اليوم «آيا صوفيا» وغداً «الأقصى»

اليوم «آيا صوفيا» وغداً «الأقصى»

اليوم «آيا صوفيا» وغداً «الأقصى»

 العراق اليوم -

اليوم «آيا صوفيا» وغداً «الأقصى»

عريب الرنتاوي
بقلم : عريب الرنتاوي

منذ أن بدأت أعقل ما يقال، وأنا استمع لشعارات من هذا النوع: «اليوم شط العرب وغداً فلسطين»، «اليوم إدلب وغداً القدس» «طريق القدس تمر بعمان، ولاحقاً بجونية»...لم أسمع يوماً العبارة ذاتها «معكوسةً: كأن يقال: «اليوم فلسطين أو القدس، وغداً أي مكان آخر في العالم»...فلسطين دائما متروكة ومرجأة للغد، «يومها» لا يأتي البتة، و»الغد» الذي طالما وعدنا به، لا تُشرق شمسه أبداً.

لم يفعل أردوغان في خطابه «الانتصاري» على «آيا صوفيا»، وفي تغريداته المختلفة باختلاف لغتها والجمهور المستهدف بها، سوى ما فعله كثيرٌ من القادة الاستبداديين العرب، جميعهم أعطى «غمازاً» لليسار وانجرف لليمين...جميعهم وعدونا بـ»غدٍ» مختلف، وجميعهم نكثوا بوعودهم قبل أن يجف حبرها.

دائماً كانت تدهشني ردود أفعال جمهورنا البسيط، وأهلنا الطيبين، فما أن يخرج علينا ديكتاتور أفّاق، بتصريحاته النارية ووعوده الكاذبة، حتى يُستقبل بموجات الهتاف والتصفيق، ومن كل حدب وصوب...دائماً ما كانوا يلدغون من جحر الأكاذيب والأراجيف ذاته، مع أنهم، وهم المؤمنون، لدغوا من هذا الجحر مرات ومرات، وليس مرتين فحسب.

بلغت السذاجة ببعضنا، ومنهم «كبار» محسوبين على تيارات عقائدية وزانة، أن أخذوا على محمل الجد حكاية «اليوم آيا صوفيا» وغداً «الأقصى»، مع أن كل ما كان ينقصهم هو قضاء بضعة دقائق رفقة «العم غوغل» ليروا أن تجارة صاحب هذا الشعار مع إسرائيل تفوق إجمالي «تجارات» كل من يهاجمونهم من القادة والحكام العرب «المهرولين»، وأن ميناء حيفا المحتل، والذي هو جزء من «أرض الوقف»، مدين للسلطنة العثمانية الجديدة، بالجزء الأكبر من حركته وعائداته، وأن صوراً للسلطان، مع كل زعيم وقاتل من إسرائيل، تكاد تملأ الأرض والفضاء، في أنقرة والقدس (وليس تل أبيب)، كما في متحف الكارثة والبطولة.

يبدو أن ثمة تطبيع جيّد من وجهة نظر هؤلاء، وتطبيع قبيح...تطبيع شرعي مقبول، أو يمكن صرف النظر عنه على أقل تقدير، وتطبيع مُحرّم ومُجرّم، لا يجوز الصمت عليه أبداً، حتى وإن كان على مستوى استيراد صناديق من المانجا أو الفراولة.... مخجلٌ هذا الازدواج البالغ حد الانفصام.

المؤسف حقاً، أن من يَعِد بـ «الأقصى غداً»، لديه أولويات أخرى، يصفق لها بعض السذّج والمُستلبين: «إدلب» و»طرابلس الغرب»، وربما «تعز» في اليمن و»طرابلس الشمال» في لبنان، ولا ندري ما الذي سيستجد على لائحة أولوياته، إن طال به المقام في «قصره الأبيض»، بيد أننا على يقين أن «الأقصى» لا يخطر له ببال، إلا حين تشتد حاجة صناديق الاقتراع إليه.

لم يخطر ببال هؤلاء السؤال عن الأثر الذي يمكن أن تحدثه خطوة كهذه، على «شهيّة» إسرائيل المفتوحة على «الأقصى، و”بأي عين” سيقاوم «السلطان» خططها لتهويد المسجد و»أسرلته»، وأي حلفاء سيحشدهم عندما تحين معركة «تحرير الأقصى»، «غداً بالطبع»، وهو الذي نجح في استفزاز العالم واستنفاره بقراره تحويل «آيا صوفيا» إلى مقر انتخابي في حملته الرئاسية القادمة.

وساءني أن بعض المحتفين بـ»تحرير آيا صوفيا»، إنما فعلوا ذلك نكاية بالعهد الأتاتوركي الموغل بعلمانيته الشرسة والاقصائية، أو ببعض المطبعين العرب المتهافتين، مدرجين المسألة في سياق ديني محض، مع أن الزائر للمدن السياحية التركية، بما فيها عاصمة الخلافة، لا بد تصدمه وفرة النوادي والعلب الليلية، أما الزائر لجزيرة قبرص، فلا بد يلاحظ أن صالات القمار وكازينوهاته، تفوق في أعدادها و»عراقتها»، أعداد المدارس والمشافي في شطرها الشمالي، في حين أن «الكازينو» الوحيد في الشطر الجنوبي، «الكافر»، ما زال قيد الانشاء.

arabstoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

اليوم «آيا صوفيا» وغداً «الأقصى» اليوم «آيا صوفيا» وغداً «الأقصى»



GMT 14:04 2021 السبت ,06 شباط / فبراير

ذهبت ولن تعود

GMT 11:55 2021 السبت ,06 شباط / فبراير

من شعر الكميت بن زيد والأعشى

GMT 07:10 2021 السبت ,06 شباط / فبراير

قتلوه... قتلوه... قتلوه لقمان محسن سليم شهيداً

GMT 22:33 2021 الخميس ,04 شباط / فبراير

كيم وكيا، فوردو وديمونا، نافالني وفاونسا؟

أبرز إطلالات شتوية رائعة من وحي هايلي بيبر

واشنطن - العراق اليوم

GMT 01:07 2018 الإثنين ,13 آب / أغسطس

بوسي تكشف أسرارًا جديدة في حياة نور الشريف

GMT 04:38 2018 الأربعاء ,29 آب / أغسطس

مجموعة من أفضل العطور الجذابة للرجال

GMT 01:01 2018 الثلاثاء ,31 تموز / يوليو

ملك بدوي تؤكد أنها سعيدة بمشاركتها في "الطوفان"

GMT 15:28 2018 الإثنين ,29 كانون الثاني / يناير

تعرف على سعر اليورو مقابل الدينار العراقي الإثنين

GMT 00:35 2017 السبت ,09 كانون الأول / ديسمبر

ريهام عبدالغفور تنتهي من تصوير مشاهدها في "سوق الجمعة"

GMT 02:04 2017 الثلاثاء ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

دراسة حديثة تكشف تأثير انقراض الديناصورات على الثدييات

GMT 09:49 2017 الإثنين ,02 تشرين الأول / أكتوبر

20 معلومة مهمة عن سيارة "تسلا إكس" الكهربائية

GMT 06:30 2015 الثلاثاء ,16 حزيران / يونيو

حفل زفاف جماعي لـ250 مقاتلًا من الحشد الشعبي العراقي

GMT 21:34 2014 الخميس ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

غادة عبد الرازق بطلة فيلم خالد يوسف الجديد

GMT 21:37 2015 الخميس ,24 كانون الأول / ديسمبر

البرازيلي برونو لوبيز ينضم لنادي "هجر" رسميًا

GMT 07:47 2021 الأحد ,21 شباط / فبراير

أبرز إطلالات اللبنانية جيسي عبدو للفتيات
 
Iraqtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Iraqtoday Iraqtoday Iraqtoday Iraqtoday
iraqtoday iraqtoday iraqtoday
iraqtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
iraq, iraq, iraq