«ماما» المستشارة

«ماما» المستشارة ؟

«ماما» المستشارة ؟

 العراق اليوم -

«ماما» المستشارة

حسن البطل
بقلم : حسن البطل

سيدخل العالم عامه الجديد 2021 مع غيابين مختلفين: دونالد ترامب الفاشل في الفوز بولاية رئاسية ثانية، والمستشارة الألمانية أنجيلا ميركل التي تستقيل بعد أربع ولايات ناجحة.

الفاشل الأميركي قال عن أول مستشارة ألمانية تحكم بلادها إنها «عار» في سياستها، لكن وصفتها مجلة «التايم» كأقوى امرأة في العالم، ومن أوصافها أنها «سيّدة أوروبا» و»السيّدة الحديد». أما لدى الألمان فهي (MUTTI) أي «ماما».

على جنازير دبابات «البانزر» احتلّ «الكابورال النمساوي» أدولف هتلر معظم أوروبا، لكن مؤسس «الرايخ الثالث» تحت راية الصليب المعقوف وطائرات «شتوكا»، انتهى حكمه برفع العلم السوفياتي على مقر البرلمان (الرايخستاغ)، وتدمير رمز برلين، بوابة براندنبورغ، بعد حرب عالمية ثانية كبّدت أوروبا أكثر من 50 مليون ضحية.

«الأم» المولودة العام 1954 في شرق ألمانيا الفقير، انتخبت العام 2005 كأول مستشارة لألمانيا، قادمة من دكتوراة في الفيزياء والكيمياء، بعد أن انضمت للحزب الديمقراطي المسيحي (CDT) العام 1989، وصارت وزيرة للشباب والرياضة.

في منصبها كمستشارة اجتازت الانتخابات لأربع ولايات، جعلت فيها اقتصاد بلادها الرابع عالمياً، بعد أميركا والصين واليابان.

بدلاً من الرايخ الثالث الهتلري ـ النازي، احتلّت ألمانيا أوروبا اقتصادياً، بما يشبه الرايخ الرابع، لكن ليس بقوة المارك الألماني القوي، بل بقوة جديدة لـ «يورو» الاتحاد الأوروبي، الذي بدأ أواخر خمسينيات القرن المنصرم بشراكة ألمانية ـ فرنسية في اتحاد الحديد والصلب، وصار اتحاداً يضمّ 28 دولة، خرجت منه بريطانيا بصيغة «بريكست»، وكان خروجها شاقاً، كما كان حال انضمامها المتأخر إلى الاتحاد الأوروبي، دون التخلي عن الإسترليني، كما تخلّت ألمانيا عن المارك، وفرنسا عن الفرنك، ودول الاتحاد عن عملاتها الوطنية.

الأزمة الاقتصادية العالمية العام 2008 كادت تطيح بعماد الاقتصاد الأوروبي، أي عملة «اليورو» الموحَّدة، لولا أن ألمانيا تلقت دعماً فرنسياً، لانتشال دول الاتحاد حسب شروط ألمانية قاسية انصاعت لها اليونان وإيطاليا وإسبانيا.

سياسة «ماما» المستشارة، إزاء «الباب المفتوح» لاستيعاب الهجرة أدت إلى خلاف داخل الاتحاد الأوروبي، وأيضاً وأولاً إلى خلاف داخل حزب المستشارة، التي تخلّت عن رئاسة حزبها (CDT)، ولاحقاً أعلنت أنها لن تترشح لولاية أخرى كمستشارة لألمانيا في العام 2021.

الخلاف داخل حزبها على سياستها، والخلاف داخل الاتحاد الأوروبي على سياسة استيعاب الهجرة، ليس خلافاً على مزايا «ماما» المستشارة الشخصية، فهي متواضعة وبعيدة عن كل شائبة فساد، لكنها حازمة و»حديدية» في سياستها الاقتصادية والاجتماعية، مثل فرض حد أدنى للأجور 8 يورو للساعة، وإعطاء إجازة طويلة ومأجورة للأزواج بعد الولادة، سواء كانوا نساءً أو رجالاً، هذا رغم أنها، بعد زواجين، لا أولاد لها، ولكنها «الماما» لألمانيا!

خلال حكمها لم تشارك بلادها في أي حرب شاركت بها بريطانيا أو فرنسا، وإلى ذلك أنهت نظام الخدمة العسكرية الإجبارية، وقلّصت حجم الجيش إلى 160 ألف جندي متطوّع، والأهمّ هو سياستها البيئية بعد كارثة تشرنوبل النووية، حيث أغلقت معظم المفاعلات النووية، وتعهّدت بأن تجعل ألمانيا تكتفي بطاقات بديلة العام 2050 تعتمد على الرياح والأنهار والخلايا الشمسية.. هذا حلم حركة «السلام الأخضر».

هناك امرأة أخرى لقّبت بالسيدة الحديد، هي رئيسة وزراء بريطانيا مرغريت ثاتشر التقليدية والمحافظة، لكنها لم تصبح «سيدة أوروبا» مثل «ماما أنجيلا»، ولا أقوى امرأة في العالم.

ليس لدوافع إنسانية انتهجت المستشارة ميركل سياسة «الباب المفتوح» لاستيعاب الهجرة، بل لأسباب اقتصادية، أي حاجتها لأيدٍ عاملة، لأن معظم دول أوروبا مهددة بشيخوخة شعوبها ومجتمعاتها، كما هو حال اليابان مثلاً، وحتى روسيا، أيضاً.

بعد تخلّيها عن رئاسة حزبها انتخب الحزب لرئاسته امرأة أخرى، لكن الحزب بعد تخلّي رئيسته عن المستشارية قد لا يفوز بالانتخاب، لأن الحزب المنافس يرفع شعارات شعبوية، كما هو حال بريطانيا وإيطاليا وإسبانيا، وبالذات أميركا الترامبية والبرازيل.. وحتى فرنسا إلى حدٍّ ما.

هذه موجة يمينية يقودها في إسرائيل حزب الليكود برئاسة نتنياهو، حليف الترامبية الأول في العالم.

لكن سياسة «ماما ميركل» الاقتصادية تجعل من الصعب على شعبوية ألمانية أن تتحدّى منجزاتها، التي جعلت ألمانيا «تحتلّ» أوروبا اقتصادياً.

arabstoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

«ماما» المستشارة «ماما» المستشارة



GMT 14:04 2021 السبت ,06 شباط / فبراير

ذهبت ولن تعود

GMT 11:55 2021 السبت ,06 شباط / فبراير

من شعر الكميت بن زيد والأعشى

GMT 07:10 2021 السبت ,06 شباط / فبراير

قتلوه... قتلوه... قتلوه لقمان محسن سليم شهيداً

GMT 22:33 2021 الخميس ,04 شباط / فبراير

كيم وكيا، فوردو وديمونا، نافالني وفاونسا؟

أبرز إطلالات شتوية رائعة من وحي هايلي بيبر

واشنطن - العراق اليوم

GMT 15:42 2018 الأربعاء ,10 كانون الثاني / يناير

تعرف على مواصفات هيونداي Nexo FCV

GMT 03:17 2015 الثلاثاء ,02 حزيران / يونيو

أسد يفترس سائحة أميركية في جنوب إفريقيا

GMT 03:54 2017 السبت ,21 كانون الثاني / يناير

الأميرة ديانا تؤكد أنها كانت "معزولة للغاية"

GMT 23:28 2018 الخميس ,20 أيلول / سبتمبر

ارتفاع نفط عمان 57 سنتاً ليبلغ 16ر78 دولاراً

GMT 05:59 2018 الثلاثاء ,07 آب / أغسطس

"أودي" تطلق أفخم سياراتها الكروس أوفر

GMT 18:51 2018 الأربعاء ,27 حزيران / يونيو

تعديلات جديدة تطرأ على سيارة بنتلي Bentayga

GMT 02:11 2017 الإثنين ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

مسحوق "الواي بروتين" يتسبب في ظهور حبّ الشباب

GMT 00:24 2017 الثلاثاء ,31 تشرين الأول / أكتوبر

كريم فهمي يستقرّ على مسلسل "لآخر نفس" رمضان 2018

GMT 06:39 2017 الثلاثاء ,10 تشرين الأول / أكتوبر

الفستان المطبوع بالأزهار نجم الموضة خلال فصل الشتاء

GMT 00:13 2017 الإثنين ,05 حزيران / يونيو

محمد رمضان بزي الصاعقة في حفل افطار القوات الخاصة

GMT 14:50 2017 الجمعة ,14 تموز / يوليو

"القسوة" و"التساهل" في نظام المدارس الخاصة
 
Iraqtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Iraqtoday Iraqtoday Iraqtoday Iraqtoday
iraqtoday iraqtoday iraqtoday
iraqtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
iraq, iraq, iraq