«الطاحونة مسكّرة  فيها مية معكّرة»

«الطاحونة مسكّرة ... فيها مية معكّرة»

«الطاحونة مسكّرة ... فيها مية معكّرة»

 العراق اليوم -

«الطاحونة مسكّرة  فيها مية معكّرة»

بقلم - عريب الرنتاوي

هل تذكرون هذه «الأنشودة»، وهل رددتموها صغاراً كما كنا نفعل في الأزقة والحواري الضيقة:
«نط الشيخ ع ظهر الحيط ...والحيطة بدها سلّم... والسلّم عند النجار... والنجار بدو مسمار ...والمسمار عند الحداد... والحداد بدو بيضة... والبيضة عند الجاجة... والجاجة بدها قمحة... والقمحة بالطاحونة... والطاحونة مسكّرة... فيها مية معكرة».
هل تذكركم هذه «الأنشودة» بـ»مقطوعة» أخرى تتردد على مسامعنا منذ أزيد من عشرين عاماً:
«الأردن بدو إصلاح ... والإصلاح بدو نواب ... والنواب بدهم قانون انتخاب ... والقانون بدو أحزاب ... والأحزاب مسكّرة ... برامجها معكّرة».
هل تذكرون معي أحجية أيهما أولاً: الدجاجة أم البيضة التي كنا نتذاكى بتبادلها في سني مبكرة من أعمارنا؟
تداهمني قصص الطفولة وأغنياتها، وأنا أتابع الجدل الذي لا ينقطع حول أولوية الإصلاح وسؤال بمَ نبدأ ... استرجعها كلما قرأت موقفاً أو تصريحاً، يشف عن حيرة في البحث عن مخرج من «الحلقة المغلقة» التي ندور داخلها منذ سنوات، من دون أن تلوح في الأفق بوادر وعي أو إرادة لكسرها والخروج من شرنقتها.
حسناً أيها السادة:
لقد أعطيتم «الإصلاح الاقتصادي» مكانة الأولية على جدول أعمالنا طيلة السنوات الطويلة الماضية، ووضعتم محاربة الفساد والفقر والبطالة وانخفاض معدلات النمو في صدارة أولياتنا، فماذا تحقق وماذا كانت النتيجة؟ ... الأرقام بمعنييها النسبي والمطلق، لم تش بالتقدم المنشود والنجاح المأمول، وها أنتم تعترفون بأن النجاح لم يكن حليفنا، وها هي الأصوات الناقدة والناقمة، ترتفع في الحراكات وعلى صفحات التواصل وفي المجالس والمناسبات، فماذا أنتم فاعلون؟
قلتم نريد إصلاحاً سياسياً، وزعمتم أنكم لم تتركوا باباً إلا وطرقتموه، للوصول إلى برلمان قائم على التعددية السياسية والحزبية، وكتل نيابية قائمة على البرامج والرؤى وليس على العلاقات الشخصية أو الزبائنية أو «نظرية شيّلني بشيّلك» ... فما الذي تحقق حتى الآن ... تتزايد دعواتنا للأحزاب لتقوية مكانتها فإذا بها تزداد ضعفاً ... ونطالب الكتل البرلمانية بالتقدم برؤى وبرامج، وأحياناً التحول إلى «أنوية» أحزاب سياسية، فإذا بالتجربة تراوح محلها، والكتل تبقى على حالها.
تهربون من سؤال الإصلاح السياسي إلى «إصلاح المدرسة والمناهج» والدعوة لثورة قيم وأخلاق تبدأ في الأسرة ولا تنتهي في الجامعة، فماذا كانت النتيجة كذلك ... جامعاتنا تتحول إلى ملاعب للصراع الاجتماعي المؤسف، وطلبتنا يتتبعون بفارغ الصبر نشرة الأحوال الجوية، علّهم يحظون بيوم عطلة إضافي ... ثم من قال إن مسارات الإصلاح متعاقبة وليست متلازمة ومتزامنة؟ ... وهل يمنعكم إصلاح المدرسة والجامعة و»تخليق» الأسرة من العمل على مسار إصلاحي سياسي نحن بأمس الحاجة إليه، وهي مواصلة الإصلاح الاقتصادي وفق روئ اجتماعية جديدة؟
على أية حال، إن شئتم الإصلاح والتعددية الحزبية والبرلمان القائم عليها، فالطريق إلى ذلك واضحة المعالم، ولسنا بحاجة لاختراع العجلة أو اكتشاف النار من جديد ... وليس علينا سوى أن نفعل ما فعله الناس في الجوار القريب والبعيد، ونقطة البدء بحكومة مختصرة من سياسيين، تشرف على حوار وطني ملزم، وانتخابات مبكرة لبرلمان قائم على التعددية السياسية والحزبية، وحكومات برلمانية منبثقة عن تيار الأغلبية، وحملة ضد الفساد تعيد للأردنيين ثقتهم بمؤسسات دولتهم وللعملية السياسية الجارية في بلدهم، فهل أنتم فاعلون؟

 

arabstoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

«الطاحونة مسكّرة  فيها مية معكّرة» «الطاحونة مسكّرة  فيها مية معكّرة»



GMT 14:27 2019 الجمعة ,21 حزيران / يونيو

وفاة الحلم الياباني لدى إيران

GMT 14:24 2019 الجمعة ,21 حزيران / يونيو

المواجهة الأميركية مع إيران (١)

GMT 05:35 2019 الخميس ,20 حزيران / يونيو

موسكو في "ورطة" بين "حليفين"

GMT 05:32 2019 الخميس ,20 حزيران / يونيو

(رحيل محمد مرسي)

GMT 05:28 2019 الخميس ,20 حزيران / يونيو

ضرب ناقلات النفط لن يغلق مضيق هرمز

أبرز إطلالات شتوية رائعة من وحي هايلي بيبر

واشنطن - العراق اليوم

GMT 09:57 2016 الخميس ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

جان بربور يحصل على إمتياز الاستعانة بمنى موصلي في توب شيف

GMT 02:36 2018 السبت ,14 إبريل / نيسان

قمر تنفي شائعات عودتها للمطرب اللبناني آدم

GMT 05:39 2018 الثلاثاء ,13 شباط / فبراير

أرقى الوجهات في تايلاند حيث المغامرة بلا حدود

GMT 20:17 2016 الخميس ,13 تشرين الأول / أكتوبر

فوائد لاستخدام العشب الصناعي في حديقة منزلك

GMT 00:41 2017 الأربعاء ,21 حزيران / يونيو

الكشف عن أغرب المخلوقات البحرية على وجه الأرض

GMT 07:58 2019 الإثنين ,04 آذار/ مارس

طرح ألبوم الشرنوبي الأول "زي الفصول الأربعة"

GMT 10:15 2018 السبت ,14 تموز / يوليو

حورية فرغلي تقضي إجازتها في تونس

GMT 20:52 2018 السبت ,07 تموز / يوليو

7 مفاهيم أساسية في التدريس لابد أن تعرفها

GMT 04:25 2018 الجمعة ,06 تموز / يوليو

أمير الكويت يزور الصين السبت المقبل

GMT 00:55 2018 الثلاثاء ,19 حزيران / يونيو

العثور على لوحة في غنت بعد 84 سنة من سرقتها

GMT 10:40 2018 الإثنين ,18 حزيران / يونيو

محمد صلاح يسعى للحاق بلقاء مصر أمام منتخب روسيا
 
Iraqtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Iraqtoday Iraqtoday Iraqtoday Iraqtoday
iraqtoday iraqtoday iraqtoday
iraqtoday
Pearl Bldg.4th floor
4931 Pierre Gemayel Chorniche,Achrafieh
Beirut- Lebanon
iraq, iraq, iraq