الفيروس المعولم يصيب العولمة في مقتل

الفيروس المعولم" يصيب العولمة في مقتل

الفيروس المعولم" يصيب العولمة في مقتل

 العراق اليوم -

الفيروس المعولم يصيب العولمة في مقتل

بقلم : عريب الرنتاوي
بقلم : عريب الرنتاوي

لم تبق سوى حفنة من الدول التي يضربها فيروس "كورونا" بعد ... أعداد متزايدة من الدول تضرب أطواق العزلة حول حدودها، بعضها تقطعت أوصاله الداخلية، وبات الانتقال من مدينة إلى أخرى، ومن حي إلى آخر، محظور تماماً ... التكتلات الدولية تتعرض للاهتزاز، والبحث عن "النجاة الوطنية" بات أولوية الدولة الوطنية، حتى وإن أودى ذلك بالتزاماتها التعاقدية... "القرية الكونية الصغيرة" باتت إرثاً من الماضي ... "فيروس كورونا"، آخر نتاجات العولمة، يبدو أنه سيوجه ضربة نجلاء للعولمة ذاتها.
 
والحقيقة أن البشرية ضُربت بهذا الفيروس، بعد سنوات من انحسار رياح "العولمة" ... "الحمائية"، "الانغلاقية"، "الانكفائية"، وسياسة بناء الجدران العازلة، أصبحت من ظواهر عالمنا الجديد في السنوات الفائتة ... الدول المؤسسة للسوق العالمي الواحد والتجارة الحرة، هي ذاتها، أول من شرع في فرض القيود والتعرفات واستخدام الأدوات الضريبية والجمركية لحماية انتاجها ... هي ذاتها الدول التي فعّلت كما لم يحدث من قبل في التاريخ، "سلاح العقوبات" بوصفه أداةالفيروس المعولم" يصيب العولمة في مقتل موازين تجارتها الخارجية.
 
"المواطن المعولم" الذي يرتدي الملابس ذاتها، ويأكل الطعام ذاته، ويحتسي الشراب ذاته، ويدخن السجائر ذاتها، ويستخدم الهواتف والأجهزة التي تُصنعها حفنة من الشركات ذاتها، بدأ يرتد إلى هويّاته الثانوية... نزعات انفصالية تجتاح دولاً ظننا أن وحدتها أصلب من الفولاذ ( أسبانيا، بريطانيا مثالاً) ... الانسحاب من تكتلات دولية (بريكسيت) والتنصل من معاهدات دولية "إدارة ترامب وتنصلها من العديد منها) ... صعود اليمين الشعوبي، البعض يسميه عودة النزعات الوطنية والقومية للدول الرأسمالية الكبرى ... تنامي العنصرية ضد المهاجرين والوافدين الجدد واللاجئين والمهاجرين ... جميعها ظواهر سبق وأن تفشت في مجتمعات عديدة، قبل أن يداهمنا الفيروس الخبيء والخبيث.
 
"الأنانية الشوفينية" بدل "التضامن الأممي"، تحل كقاعدة حاكمة في العلاقات الدولية ... تجربة تَخَلي الاتحاد الأوروبي والغرب الرأسمالي عن إيطاليا في محنتها غير المسبوقة منذ الحرب العالمية الثانية، تنهض مثالاً على ما نقول ... وحدها الصين، بلد المنشأ للفيروس اللعين (من دون اتهام أو عنصرية)، هبّت لنجدة "الطليان" ... كل أمة "تقلّع شوكها بيديها"، هذه هي القاعدة الناظمةللتعاون الدولي في زمن كورونا.
 
سعي إدارة ترامب للاستحواذ على اللقاح الألماني، للحفاظ على تفوق "الرجل الأمريكي الأبيض"، واحتكار سوق الدواء العالمي، واستخدامه كسلاح في حروبها مع خصومها الكثر، عبّر بشكل مؤسف ومقلق، عن انحطاط قيم التضامن والتعاون الدوليين وأظهر الجشع بأكثر صوره بشاعة في زمن الكارثة.
 
الفئات الأكثر ضعفاً وتهميشاً، تتصدر لائحة أكثر المتضررين من جائحة كورونا ... ما من دولة غربية إلا وضربت قيوداً على دخول اللاجئين وخروجهم، وأطواقاً حول مخيماتهم ومعازلهم، حتى في لبنان، البلد الذي يكاد يشهر فشله وإفلاسه، لم يتخل البعض من أبنائه عن "عنصريتهم" الفجّة ... سمير جعجع يطلب فرض أطواق العزلة والحصار على بقايا الفلسطينيين في مخيماتهم وحول مخيمات اللجوء السوري، لكأنها مناطق مصابة بالجرب أو الجذام، علماً بأن لائحة المصابين بكورونا في لبنان، لم تزدحم بالسوريين والفلسطينيين.
 
أما بعد انجلاء غبار الكارثة، فإن من المتوقع أن يشتد هبوب الريح المناهضة للعولمة ... من المنتظر أن يعزز اليمين القومي والشوفيني من نفوذه وتأثيره ... من المرجح أن ينكفأ مزيد من الدول على "دواخلها" ... ليست مستبعداً أن يكون شعار المرحلة المقبلة "من بعدي الطوفان"، سيما وأن انفجار إعصار كورونا، يتزامن مع دخول الاقتصاد العالمي رسمياً في مرحلة ركود، وانهيار أسعار النفط.

arabstoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الفيروس المعولم يصيب العولمة في مقتل الفيروس المعولم يصيب العولمة في مقتل



GMT 14:04 2021 السبت ,06 شباط / فبراير

ذهبت ولن تعود

GMT 11:55 2021 السبت ,06 شباط / فبراير

من شعر الكميت بن زيد والأعشى

GMT 07:10 2021 السبت ,06 شباط / فبراير

قتلوه... قتلوه... قتلوه لقمان محسن سليم شهيداً

GMT 22:33 2021 الخميس ,04 شباط / فبراير

كيم وكيا، فوردو وديمونا، نافالني وفاونسا؟

أبرز إطلالات شتوية رائعة من وحي هايلي بيبر

واشنطن - العراق اليوم

GMT 18:47 2021 الأربعاء ,27 كانون الثاني / يناير

ديكورات حمامات تتباهى بجاذبية اللون الأسود تعرف عليها

GMT 22:39 2019 الخميس ,11 إبريل / نيسان

انتشار سريع ومثمر في جميع الأصعدة

GMT 11:52 2019 الخميس ,24 كانون الثاني / يناير

"الزمالك" يأمل في تحقيق البطولة الغائبة أمام "بيراميدز"

GMT 14:44 2018 الخميس ,20 كانون الأول / ديسمبر

فيريرو يؤمن بقدرة زفيريف على التطور في الجراند سلام

GMT 23:34 2018 الإثنين ,15 تشرين الأول / أكتوبر

شيبة يكشف عن عمل غنائي مشترك مع إيهاب توفيق

GMT 06:56 2018 الجمعة ,05 تشرين الأول / أكتوبر

تعرفي على أبرز صيحات ألوان حقائب ربيع 2019

GMT 10:38 2018 الثلاثاء ,25 أيلول / سبتمبر

"جوجل" تضيف موجز أخبار إلى الصفحة الرئيسية للجوال

GMT 13:44 2018 السبت ,30 حزيران / يونيو

ضبط 7 كيلوغرامات من "الكيف" في غليزان و الوادي

GMT 19:00 2013 الخميس ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

حفل تأبين للشاعر رضا رجب في المركز الثقافي في مصياف

GMT 04:13 2017 الأربعاء ,11 كانون الثاني / يناير

هند حسين تعلن تصميمها لمكملات أناقة من الجلد الطبيعي
 
Iraqtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Iraqtoday Iraqtoday Iraqtoday Iraqtoday
iraqtoday iraqtoday iraqtoday
iraqtoday
Pearl Bldg.4th floor
4931 Pierre Gemayel Chorniche,Achrafieh
Beirut- Lebanon
iraq, iraq, iraq