ديسمبر

منتخب سيدات تونس يتلقى الهزيمة الرابعة في مونديال اليد

GMT 05:38 2014 الإثنين ,22 كانون الأول / ديسمبر

طبيب سعودي ينجح في زراعة سماعة من نوع "باها"

GMT 02:57 2017 الأربعاء ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

لبنى عسل تؤكد أن برنامجها الجديد على "أون لايف " سيكون مفاجأة

GMT 05:11 2017 الثلاثاء ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

تعرفي على طرق الوقاية من "الصدفية" فى الشتاء

GMT 06:34 2017 الأحد ,15 تشرين الأول / أكتوبر

زوزو نبيل التي لا يعرفها أحد

GMT 08:13 2016 الأربعاء ,06 كانون الثاني / يناير

عسير تودع فراشة الإعلام أم كلثوم عن 42 عامًا

GMT 00:57 2017 الأربعاء ,19 إبريل / نيسان

سهير رمزي تؤكد أنها فوجئت بدورها في "قصر العشاق"

GMT 16:36 2014 السبت ,01 آذار/ مارس

اللفت يساعد في علاج الحساسية

GMT 11:20 2015 الأربعاء ,08 إبريل / نيسان

حمام أمونة الدمشقي يجمع بين التراث والحداثة

GMT 03:42 2017 الثلاثاء ,28 شباط / فبراير

ريهام حجاج حبيبة عمرو سعد في "وضع أمني"
 
Iraqtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Iraqtoday Iraqtoday Iraqtoday Iraqtoday
iraqtoday iraqtoday iraqtoday
iraqtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
iraq, iraq, iraq