كورونا والعلوم السياسية

كورونا و"العلوم السياسية"

كورونا و"العلوم السياسية"

 العراق اليوم -

كورونا والعلوم السياسية

بقلم : عريب الرنتاوي
بقلم : عريب الرنتاوي

مثلما داهم فيروس كورونا "العولمة" في لحظة ترنح، فإنه يداهم "الديمقراطية الليبرالية" في وضع مشابه ... منذ سنوات، والمفكرون والخبراء يتناولون مأزق الديمقراطية الغربية، "الليبرالية الجديدة" بخاصة، مع تركيز استثنائي على الظاهرات المخيفة التي انتجتها التجربة في عدد من الدول، ليس ترامب في الولايات المتحدة وجونسون في المملكة المتحدة، سوى نموذجين عنها، فيما ينهض الصعود غير المسبوق لقوى اليمين المتطرف، الشعبوي، العنصري، بوصفه تعبيراً عن المأزق العالمي للديمقراطية.
 
وجاءت الانتكاسات المتلاحقة، لمسارات الانتقال الديمقراطي في منطقتنا العربية، بعد اندلاع أولى موجات الربيع لتضيف إلى مخاوف الباحثين والخبراء، مخاوف إضافية ... سيما بعد انتقال عدوى النكوص عن الاختيار الديمقراطي، ولأسباب عديدة، وفي سياقات مختلفة، دولاً كبرى في آسيا وأمريكا اللاتينية (الهند والبرازيل وغيرها)، تزامناً مع صعود الأدوار الإقليمية والدولية، لدول غير ديمقراطية (روسيا والصين).
 
خلال السنوات السبع العجاف الأخيرة، التي صاحبت وأعقبت اندلاع حريق الإرهاب، وتفاقم موجات الهجرة واللجوء، انتقل مركز اهتمام دول غربية عديدة، من "نشر الديمقراطية" و"احترام حقوق الانسان"، إلى محاربة الإرهاب واحتواء موجات اللجوء ووقف زحف اللاجئين ... وأصبحت قضايا "الأمن والاستقرار" تحتل مكانة متقدمة على موضوعات الديمقراطية وحقوق الإنسان على جدول أعمال دول غربية عديدة، الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة بشكل خاص ... وأفضى صعود "داعش" و"خلافته الإسلامية" إلى محو كل الخلاصات والدروس التي ترتبت على أحداث الحادي عشر من سبتمبر، وفي القلب منها: "أن أنظمة الجنرالات والسلالات التي دعمها الغرب لسنوات وعقود طويلة، كانت المنبع الذي لا ينضب لموجات التطرف العنيف" ... "عادت ريما لعاداتها القديمة"، وعاودت عواصم غربية عديدة، توثيق تحالفها مع أنظمة الفساد والاستبداد على امتداد خريطة العالم، طالما كان ذلك في خدمة أولوياتها الفورية الضاغطة.
 
اليوم، يتلقى النموذج الديمقراطي، غير المثالي وإن كان الأرقى الذي اخترعته البشرية حتى الآن... اليوم، يتلقى هذا النموذج طعنة نجلاء بدوره ... أنظمة الديمقراطية – الاجتماعية، لم تثبت أنها "أكثر إنسانية" فحسب، بل وأظهرت أنها أكثر كفاءة في التعامل مع جائحة كورونا وأكثر قدرة على استيعاب تداعياتها الاقتصادية والاجتماعية والصحية، من أنظمة "الديمقراطية الليبرالية" ... اليوم، تبدو المطالبة بعدم تخلي الدولة أو استقالتها من وظائفها الاجتماعية والاقتصادية، أكثر شعبية وأكثر إلحاحاً من أي وقت مضى.
 
أكثر من مليار نسمة على سطح الكوكب يعيشون تحت وطأة قوانين الدفاع والطوارئ والأحكام العرفية، وغالباً برضى شعبي تام، بل وكنتيجة لمطالب مدعومة جماهيرياً ... اليوم تظهر الدولة بمؤسساتها المختلفة، بوصفها "الملاذ الأخير" للمواطن الذي يبحث عن الأمن والحماية والرعاية... اليوم، تُختبر قدرة مؤسسات المجتمع المدني على القيام ببعض من وظائفها، وليس ثمة ما يشي بأنها نجحت في اجتياز هذا الاختبار، مع فارق بالطبع، بين دولة ودولة، وتجربة وأخرى.
 
كورونا، ليس جائحة صحيّة – وبائية فحسب، كورونا سيكون “Game Changer”، لكثير من المفاهيم والنظريات المتصلة بنظريات السلطة والدولة والمجتمع المدني وأنظمة الحكم ... كورونا سيجبرنا على مراجعة الكثير من مسلماتنا وفرضياتنا ... كورونا سيهز أركان نظريات "النظم السياسية" مثلما سيهز "النظام العالمي" الذي داهمه الفيروس في لحظة انتقال كذلك، بين قديم -نظام القطب الواحد- يأبى الزوال، وجديد "التعددية القطبية" يكابد للحضور ... بعد كورونا، سنشهد تغيرات جوهرية في "معادلات القوة" وتوازناتها وفي موقع ومكانة الأطراف الدولية الفاعلة، وليس غريباً أن تكون الصين، موطن كورونا الأول، هي الرابح الأكبر بفعل الانتشار الكوني – الوبائي لهذا الفيروس الخبيء والخبيث.

arabstoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

كورونا والعلوم السياسية كورونا والعلوم السياسية



GMT 14:04 2021 السبت ,06 شباط / فبراير

ذهبت ولن تعود

GMT 11:55 2021 السبت ,06 شباط / فبراير

من شعر الكميت بن زيد والأعشى

GMT 07:10 2021 السبت ,06 شباط / فبراير

قتلوه... قتلوه... قتلوه لقمان محسن سليم شهيداً

GMT 22:33 2021 الخميس ,04 شباط / فبراير

كيم وكيا، فوردو وديمونا، نافالني وفاونسا؟

أبرز إطلالات شتوية رائعة من وحي هايلي بيبر

واشنطن - العراق اليوم

GMT 23:12 2020 الأربعاء ,02 كانون الأول / ديسمبر

ينعشك هذا اليوم ويجعلك مقبلاً على الحياة

GMT 01:29 2017 الأربعاء ,25 تشرين الأول / أكتوبر

حسن الرداد يجسد شخصية وكيل نيابة في "كارما"

GMT 14:23 2020 الثلاثاء ,01 أيلول / سبتمبر

معلومات عن نوع نبات فريد بمحمية عجلون في الأردن

GMT 17:17 2019 الثلاثاء ,26 شباط / فبراير

الكرواتي زوران يخطف جائزة أفضل مدرب

GMT 18:56 2019 الثلاثاء ,22 كانون الثاني / يناير

أبطال فيلم "نادي الرجال السري" يحتفلون بالعرض الخاص

GMT 22:18 2018 السبت ,15 كانون الأول / ديسمبر

محمد فراج ينتهي من تصوير فيلم "الممر" خلال أيام

GMT 12:23 2018 السبت ,15 أيلول / سبتمبر

حبل الكذب قصير

GMT 12:46 2018 الخميس ,02 آب / أغسطس

كيف هو مشهدنا الرياضي؟

GMT 02:16 2018 الثلاثاء ,03 تموز / يوليو

سعر الريال السعودي مقابل جنيه سوداني الثلاثاء

GMT 13:13 2018 الأربعاء ,27 حزيران / يونيو

دمشق تقدم توضيحات حول قانون يمس مستقبل العقارات

GMT 13:57 2018 الأحد ,22 إبريل / نيسان

حوّلي شرفة المنزل الى أجمل غرفة معيشة

GMT 04:34 2018 الإثنين ,02 إبريل / نيسان

طارق لطفي يعود للسينما بعد غياب بفيلم "122"

GMT 13:44 2018 الإثنين ,19 آذار/ مارس

المصارع بوبي لاشلي يقترب من العودة إلى "WWE"

GMT 18:12 2018 الإثنين ,15 كانون الثاني / يناير

"نسختك أصبحت قديمة" مشكلة جديدة تواجه مستخدمى واتس آب
 
Iraqtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Iraqtoday Iraqtoday Iraqtoday Iraqtoday
iraqtoday iraqtoday iraqtoday
iraqtoday
Pearl Bldg.4th floor
4931 Pierre Gemayel Chorniche,Achrafieh
Beirut- Lebanon
iraq, iraq, iraq