في وداع «الإطفائي الأخير»

في وداع «الإطفائي الأخير»

في وداع «الإطفائي الأخير»

 العراق اليوم -

في وداع «الإطفائي الأخير»

عريب الرنتاوي
بقلم : عريب الرنتاوي

لم تساورنا الشكوك حيال المكانة الخاصة التي تمتع بها أمير دولة الكويت في أوساط شعبه والأمة العربية، بل وعلى الساحة الدولية، بيد أن ردود الأفعال على رحيله في السياسة والإعلام، وحالة الحزن والأسف التي عبرت عنها ملايين «البوستات» و»التغريدات» التي ضجّت بها وسائل التواصل الاجتماعي، كان بمثابة استفتاء على دور الرجل ومكانته الممتدة على مسافة أزيد من ستة عقود في حياته...لم يبق كثيرون من صنف هؤلاء القادة العرب على أية حال .

لست أدعي معرفة أو صداقة بالراحل الكبير، فقد التقيته مرة واحدة في حياتي، وعندما كان وزيراً لخارجية بلاده، ومن ضمن وفد إعلامي أردني مُصغّر، كان الأول الذي تتاح له فرصة زيارة الكويت بعد تحريرها، وأظن أن زملاء لي يستذكرون حوارات ساخنة وعتابات لا تنتهي خصنا غمارها مع زملاء ومسؤولين في الدولة الشقيقة، لكن اللقاء مع الشيخ صباح كان مختلفاً، حميمياً وأخوياً، لم يتوقف عند الماضي ولم يقلب في صفحات سوء الفهم والتفاهم، بل استحضر كل ما هو مشرق في علاقات الأخوة بين الأردن والكويت، متطلعاً دائماً للمستقبل وآفاقه المفتوحة.
مذ أن وعيت على العمل السياسي والعام واسم الشيخ صباح يتردد على مسامعي: تارة وسيطاً من المنظمة والأردن، وثانية بين اللبنانيين في حربهم الأهلية، وثالثة بين سوريا والمنظمة، ورابعة بين «الإخوة اليمنيين الأعداء» وخامسة وسادسة...لم تشتعل بؤرة توتر في منطقتنا إلا وهرع «رجل المطافي» من دون تباطؤٍ أو استئذان، عارضاً وساطته وباذلاً مساعيه الحميدة...وكان الوسيط والراعي الكويتي يلقى الترحيب على الدوام، فمهما تعددت أطراف الصراع وتصادمت أجنداتهم، إلا أنهم يعرفون تمام المعرفة، أن الكويت بلد «بلا أجندة توسعية»، بلا مطمع ولا مطمح، وأنها تعطي بدل أن تأخذ.
سفراء الكويت في دول الأزمات المفتوحة، والذي عملوا بمعية وزير خارجيتهم المخضرم، اكتسبوا بعضاً من صفاته، فكانوا موضع ترحيب، وبعضهم تحول إلى «سوبر ستارز» في الدول التي عملوا بها، لفرط حضورهم في المحافل السياسية وعلى خطوط التماس، ولفرط نشاطهم المبدد للاحتقانات والتوترات...لقد أصيبت هذه الدبلوماسية في مقتل بعد الغزو العراقي للكويت، ولكن الشيخ الوزير نجح في وضعها على سكة التعافي، قبل أن يعود الشيخ الأمير، لوضعها على سكة الاستنهاض مجدداً.
يكفيه أن من آخر مآثره، أنه فتح بلاده للوساطات بين الإخوة اليمنيين المتحاربين، وكل يمني «مطرحاً» له في الكويت...يكفي أن الوساطة لحل «الأزمة الخليجية» ارتبطت باسم الكويت وأميرها، ولولا الإسهام الشخصي للراحل الكبير، لكنا وكان الخليج اليوم، في مكان آخر، مختلف تماماً.
أما فلسطين والفلسطينيون، فقد كان لهم نصيب الأسد من «الرعاية» الكويتية، يكفي أن الكويت تصدرت الصفوف العربية المناهضة للتطبيع، تكفي المواقف المشرفة للكويت أميراً وحكومة ومجلساً نيابياً ورأيا عاماً أنها قالت «لا» مدوية للتطبيع برغم الضغوط والإغراءات...وأحسب أن العلاقات الفلسطينية – الكويتية، كما العلاقات الأردنية الكويتية، ما كان لها أن تتخطى انقسامات العامين 1990-1991 وتصفي ذيولها، وتعود إلى ما كانت عليه (وأفضل) لولا سعة صدر وأفق الراحل الكبير، لولا حكمته وتبصره، لولا التزامه العميق بقضايا شعبه وأمته بل وبقضايا الإنسانية جمعاء.
ما أحوجنا في زمن الرعونة والخفة والمغامرة، لحكمة رجل بوزن الشيخ صباح...ما أحوجنا في زمن الخذلان والتخلي لدور الراحل «الذي لا يخلع صاحبه»...رحيل الشيخ صباح الأحمد خسارة كبيرة في أي وقت، بيد أن رحيله في هذا المنعطف بالذات، هو خسارة جسيمة مضاعفة.

arabstoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

في وداع «الإطفائي الأخير» في وداع «الإطفائي الأخير»



GMT 14:04 2021 السبت ,06 شباط / فبراير

ذهبت ولن تعود

GMT 11:55 2021 السبت ,06 شباط / فبراير

من شعر الكميت بن زيد والأعشى

GMT 07:10 2021 السبت ,06 شباط / فبراير

قتلوه... قتلوه... قتلوه لقمان محسن سليم شهيداً

GMT 22:33 2021 الخميس ,04 شباط / فبراير

كيم وكيا، فوردو وديمونا، نافالني وفاونسا؟

أبرز إطلالات شتوية رائعة من وحي هايلي بيبر

واشنطن - العراق اليوم

GMT 21:41 2021 الثلاثاء ,05 كانون الثاني / يناير

يحالفك الحظ في الايام الأولى من الشهر

GMT 21:48 2021 الثلاثاء ,05 كانون الثاني / يناير

لا تتردّد في التعبير عن رأيك الصريح مهما يكن الثمن

GMT 14:06 2018 السبت ,20 كانون الثاني / يناير

دانيكا باتريك تبحث عن سيارة لدايتونا وإنديانابوليس 500

GMT 13:15 2018 الجمعة ,27 تموز / يوليو

وفاة الفنانة هياتم عن عمر يناهز 69 عامًا

GMT 08:03 2018 الإثنين ,16 تموز / يوليو

نجوى فؤاد تطمئن جمهور الفنانة هياتم على صحتها

GMT 07:14 2017 السبت ,16 كانون الأول / ديسمبر

"ديلي ميل" تستكشف أكثر الأماكن كآبة في اسكتلندا

GMT 17:01 2017 الجمعة ,08 كانون الأول / ديسمبر

نص كلمة مصر النارية أمام مجلس الأمن من أجل القدس

GMT 02:35 2017 الثلاثاء ,24 تشرين الأول / أكتوبر

مريم سامي تُؤكِّد أنّ الهند أحد أكثر دول العالم جاذبية

GMT 02:12 2017 الأحد ,17 أيلول / سبتمبر

أهمية تناول الشمندر بعد التمارين الرياضية

GMT 08:10 2015 الإثنين ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

أمطار على محافظة البدع في منطقة تبوك

GMT 05:11 2017 الأربعاء ,17 أيار / مايو

شركة "دايماك" تكشف عن أسرع سيارة سباق في العالم
 
Iraqtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Iraqtoday Iraqtoday Iraqtoday Iraqtoday
iraqtoday iraqtoday iraqtoday
iraqtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
iraq, iraq, iraq