تزداد دوائر الأزمة يوماً بعد يوم على الرئيس الأمريكى دونالد ترامب، ويُتوقع أن تكون المائة يوم المقبلة من الأقسى والأسوأ والأكثر إضعافاً له.
وتؤكد المصادر المطلعة على شئون البيت الأبيض أن الرئيس -شخصياً- قد دخل دائرة الخطر على مكانته، وشعبيته، وسلطته، وعلاقته بأجهزة الدولة السيادية.
ويمكن تحديد ملفات الضغط على ترامب على النحو التالى:
أولاً: اقتراب صدور تقرير المحقق المستقل «موللر» حول حقيقة علاقة ترامب وحملته قبيل الرئاسة بالسلطات والأجهزة والأموال الروسية.
وفى هذا المجال نشرت صحيفتا «النيويورك تايمز» و«الواشنطن»، أمس الأول، تقارير صريحة وخطيرة تؤكد فيها أن تقرير «موللر» وتحقيقاته كشفت عن تورط ترامب وأسرته فى علاقات مشبوهة مع السلطات الروسية، وأن ترامب -شخصياً- «تحت سيطرة» الأجهزة الروسية.
وتتحدث التقارير الصحفية عن اتهام ترامب بأنه طلب من المترجم الخاص بالبيت الأبيض ألا يُطلع أياً من مساعدى الرئيس على فحوى ونص اللقاءات الخمسة التى تمت بينه وبين بوتين وجهاً لوجه منذ توليه الرئاسة.
ويُعتبر هذا الإجراء مخالفاً لقواعد البيت الأبيض والأعراف السائدة فى التعامل والتسجيل والشفافية فى لقاءات الرئيس الأمريكى مع أى من الزعامات الأجنبية.
ثانياً: أزمة ما يسمى «الحائط المسدود» فى اعتماد الموازنة العامة، مما يؤدى إلى تجميدها وتوقف صرف الحكومة أياً من الرواتب والأجور والاعتمادات حينما تصل العلاقة بين الرئيس (السلطة التنفيذية) والكونجرس (السلطة التشريعية) إلى خلاف حول رصد اعتماد ما أو تخفيض بند ما، وما يعانيه الآن مئات الآلاف من موظفى الحكومة الفيدرالية الذين لم يحصلوا على رواتبهم ويقفون الآن فى طوابير الضمان الاجتماعى طلباً لقروض «الفقراء والمحتاجين».
هذه الأزمة ترجع إلى رفض الحزب الديمقراطى الموافقة على بند صرف 5٫6 مليار دولار طلبها الرئيس لبناء الحائط الفاصل على الحدود مع المكسيك.
ثالثاً: حالة الصدام الدائمة بين الرئيس وأجهزته، بدءاً من البيت الأبيض إلى وزارة العدل إلى هيئة الاحتياطى الفيدرالى «البنك المركزى» إلى المباحث الفيدرالية إلى هيئة الاستخبارات، وصولاً إلى وزارة الدفاع وهيئة الأركان المشتركة.
هذه الخلافات الشخصية لها علاقة بطبيعة مزاج وأسلوب ترامب المتقلب والفجائى الذى ينتقل من النقيض إلى النقيض، مما أدى إلى حدوث أكبر عدد من الاستقالات والإقالات لأى رئيس أمريكى فى أول عامين من حكمه.
رابعاً: حالة الصراع الحادة التى يفرضها ترامب على حلفائه وأعدائه من الدول الأجنبية على حد سواء.
دخل الرجل صراعات مع الصين واليابان وكوريا الجنوبية والمكسيك وكندا وألمانيا وبريطانيا.
وفى ذات الوقت أحدث شروخاً مع حلفاء تقليديين مثل فرنسا والسعودية وحلف الأطلنطى والأمم المتحدة واليونيسكو ومؤتمر البيئة العالمى ومنظمة الأوبك والأونروا.
خامساً: دخول ترامب فى معارك عقوبات تجارية على جبهات عدة، تبدأ من الصين إلى إيران، ومن الاتحاد الأوروبى إلى تركيا التى هددها، بالأمس فقط، بالدمار المالى.
سادساً: عدم وجود استراتيجية واضحة وسليمة بالنسبة للوجود العسكرى فى أماكن مؤثرة مثل العراق وسوريا وأفغانستان.
هذا كله أدى -ولأول مرة منذ توليه الرئاسة- إلى ارتفاع معدل مقياس عدم الرضا الشعبى الداخلى عن أداء الرئيس لمهامه إلى نسبة 57٪، بارتفاع 5٪ فى الشهر الأخير، مما يعكس بدء حالة تململ فى الرأى العام.
ولا يخفى أن السند الرئيسى للرئيس هو دعم أركان حزبه الجمهورى له، ودعم القاعدة الشعبوية من جمهوره التقليدى الذى يتأرجح فى معدل الرضا بين 35٪ و40٪.
فى ذات الوقت تأتى تقارير مقلقة بأن الاقتصاد الأمريكى الذى يحمل عناصر قوة متزايدة منذ تولى ترامب للسلطة قد يتأثر سلباً فى النصف الثانى من العام 2019، مما قد يلقى آثاره السلبية على أسواق المال وسوق العقارات وتجارة الجملة ومعدلات الاستهلاك الفردى.
ذلك كله يجعل العام 2019، وأول مائة يوم فيه شديدة الصعوبة، ومهددة بقوة لمكانته، وحتى استمراره.