مخاوف مشروعة

مخاوف مشروعة

مخاوف مشروعة

 العراق اليوم -

مخاوف مشروعة

عريب الرنتاوي
بقلم : عريب الرنتاوي

لا تكمن أهمية القرار بمدّ ولاية المحكمة الجنائية إلى الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1967، وما يمكن أن يوفره من فرص لمطاردة مجرمي الحرب ومنتهكي حقوق الانسان من سياسيين وعسكريين إسرائيليين فحسب، بل وفي كون القرار يُرسم كذلك، حدود الدولة الفلسطينية مشتملة على الضفة الغربية وقطاع غزة، والقدس...بهذا المعنى، يشكل القرار بحد ذاته، صفعة لمشاريع الاستيطان والضم وفلسفة «صفقة القرن» والحلول المجتزأة.

 

لكن المفارقة، أن القرار بما يستبطن من حمولات إيجابية ومفرحة للفلسطينيين، كانت مبعث قلق لحكومة نتنياهو وقادة جيشه وأجهزة استخباراته وأمنه، سيكون في المرحلة المقبلة، عرضة للمساومات والمقايضات، في «سوق نخاسةٍ» يُسمى ديبلوماسياً، مسار المفاوضات المفضي لـ»حل الدولتين»، مع أن القرار في مبناه ومعناه، يفتح الباب رحباً لهذا الحل، ورسم مبدئياً، حدود «الدولتين»، لو صدقت النوايا و»انعدلت موازين العدالة».

 

سيُطلب إلى السلطة عدم اللجوء إلى المحكمة لمحاسبة مرتكبي الجرائم في غزة والضفة والقدس من الإسرائيليين، امتداداً لموقف أمريكي، ناهض عضوية فلسطين فيها، وتوقعيها ميثاق روما المنشئ لها...ولسنا نستبعد أن تكون المساعدات الأمريكية، بعضها أو جُلّها، مشروطة بقبول هذا الطلب، الإسرائيلي في جوهره... لسنا نستبعد أن تكون الخطوات التي وعدت إدارة بادين الفلسطينيين باتخاذها، من نوع فتح ممثلية المنظمة في واشنطن أو القنصلية الأمريكية في القدس الشرقية، مشروطة بدورها بتعهدات فلسطينية صارمة، بعدم تفعيل خيار ملاحقة الجناة والمرتكبين من جنرالات الاحتلال وسياسييه ومستوطنيه.

 

وفي «بازار الأوهام» حول «فرصة بايدن»، و»الفرصة الأخيرة لحل الدولتين»، وعملاً بنظرية «تسهيل مهمة بايدن وفريقه»، و»الامتناع عن اتخاذ خطوات أحادية الجانب»، و»تعكير مناخات التفاؤل بمقدم الإدارة الجديدة»، في هذه الظروف والسياقات، ليس مستبعداً أبداً، أن تتطوع أطراف عربية ودولية لإقناع الفلسطينيين أو الضغط عليهم لتجنب تفعيل «خيار لاهاي»، وليس مستبعداً أن تستجيب السلطة لهذه المحاولات، طالما أنها ذاتها، تشاطر أشقاءها من القادة العرب، الأوهام والرهانات ذاتها، والنابعة في الأصل، من «انعدام الخيارات» أو «العجز» عن اجتراحها وشق الطرق أمامها.

 

ما حصل في لاهاي، خطوة كبيرة للأمام، ومن يريد التعرف على حجم هذا المنجز الفلسطيني، عليه أن يقيس مستوى تدفق «الأدرينالين» في عروق نتنياهو وقادته الأمنيين والعسكريين فقط...من أراد التعرف على أهمية هذا الاختراق، عليه تتبع الخطط المضادة التي يعكف «الكابينت الأمني المصغر» على إعدادها، لمواجهة هذا التحدي، وهي خطط ما زلنا نجهل الجانب الخبيء والخبيث منها، بما تشتمل عليه من اتصالات عبر القنوات الخلفية المغلقة، وما قد تفضي إليه من تعهدات والتزامات.

 

لقد قاومت القيادة الفلسطينية ضغوطاً مماثلة من قبل، وانضمت إلى ميثاق روما، وقاومت صفقة القرن، وثبت أنها كانت على صواب، ومن نصحها بالتكيف والتناغم معها، كان على خطأ...والمأمول في مناخات «الإصلاح والمصالحة» للسلطة والمنظمة، أن تكون قدرتها على مقاومة ما ينتظرها من ضغوط، أعلى من أي مرحلة سبقت، وأن تفعل ما اعتاد الإسرائيليون فعله دوماً، لا أكثر ولا أقل، هم يفاوضون ويتوسعون في الاستيطان، ونحن نفاوض، ونحشد جيوشاً من المحامين الأكفاء، لمطاردة القتلة ومنتهكي حقوق الانسان...وقد آن الأوان، للإدارة الأمريكية، ومن خلفها المجتمع الدولي، أن تدرك بأن منظومة حقوق الانسان، ستظل ناقصة و»مشروخة»، طالما ظلت ممنوعة من اجتياز الحواجز الإسرائيلية المدججة بالسلاح والكراهية، والمسيّجة بـ»الفيتو» الأمريكي الأعمى.

arabstoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

مخاوف مشروعة مخاوف مشروعة



GMT 20:24 2021 الأحد ,21 شباط / فبراير

حزب الله والارتياب والتدويل

GMT 22:45 2021 الخميس ,18 شباط / فبراير

عن دلالات «واقعة أربيل» وتداعياتها

GMT 22:43 2021 الخميس ,18 شباط / فبراير

المنسي في وادي الملوك

GMT 10:32 2021 الخميس ,18 شباط / فبراير

تكاملُ اللامركزيّةِ والتدويل في لبنان

أبرز إطلالات شتوية رائعة من وحي هايلي بيبر

واشنطن - العراق اليوم

GMT 21:16 2021 الأربعاء ,06 كانون الثاني / يناير

يحاول أحد الزملاء أن يوقعك في مؤامرة خطيرة

GMT 01:23 2018 السبت ,16 حزيران / يونيو

عطر "L’EXTASECARESSE DE ROSES"لمزيد من النعومة والأنوثة

GMT 05:21 2013 الإثنين ,18 شباط / فبراير

هاتف جوال شفاف يطرح في نهاية 2013

GMT 22:24 2017 الإثنين ,11 كانون الأول / ديسمبر

مي عز الدين تتعاون مع مصمم الأزياء مايكل سينكو

GMT 00:27 2017 الإثنين ,30 تشرين الأول / أكتوبر

ريهام عبدالغفور تعلن أن "سوق الجمعة" أعادها للسينما

GMT 00:48 2017 الإثنين ,23 تشرين الأول / أكتوبر

ألوان مبهرة ولمسات شرقية في قصر المغنية العالمية كاتي بيري

GMT 11:18 2021 الخميس ,14 كانون الثاني / يناير

زلزال بقوة 4.2 درجة يضرب ولاية «أسام» الهندية

GMT 14:17 2020 الخميس ,16 إبريل / نيسان

بريشة : علي خليل

GMT 02:57 2018 الخميس ,26 تموز / يوليو

مجوهرات"Pomellato" تطلق مجموعتها الثمينة الجديدة

GMT 06:03 2018 الجمعة ,22 حزيران / يونيو

أستون مارتن دي بي 5 تُعرض للبيع في مزاد جودوود

GMT 02:35 2018 الخميس ,21 حزيران / يونيو

أهمّ وأبرز تعاقدات النجوم لشهر رمضان عام 2019
 
Iraqtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Iraqtoday Iraqtoday Iraqtoday Iraqtoday
iraqtoday iraqtoday iraqtoday
iraqtoday
Pearl Bldg.4th floor
4931 Pierre Gemayel Chorniche,Achrafieh
Beirut- Lebanon
iraq, iraq, iraq