دولة مجوّفة

دولة مجوّفة !

دولة مجوّفة !

 العراق اليوم -

دولة مجوّفة

بقلم - حسن البطل

أرى أن السلطة ستُحْسِن صُنعاً إن «طنّشت»، بعض الوقت، على ملخص من صفحتين عن بنود «الصفقة» نسبتها صحيفة «إسرائيل اليوم» منسوبة إلى دوائر في وزارة الخارجية الإسرائيلية.
لماذا؟ أولاً: وزارة الخارجية هذه يتولّاها، بالوكالة، رئيس الحكومة الحالية، بنيامين نتنياهو. ثانياً: «إسرائيل اليوم» هي لسان حال نتنياهو. ثالثاً: التسريب حصل في فترة مهلة أخيرة لتشكيل حكومة نتنياهو الخامسة.
ليس دقيقاً أن أركان «الصفقة» هم ثلاثة ورابعهم مساعد كوشنير، لأن نتنياهو هو خامسهم، وسبق له أن وضع شروطاً لقبول «الصفقة»، أهمها إلحاق المستوطنات بالكتل الاستيطانية تحت سيادة إسرائيل، وأن لا يتم استثناء المستوطنات خارج الكتل، ولا المستوطنين فيها. علماً أن شركاءه المحتملين في حكومته الجديدة يشترطون عليه مثل هذا الشرط، بينما جاء في بند «إخلاء الأرض» ربط المستوطنات المعزولة بالكتل في بند «القدس» جاء أنها لن تقسّم، ولكن سيصبح سكانها الفلسطينيون سكاناً في دولة تسمى «فلسطين الجديدة»، وسيبقى وضع الأماكن المقدسة كما هو حالياً.
في بند «غور الأردن» سيظل في حوزة إسرائيل، لكن شارع الغور (90) أو شارع غاندي، سيكون على مسارين: إسرائيلي وفلسطيني.
إذا وافق شركاء «الليكود» من أقصى اليمين على هذه الشروط لدخول حكومته الخامسة، فهذا يعني أن التسريب الإسرائيلي، منسوباً للخارجية الإسرائيلية التي يتولّاها نتنياهو، ومنشوراً في صحيفته يلبي شروطه لقبول «الصفقة»، وإلاّ فإنه سيشكل حكومته مع حزب «أزرق ـ أبيض»، التي ستكون حكومة «وحدة وطنية» عريضة جداً.
لا يوجد هناك «تبادلات جغرافية»، ولا حق عودة فلسطيني إلى ما يدعى «فلسطين الجديدة»، والتسريبات الأميركية تتحدث عن توطين اللاجئين حيث هم، أو استيعابهم في دول أجنبية.
المشروع يتحدث عن «فلسطين الجديدة» بما يذكرنا بثيودور هرتسل وكتابه عن فلسطين: أرض قديمة ـ جديدة، في بداية المشروع الصهيوني لإقامة دولة يهودية في فلسطين.
بين «حل الدولتين» و»حل الدولة الواحدة» ستقام هناك دولة فلسطينية مجوّفة، يتم إقامتها عبر اتفاق ثلاثي بين إسرائيل ومنظمة التحرير و»حماس»، والطريف في الأمر ليس أنها ستكون منزوعة السلاح، حتى في قطاع غزة، بل أن اسرائيل ستتولى حمايتها، على أن تدفع «فلسطين الجديدة» ثمن الحماية عن طريق الدول العربية.
في مقابل ضمّ إسرائيل للكتل وربط المستوطنات المعزولة بالكتل، ستنال «فلسطين الجديدة» خلال خمس سنوات مبلغ 30 مليار دولار، تدفع دول الخليج 70% منها، وفي غضون السنوات الخمس المقدرة سيتم إنشاء مطار وميناء لـ «فلسطين الجديدة» وخلالها يستخدم رعايا الدولة المجوّفة مطارات وموانئ إسرائيل، لأن الحدود ستكون مفتوحة للمواطنين والبضائع.
سيكون هناك دولة مجوّفة تسمى «فلسطين الجديدة»، أو عملياً فلسطين الإسرائيلية، لأن إلغاء اسم فلسطين غير ممكن، بعدما صارت حقيقة سياسية عالمية، ولكن لن تصبح حقيقة سيادية.
تستطيع السلطة الفلسطينية أن تعطل مشروع «الصفقة» إن أصرّت على أن تستوعب إسرائيل من اللاجئين الفلسطينيين عدداً يماثل عدد المستوطنين اليهود في «فلسطين الجديدة»، وأن يحق لها منح جنسيتها لأي لاجئ فلسطيني خارج حدود الدولة المجوّفة.
إذا رفضت السلطة هذا المشروع لن تنال أي دعم مالي أميركي أو غير أميركي، وإذا رفضت «حماس» فان المشروع سيؤيد إسرائيل في مواجهاتها العسكرية مع «حماس»، بما في ذلك تصفية قادتها، وإذا رفضت إسرائيل سيتوقف الدعم الاقتصادي لها. 
يبدو أن نشر صحيفة مقربة من نتنياهو موجزاً أو «درافت» للبنود الرئيسية يعني أن «الليكود» يميل إلى قبولها إمّا عبر حكومة يمينية أو عبر حكومة وحدة وطنية، وفق تكتيك لنوافق نحن وليرفض الفلسطينيون نيابة عنا.
على السلطة الفلسطينية أن تنتظر نشر النسخة الموسّعة والكاملة بعد شهر، وأن تشترط قبول إسرائيل لعودة عدد من اللاجئين يساوي عدد المستوطنين، وهو شرط سترفضه إسرائيل، أو تشترط رعايتها وجنسيتها لأي لاجئ خارج فلسطين في العودة إليها.. وإلاّ إلغاء حق العودة اليهودي إلى إسرائيل!
إذا لم تستطع السلطة فرض التبادلات الجغرافية المتكافئة، فعليها الإصرار على إلغاء المستوطنات خارج الجدار، ووقف توسعها، أو تخيير المستوطنين فيها الخضوع لسيادة «فلسطين الجديدة»، وهو أمر سترفضه إسرائيل.
يبدو أن الرفض الفلسطيني المبدئي لـ «الصفقة» منذ إعلان أولى خطواتها أثمر في إدخال تعديلات عليها، ولكنها تبقى منحازة لإسرائيل.
السلطة الفلسطينية، وكذا حركة «حماس» أشادتا بدعم إمارة قطر المالي، بينما الرأي العام الفلسطيني يعارض سياسة الإمارة في شقيها العربي والفلسطيني، ويعتبر الدعم القطري الجديد، مع التسريب الإسرائيلي لـ «الصفقة»، بمثابة تمهيد عربي لها، علماً أن معظمها قروض، والمنحة تبلغ 50 مليون دولار، والقروض على مدى عام بمبلغ 25 مليون دولار شهرياً، ومبلغ 180 مليون دولار من إجمالي الـ 480 مليوناً مساعدة إلى غزة عبر مؤسسة قطر الخيرية.
«الصفقة» تضع الفلسطينيين بين خياري: الاستسلام أو الانتحار.. وفي غضون شهر أخير قبل إعلانها هناك خيار الانتظار قليلاً لقول «لا» أو قول «لعم» مشروطة بما يفشلها.
مفاوضات «الدخول» إلى دولة فلسطينية ذات سيادة، أصعب من مفاوضات الخروج من بيروت 1982!

 

arabstoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

دولة مجوّفة دولة مجوّفة



GMT 14:27 2019 الجمعة ,21 حزيران / يونيو

وفاة الحلم الياباني لدى إيران

GMT 14:24 2019 الجمعة ,21 حزيران / يونيو

المواجهة الأميركية مع إيران (١)

GMT 05:35 2019 الخميس ,20 حزيران / يونيو

موسكو في "ورطة" بين "حليفين"

GMT 05:32 2019 الخميس ,20 حزيران / يونيو

(رحيل محمد مرسي)

GMT 05:28 2019 الخميس ,20 حزيران / يونيو

ضرب ناقلات النفط لن يغلق مضيق هرمز

أبرز إطلالات شتوية رائعة من وحي هايلي بيبر

واشنطن - العراق اليوم

GMT 09:45 2021 السبت ,20 شباط / فبراير

سياحة إفتراضية على متن مركب شراعي في أسوان

GMT 13:01 2021 الأربعاء ,17 شباط / فبراير

دراسة تكشف فوائد وسلبيات حمية البيض لفقدان الوزن

GMT 11:48 2018 الخميس ,20 كانون الأول / ديسمبر

"فولكس فاغن" تطلق جيلاً جديداً من سيارات "Atlas" الكروس

GMT 03:27 2018 الخميس ,06 كانون الأول / ديسمبر

ترامب يُربك الأسواق بإشارات عن الصين

GMT 15:28 2018 الثلاثاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

الفنان حسن الرداد يقرر عدم العمل مع زوجته خلال رمضان المقبل

GMT 01:46 2018 السبت ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

فولكس فاغن تعتزم تحويل مصنعين لإنتاج سيارات كهربائية

GMT 13:51 2018 الثلاثاء ,02 تشرين الأول / أكتوبر

تونى ماهر يكشف كواليس تصوير "فوق السحاب" في "الرديو بيضحك"

GMT 03:27 2018 الأربعاء ,12 أيلول / سبتمبر

طرق الحفاظ على نضارة الشعر بعد ممارسة الرياضة

GMT 01:24 2018 الإثنين ,03 أيلول / سبتمبر

ايفانكا ترامب تتفادى عدسات المصورين في سيارتها

GMT 03:53 2018 الجمعة ,27 تموز / يوليو

جددي ديكور حوائط منزلك بهذه الأفكار المميزة

GMT 06:55 2018 السبت ,05 أيار / مايو

عشر ماحيات للذنوب.. بإذن الله

GMT 00:27 2017 الخميس ,28 كانون الأول / ديسمبر

طارق السيد يؤكد أن "الزمالك" لن يفوز بالدوري

GMT 18:49 2017 الثلاثاء ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

مشوار شادية من ميلاد "معبودة الجماهير" وحتى اعتزالها عام 1984

GMT 03:50 2017 الثلاثاء ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

الفنانة ليلى علوي تشارك عادل إمام في مسلسل "عوالم خفية"
 
Iraqtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Iraqtoday Iraqtoday Iraqtoday Iraqtoday
iraqtoday iraqtoday iraqtoday
iraqtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
iraq, iraq, iraq