مدارس؛ المناهج واللا ـ منهاجية

مدارس؛ المناهج واللا ـ منهاجية!

مدارس؛ المناهج واللا ـ منهاجية!

 العراق اليوم -

مدارس؛ المناهج واللا ـ منهاجية

حسن البطل
بقلم : حسن البطل

الفتى مهدي، ابن جاري، تلميذ صف عاشر في إحدى مدارس البطريركية اللاتينية ـ رام الله. والده شطف ونظّف دلواً فارغاً من بقايا طراشة بيضاء، وبالمدأب كما يسمى في سورية، أو «الدريل» كما يسمى هنا، أحدث بالدلو ثقوباً، وأعدّه لمشروع اقترحه ابنه، وكلّفه به معلّمه بإعداده نموذجاً مقترحاً لتربة عضوية.

لا أعرف من التلميذ مهدي عن مقترحات معلّمه لمشاريع زملائه في هذا الضرب من النشاطات اللا ـ منهاجية في صفه المدرسي. هذا وقت جائحة الكورونا، والتعليم عن بُعد، وأتناقش مع صديقي رحيم من قرية بدرس، معلّم اللغة الإنكليزية، عن جدوى التعليم عن بُعد، لا عن النشاطات اللا ـ منهاجية، وأعاني كمواطن من «عجقة» سير وأزمات المرور، وقت خروج تلاميذ مدارس وسط المدينة.

أحياناً، أنزل إلى مطابع «الأيام» وأتصفّح طباعة الكتب المدرسية الحكومية، كيف هي الآن، وكيف كانت لما كنت تلميذ مدرسة، وكانت مدرستي الابتدائية في دوما السورية تسمى «مدرسة سيف الدولة»، وكان معلّم اللغة العربية الفلسطيني، أديب نحوي من ترشيحا، هو معلم الزراعة، وتعلمنا كيف نعمل «مسكبة» وكيف نصنع «قلماً»، وكيف نضع حفنة صغيرة من السماد على مبعدة مناسبة من شتلة البازيلاء مثلاً، أو البندورة والخس والفول.

حصل أن زرت كوخ صديقي الفنان الراحل، سمير سلامة في ريف فرنسي، مرة في الشتاء 2008 ومرّة في الصيف 2009، ومنه تعلّمت أفضل الخلطات لإعداد تربة عضوية لمساكب الخضار في حاكورته.

قلت إنني كنت تلميذاً في مدرسة ابتدائية ريفية في دوما، وفي تلك القرية كان فلاحوها يُعدُّون أكواماً مخروطية الشكل للسماد البلدي العضوي، هو مزيج من كناسة زواريب القرية، وفضلات سوق الخضار فيها، وأيضاً روث الآبار الامتصاصية.. ثم يغطونها بالتراب شهوراً، ريثما تختمر مكوناتها وتقضي على طفيلات الخلطة. في أول الخريف، قبل المطر، يفلشونها على تربة الحقول. هذا في زمن كانت فيه مخلّفات كناسة زواريب القرية تخلو من فوارغ أكياس وقوارير البلاستيك (اللدائن). كانت دوما قرية وصارت مدينة.

في إحدى «خربشاته» اليومية، تعرض الناقد عادل الأسطة إلى ظاهرة ضعف عادة قراءة التلاميذ لكتب هي خارج المنهاج المدرسي، وانصرافهم إلى وسائل التواصل الاجتماعي الإلكترونية، وكسواه قال عن «أمة اقرأ التي لا تقرأ».

في مدرستي الثانوية كان في كل صف ما يشبه صندوق مكتبة هي مجموع روايات وكتب يشتريها التلاميذ، وتضاف إلى المكتبة الصفية، ويتداولها تلاميذ الصف بالاستعارة، ومن ثم وفي نهاية العام الدراسي كنا نقرأ 40 ــ 50 رواية من المكتبة!

قرأت على جدار في رام الله ـ التحتا عبارة شهيرة، ولكن هكذا «فتح مرّة من هنا»، فتذكرت أن تلاميذ المدارس الابتدائية السورية كانوا يكتبون وظائف درس «الإنشاء» أو التعبير بلغة سليمة فصحى «أو فصيحة»، وينالون من معلّم الصف علامة عشرة على عشرة أو أقل، حسب الأغلاط الإملائية.. والآن، مليون ونصف تلميذ بلا مدارس، ومدرسة من ثلاث دمّرت!

زرت، بعد عودتي الأوسلوية، مدرسة واحدة هي مدرسة ذكور بيرزيت الأساسية، وقعدت على مقاعد الصف الخامس، وشاركت في تصويت على جوائز مشاريع لا ـ منهاجية.

قرأت احتجاجاً على تصنيف مدارسنا بين «ذكور» و»إناث» واقتراح تصنيفها، كما في سورية، بين «بنين» و»بنات».

عمارة بيتي، في رام الله ـ التحتا، ذات موقع فريد بين ثلاث مدارس هي شرقاً ثانوية عزيز شاهين الحكومية للبنات، الأكثر شهرة بين مدارس البنات الثانوية في المدينة، وإلى جانبها حضانة أهلية للأطفال دون سن بدء الدراسة النظامية، وفي المقلب الآخر الغربي مدرسة ذكور متوسطة لـ»الأونروا»، وكثير من أولاد أصدقائي تلاميذ في مدارس خاصة، كما هو حال الفتى مهدي، الذي عليه أن يقدم للمعلمة امتحان صنع تربة عضوية.

 

مجزرة خربة عينون؟

بين يوم ويوم، يطلق جنود الاحتلال النار القاتلة ويسقط شاب آخر وآخر.. ولكن يوم الخميس 28 الشهر الفائت استحقت مجزرة شجرية الخبر الرئيس في جريدة «الأيام».

خربة عينون من أعمال محافظة طوباس، وكانت الضحية 10 آلاف شجرة حرجية و300 شجرة زيتون، على قطعة أرض مساحتها 400 دونم، هي ضمن مشروع «تخضير فلسطين» المدعوم من القنصلية البرازيلية، لتكون محمية طبيعية. أوروبا ستدين وتحتج.

شاركت في عملية تصحير البقعة 50 آلية عسكرية، لم تكتف بالإبادة الشجرية، بل حقنت الأرض بمبيدات كيماوية لمنع إعادة التشجير!

هذه جريمة حرب بيئية، ولكنها ضمن سياسة منهاجية يمارسها الاحتلال ضد الشجر والبشر وحجارة البيوت الفلسطينية، قبل أوسلو وبعدها خاصة.. وأحياناً كثيرة يقلعون شتلات الأشجار من حقولنا.. ويزرعونها في مستوطناتهم.

arabstoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

مدارس؛ المناهج واللا ـ منهاجية مدارس؛ المناهج واللا ـ منهاجية



GMT 14:04 2021 السبت ,06 شباط / فبراير

ذهبت ولن تعود

GMT 11:55 2021 السبت ,06 شباط / فبراير

من شعر الكميت بن زيد والأعشى

GMT 07:10 2021 السبت ,06 شباط / فبراير

قتلوه... قتلوه... قتلوه لقمان محسن سليم شهيداً

GMT 22:33 2021 الخميس ,04 شباط / فبراير

كيم وكيا، فوردو وديمونا، نافالني وفاونسا؟

أبرز إطلالات شتوية رائعة من وحي هايلي بيبر

واشنطن - العراق اليوم

GMT 05:09 2017 الأربعاء ,28 حزيران / يونيو

بدء عرض مسلسل "حديث الصباح والمساء" على "أون دراما"

GMT 04:02 2015 الأربعاء ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

"تسلا" تكشف عن خطأ في حزام الأمان في سيارتها "S"

GMT 10:04 2019 السبت ,26 كانون الثاني / يناير

دراسة تؤكّد أن مرتدي النظارات أصحاب مستوى ذكاء مرتفع

GMT 17:04 2018 الجمعة ,07 كانون الأول / ديسمبر

محمود وحيد يكشف عن سعادته بالانضمام إلى الأهلي

GMT 19:56 2018 الجمعة ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

تعرفي على خطوات تنظيف الجدران من الأتربة المتراكمة بسهولة

GMT 10:09 2018 الإثنين ,23 تموز / يوليو

"العرب اليوم" ينفي شائعات وفاة الفنانة فيروز

GMT 00:19 2018 الأربعاء ,10 كانون الثاني / يناير

فيلم "عقدة الخواجة" يحقّق إيرادات مليون جنيه خلال 48 ساعة

GMT 11:57 2018 الأحد ,07 كانون الثاني / يناير

عبد الحفيظ يكشف عن حقائق تعاقدات الأهلي الجديدة
 
Iraqtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Iraqtoday Iraqtoday Iraqtoday Iraqtoday
iraqtoday iraqtoday iraqtoday
iraqtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
iraq, iraq, iraq