ض

ض

ض

 العراق اليوم -

ض

بقلم -حسن البطل

كان لي ثلاثة أصدقاء في جامعة دمشق. معي يتحدثون العربية، وفيما بينهم يتحدثون بالسريانية. أحدهم وأذكاهم طالب في كلية الآداب واللغة العربية. جاؤوا إلى الشام من إحدى قرى معلولا المسيحية، ولعلّها «حفّير تحتا» أو «حفّير فوقا» هم مسلمون ويتحدثون اللغتين العربية والسريانية.

في قسم اللغة العربية، يحاضر أساتذة عن اللغات السامية، خصوصاً الآرامية/ السريانية الكلاسيكية، فيما صديقي النبيه ينطق باللهجة المحكية، كما هو حال العربية الفصحى والعامية حالياً.. يناقش المحاضر!
بينما الأكراد يتحدثون فيما بينهم جميعاً بلغتهم الهندو ـ أوروبية، ومع العرب يتحدث بعضهم بلغة الضاد، فإن سريان سورية يتحدثون جميعاً باللغتين الساميتين: العربية والسريانية/ الآرامية، التي تحدث بها السيد المسيح.

وحدها سورية من بين البلاد العربية تحمل اسمها السرياني، بالعربية وباللغات الأخرى، فيما مصر هي/ بغير العربية، إيجبت (الأقباط) البعض يكتبها «سوريّة» والآخر «سوريا»، لكن رئيس سورية، زمن انفصالها عن مصر، أصدر مرسوماً بنطق آخر هو «سورَية»، لكن كان يحلو لرئيس الأركان السوري السابق (شيوعي) هو عفيف البزري، أن يتلاعب باللفظ: «سوريّا ـ روسيّا» تقديم حرف على آخر!
معلولا الجميلة بتلالها وطرز بيوتها، هي محجّة طلاب الفنون الجميلة. «موديل طبيعي» إلى جانب بداية دراستهم حول «موديل بشري».

نالت معلولا المسيحية نصيبها من الخراب والدمار، وانخفض عديد سكانها من 8 آلاف قبل العام 2011 إلى ألف فقط حالياً، ما أثار قلق علماء اللغات القديمة إلى خطر انقراض السريانية في مهد مهدها السوري.

في الأساطير أن رجلاً خرافياً، هو «قدموس» نقل الأبجدية من أوغاريت (رأس شمرا) إلى لغات العالم القديم، لكن في غير الأساطير والخرافات، فإن اللغات الساميّة ذات أرومة/ شجرة واحدة/ والنقاش يدور حول اللغة/ الجذع. هل السريانية/ الآرامية، أم العربية، علماً أن لهجة قريش نزل بها القرآن الكريم، وصارت هي العربية الكلاسيكية الفصحى، وبها كُتبت المعلّقات (بحروف غير منقوطة).. وبماء الذهب.

يدّعي البعض أن العربية هي الأصل/ الجذع في اللغات الساميّة، ربما عن خلط بين ما يشير إليه المؤرخون القدماء إلى «العرب ـ العربي» وبين اللغة العربية (امبراطور روماني سرياني الأصل كان يلقّب بـ «فيليب العربي، كما حال الامبراطور القرطاجي سفيروس الملقّب بـ «العربي»).

نحن نلفظ الاسم «نيقولا» والإغريق يلفظونه «نيكّوس». نحن نقول «جمهورية» وغيرنا بلغاته يقولها «ريبابليك»، والإغريق يقولون عن هذا وذاك «ذيموكراتيّا» وهو الاسم الأصلي لكتاب أفلاطون، واسم قبرص هو: «كيبرياكي ذيموكراتيّا» أي الجمهورية القبرصية بينما القرآن هو ذات القرآن، وشعر المعلّقات هو الشعر القديم، لكن كتاب أفلاطون «الجمهورية ـ الديمقراطية» يُترجم إلى الإغريقية الحديثة، والإنكليزية الحديثة، ثانية لغات العالم في عدد مفرداتها الـ600 ألف، لا تمتّ بصلة كبيرة إلى لغة شكسبير. «عندي» أو «أحب».. وفي العربية «ضرب زيد عمْراً».

يُقال إن السريانية ذات مفردات من 2 مليون كلمة، بينما العربية مفرداتها 12 مليون وثلاثمائة ونيّف، فكم هو عدد مفردات القرآن الكريم، في مقابل مفردات العربية الحديثة واشتقاقاتها؟ شكراً لمن ترجم «ديموكراتيّا» إلى «الجمهورية» ومنها اشتقاقات توليدية عديدة.

مع ذلك، فإن مفردات طفل إنكليزي في الرابعة أكثر تعدداً من مفردات طفل عربي في مثل سنه. لا بدّ أن الـ12 مليون مفردة عربية تتضمن مفردات العاميّات العربية، وأخرى مفردات دالة على «الأسد» مثلاً. هكذا صارت مفردات العربية كأنها أشجار غابة الأمازون مثلاً.

ثمة بحوث ألسنية تشير إلى أن السريانية/ الآرامية سبقت العربية، ودخل كثير من مفرداتها في لغة القرآن الكريم. يُقال إن عمر بن الخطاب سُئل عن معنى كلمة «فاكهةً وأبّا» فقال: الفاكهة نعلم وتعلمون أمّا «أبّا» فعلمها عند الله تعالى، لكنها في السريانية تعني «الفاكهة الناضجة».. «قطوفها دانية»!
خلص باحث سعودي إلى أن 85% من لغة القرآن ذات أصول سريانية/ آرامية، واستنتج خالد درويش أن عبارة «بسم الله الرحمن الرحيم» ذات أصول سريانية. قبل الإسلام ذكر شعراء جاهليون عن لفظة «الله»، بينما لفظة «الرحمن الرحيم» ذات جذر سرياني. الدليل الساطع على أن «الرحيم» تعني بالعربية محبّة الله هو الآية 31 من سورة (آل عمران): «قل إن كنتم تُحبُّون الله فاتّبعوني يُحبِبْكُم الله ويغفر لكم ذنوبكم والله غفورٌ رحيم». الرحمن (بدون ألف) تعني بالسريانية «رحوم» والرحيم تعني «محب» أو «ودود».

السريانية/ الآرامية هي جذع العربية وليس العكس، لكن «معجزة» اللسان العربي تحدث عنها واحد من فطاحل لغة/ لهجة قريش: «يتحدثون بلساننا في غير لغتنا». العربية هي لغة الضاد، لكن اللسان العربي قادر على نطق كافة الحروف في اللغات الأخرى، المفقودة في لغة الضاد!

فرج فودة
في 8 حزيران 1992 اغتيل المفكر المصري فرج فودة، وله كتاب «اللغات المحكية أو المكتوبة»، لكن يُقال إن كتابه «الحقيقة الغائبة» هو سبب الاغتيال، بيدي متطرف إسلاموي. مهدي عامل (حسن عبد الله حمدان) المسلم الشيعي اللبناني اغتيل في 18 أيار 1987 في بيروت.

لماذا؟ لمّا صار المفكّرون العلمانيون ـ التنويريون يكتبون نقداً للتاريخ والتراث والديانات، تعرّضوا للاغتيال، كما كان مصير من سبقهم في زمن سبق.. الحلاّج مثال واحد فقط.

هناك من يقول: «الإسلام دين ودنيا»، أو «دين ودولة»، والتنويريون يقولون بفصل الدين عن السياسة، لا عن الدنيا ولا عن الدولة.. فما رأيكم بمن يدّعي أن العربية لغة أهل الجنة!
«هي الأمور كما رأيتها دولٌ...» إلخ! اللغات كمان!

arabstoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

ض ض



GMT 14:27 2019 الجمعة ,21 حزيران / يونيو

وفاة الحلم الياباني لدى إيران

GMT 14:24 2019 الجمعة ,21 حزيران / يونيو

المواجهة الأميركية مع إيران (١)

GMT 05:35 2019 الخميس ,20 حزيران / يونيو

موسكو في "ورطة" بين "حليفين"

GMT 05:32 2019 الخميس ,20 حزيران / يونيو

(رحيل محمد مرسي)

GMT 05:28 2019 الخميس ,20 حزيران / يونيو

ضرب ناقلات النفط لن يغلق مضيق هرمز

أبرز إطلالات شتوية رائعة من وحي هايلي بيبر

واشنطن - العراق اليوم

GMT 01:07 2017 الخميس ,19 كانون الثاني / يناير

شاهدي أجمل فساتين السهرة لعام 2017 بتوقيع زهير مراد

GMT 07:16 2017 الإثنين ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

جزر المالديف وجهة استوائية لقضاء شهر عسل رومانسي وممتع

GMT 18:20 2017 الثلاثاء ,17 تشرين الأول / أكتوبر

عمرو موسى ضيف برنامج "يحدث في مصر" على "MBC مصر" الثلاثاء

GMT 06:36 2017 الخميس ,21 أيلول / سبتمبر

الفنانة لوسي تعلن أنها راقصة مصر الأولى

GMT 18:25 2017 الإثنين ,17 إبريل / نيسان

أعشاب البردقوش لعلاج العديد من الامراض

GMT 12:33 2017 الثلاثاء ,05 أيلول / سبتمبر

أحاديث العيد التي لا تنتهي

GMT 13:39 2015 الجمعة ,11 أيلول / سبتمبر

زاك إيفرون يحتفل بمرور سنة على علاقته بحبيبته

GMT 21:14 2014 الأربعاء ,01 تشرين الأول / أكتوبر

4 أفكار لغرفة طعام عصرية
 
Iraqtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Iraqtoday Iraqtoday Iraqtoday Iraqtoday
iraqtoday iraqtoday iraqtoday
iraqtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
iraq, iraq, iraq